المواطن والمرحلة الحاسمة
لم تَنتظِر المملكة العربية السعودية العالَم ليدق ناقوس الخطر ضد الجائحة كورونا، بل اتخذت من الإجراءات التي كانت تُرى بأنها زائدة؛ لتُثبت الأيام أنها كانت استباقية وبامتياز.
مَنعت السفر قبل غيرها، قننت التجول قبل الكثير، ألزمت بالحجر المنزلي كإجراء احترازي. لنَرَى بعدها كم فتك الفيروس بمن لم يتخذ مثل تلك الإجراءات.. فعّلت القنوات الإلكترونية في زمن قياسي، لتضرب أروع الأمثلة بالمرونة، والتعامل مع الحدث؛ حرصًا على صحة أبنائنا، حولت التعليم من الطريقة التقليدية إلى التعليم عن بعد... فعّلت قنوات التواصل الإلكتروني للدوائر الحكومية، وفي زمن قياسي أيضًا.
أوقفت كل الأنشطة المسهمة في نشر الفيروس، مثل التجمعات الرياضية، والثقافية، بل حتى الاجتماعية منها... وبعدها جاءت النتائج لتُبيّن أن المخالطة هي السبب الأكبر خلف ازدياد حالات التعرض للفيروس.
تحملت أعباء اقتصادية حينما تَملَّصت منها دول- تتغنى بحقوق الإنسان، ابتداءً من تغطية تكاليف إسكان الموجودين خارج الوطن في أرقى الفنادق، ومرورًا بإعادتهم بطائرات خاصة، بعد جهود دبلوماسية تُنبئ عن وزن لا يستهان به، ليجد في استقباله ما يشبه المنتجع، حرصًا على صحته وأسرته أولًا ثم مجتمعه. وكذاك دعم القطاع الخاص بمبالغ فلكية، لم تفعلها دولة على الإطلاق... والتكفل والإسهامات فيما يخص المرتبات ووووو.
قامت بمراقبة أسعار السلع، وتوفّر المنتجات الطبية، والضرب بيدٍ من حديد على كل من يتلاعب بها... ضمنت توفر المواد الغذائية بكميات تكفي للتصدير الخارجي... كل ذلك لتقول للمواطن أنا هنا فلا تَخف. الحياة هنا حياة طبيعة، وكأننا لا نخوض حروبًا مع الفيروسات بأنواعها، وهذه من نعم الله على هذا الوطن.
بعد أن تمّ التعرف أكثر على طبيعة عمل الفيروس، وطرق انتشاره، وأفضل الممارسات لمكافحته رأت الدولة إعادة الحياة الطبيعية بشكل تدريجي لبعض الأنشطة، ورفع الحظر الكلي عن بعض المدن والأحياء.
وهنا لي وقفة مع كل مواطن مخلص، وعاقل يعي خطورة المرحلة، لأُذكّره بأنّ عليه الالتزام التام بكل التوجيهات، مثل احترام ساعات الحظر، وتجنب التجمعات، وتطبق الاحتياطات المنصوح بها، وتجنيب الأطفال دخول الأسواق، وتأجيل المناسبات الاجتماعية إلخ. ولا أرى أنّ مخالفة تلك التوجيهات سوى خيانة واستهتار، وجريمة بحق النفس والمجتمع والدولة ككل.
لطالما راهن الوطن على وعي والتزام المواطن فكسب الرهان، وسنكسب هذا الرهان أيضًا.