العُقد السعودية - الفرنسية الأربع

دائما ما تنجح العلاقات السعودية – الفرنسية في قفز حواجز التحديات والمشكلات في القضايا المختلفة وخصوصا المتعلقة بالمنطقة العربية؛ ما يجعل هذه العلاقة مميزة، ويجعل باريس والرياض على وفاق مستمر وتقاطع في المصالح المشتركة، وهذا يدفع التشاركية بين البلدين إلى ازدهار التنمية واستدامة الصداقة المتميزة بين البلدين الصديقين.

وتأتي زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعاصمة الفرنسية باريس حاليا لحضور القمة الفرنسية للتحالف المالي والعالم الجديد كامتداد للدور القيادي السعودي ودورها المؤثر عالميا، كما يؤكد متانة العلاقات السعودية- الفرنسية منذ عشرات السنوات، بالإضافة إلى تبادل تجاري بلغ أكثر من سبعة مليارات دولار وخصوصا في مجال التسلح والاقتصاد، كما سيشارك ولي العهد في حفل استقبال المملكة الرسمي لترشح الرياض لاستضافة إكسبو ٢٠٣٠ المقرر عقده في باريس يوم ١ ذي الحجة ١٤٤٤هـ.

ولعل التقاطعات الأربع في العلاقات السعودية – الفرنسية بالإضافة للملف السوداني تؤكد الأدوار السعودية- الفرنسية وخصوصا فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، والحالة اللبنانية الراهنة والقضية السورية، والحرب الروسية الأوكرانية مما يجعل تبادل الأدوار بين الرياض وباريس أمرا لا بد منه لحصول على الفائدة وتمتين العلاقة ولعب دور أكبر من أجل إحلال السلام والأمن وخصوصا بعد انقضاء ما يسمى بـ "الربيع العربي" والذي أدخل بعض دول المنطقة في حالة من التيه.

أما فيما يتعلق بالقضايا النووية، فالسعودية قد صرحت سابقا بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي حتى تنتج إيران قنبلتها النووية الأولى وعلى الغرب اتخاذ مواقف جادة للحيلولة دون حصول طهران على ذلك، بالإضافة إلى إشراك المملكة ودول الخليج في ٥+١ لطمأنه سكان منطقة الخليج، بيد أن الرياض في الوقت الحاضر تسعى إلى البدء في تطوير برنامج نووي سلمي لأغراض مدنية، وبالتالي فمساعدة بعض الدول مثل فرنسا مهمة سواء فيما يتعلق بكبح الجانب الإيراني أو تطوير الصناعة السعودية النووية.

وتبرز إحدى العقد المهمة الحالة اللبنانية الراهنة، حيث يسيطر سلاح حزب الله اللبناني على قرار الدولة، وتدخله في الحالة السورية بدعم واضح وجلي من طهران؛ لذا لا بد من إصلاحات سياسية كأحد المطالب سوآء للسعودية أو لدول العالم وذلك لتحقيق الأمن والازدهار للبنان وأخذه بعيدا عن التدخلات الخارجية وعودة القرار للشارع اللبناني بعيدا عن سلاح حزب الله، حيث تمتلك المملكة تأثيرا واسعا على بعض المكونات اللبنانية مما يجعل المشاورات السعودية الفرنسية مهمة في سبيل الوصول لقرار يعيد للبنانيين حياة آمنة وبلدا مزدهرا.

وفيما يتعلق بالحالة السورية فقد تحركت المملكة في سبيل عودة دمشق إلى الحاضنة العربية، بل ودعت بشار الأسد لزيارة المملكة لحضور القمة العربية مؤخرا، ولأجل اكتمال الصورة فإن الاستعانة بالأصدقاء الفرنسيين سيسرع من وحدة سوريا واكتمال سيطرة الدولة على السلاح والقضاء على الميليشيات والعودة بالدولة السورية للحاضنة العربية ولعب دور أكبر في ازدهار المنطقة.

أما فيما يتعلق بالعقدة الأخيرة، فإن الغرب يثق بقدرة الرياض على إيقاف الحرب الروسية – الأوكرانية لا سيما وأن ولي العهد قد تدخل شخصيا في تبادل أسرى بين روسيا وعدد من الدول، وصحيح أن هناك علاقة مع روسيا في أوبك+، لكن السعودية تؤكد دورها المهم في أن تتماهى مع القضايا السياسية المختلفة والبحث عن مصالحها، ويبحث الفرنسيون اليوم بحضور ولي العهد عن الدور المأمول وقدرة الرياض على إيقاف الحرب الروسية – الأوكرانية.

أخيرا فإن العقد الأربع المتمثلة في البرنامج النووي الإيراني، والحالة السورية، والقضية اللبنانية بالإضافة للحرب الروسية – الأوكرانية ستكون مطروحة بقوة على طاولة الحوار بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، كما تؤكد هذه المشاورات إيمان قطاع عريض من قيادات العالم في قدرة محمد بن سلمان على إحداث منعطفات إيجابية في القضايا الراهنة وخصوصا المتعلقة بالمنطقة العربية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa