الحاجة للتغيير

الحاجة للتغيير

كل منا له فلسفته الخاصّة بالتغيير وردة الفعل التي تعكس مدى وعيه وحرصه للوصول للأفضل لكن تظل الطبيعة البشرية لها دور كبير في فكرة التقبل من عدمه، فنجد البعض يعيش حالة من التأهّب المستمر لاستقبال التغيير بكل رحابة صدر وروح معنوية عالية؛ لأن لديه قناعة ذاتية بأن هذا التغيير هو الانتقال من وضعه الحالي والذي يسمّى بنظرة الماضي بكل ما فيه من أحداث ووقائع ومشكلات يريد أن يشملها التغيير إلى وضع مستقبلي أفضل يتطلّع له بكل ما يحمله من أحلام وتطلعات وأمنيات والبعض الآخر يخشى التغيير؛ لأنه اعتاد حياة الروتين واستحب العيش في المياه الراكدة بكل ما فيه من عيوب وأخطاء وسطحية إما أنه كان أسير لعالم صنعه لنفسه وحدّد أهدافه وقيّد فيه مواهبه ومهاراته وجعلها حبيسة مخاوفه ووساوسه بل تعدّى الأمر بأن جعله ورثًا يخلفه من بعده، وفي الجانب الآخر من العالم نجد من ينتظر لملهم ما ان يقوده للتغيير ويحدد له مسار وجهته وفي كل الأحوال فإننا نصل لنقطة مهمة أنه مهما كانت نظرتنا للتغيير فإنه يعتبر أيضًا ضرورة حتمية لحياة المجتمعات والتي تنظمها عمل المؤسسات انطلاقًا من مبدأ أن التغيير هو الحقيقة الأهم في الحياة وهي مهارة لا غنى عنها للبناء والاعمار والبقاء لذلك نجد أن المؤسسات الناجحة ليست التي تضم أفرادًا أذكياء أو أقوياء بل الأكثر تقبلًا وتكيفًا مع التغييرات وبلا شك هناك تحديات تواجه عملية , التغيير لعل أهمها نقص ولاء العاملين تجاه المنظمة التي يعملون بها: بسبب أنها لم تكفل لهم مبدأ العدل والمساواة؛ ما يجعلهم يعملون في بيئة غير آمنة لا تضمن لهم حقوقهم ولاتدفعهم للعمل والإنجاز، وقد يكون أيضًا نقص التحفيز والتشجيع للعاملين؛ ما يخلق أجواء عمل يسودها الإحباط وقلة الدافعية وعدم الرضا الوظيفي مما تساهم من الإقلال من فرص التغيير وللتغلب على تلك المعوقات يتطلب من المدير أن يمتلك مهارات عدة من ضمنها التخطيط وهي مهارة اساسية في ادارة التغيير؛ حيث إن التخطيط هو عملية اتخاذ القرارات التوجيهية لتحديد الوجهة المستقبلية أين نحن الآن؟ أين نريد الوصول؟ وكيف نصل إلى ما نريد؟ وأن يسعى هذا المدير لإيجاد شعور في مؤسسته قائم على حتمية التغيير وخلق اتجاهات إيجابية توافقية نحوه وصنع رؤية واستراتيجية خاصة به وهذا لا يتسنى إلا بوجود فريق عمل مبادر متفاعل يملؤه الرضا وتقوده الدافعية لتبني مرحلة التغيير القادم، وهناك أمر آخر يعتبر في غاية الأهمية وهي قدرة ذلك المدير على إبراز النجاحات الحقيقية لمؤسسته القائمة على احتياجات الميدان ومتطلبات الواقع والتي هي الأحق بالإشادة وبذل الجهود لتحقيقها ولعلّنا في كل مرة نرجع لأثر القيادة الفعّال في استثمار الأفراد والقدرة على التأثير عليهم وجعلهم أكثر تكيف ومواكبة لعمليات التغيير المستمرّة وهذا يتطلب مزيد من الصبر ورباطة الجأش والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة في جميع مراحل التغيير من قبل راعي المؤسسة بدءًا من مرحلة الإذابة والتي تعد أهم مرحلة، وذلك عن طريق نشر ثقافة التغيير بالتركيز على المشكلات والصعوبات التي تعوق تقدمهم في العمل. إلى مرحلة التكيف والتي تستدعي من مدير المؤسسة بناء درجة عالية من الالتزام نحو التغييرات الجديدة وقياس أثرها على الميدان.

إدارة التغيير ضرورة حتمية لحياة أجمل مليئة بالمرونة والمقدرة على التطور والتقدم وهذا ما تشهده مملكتنا الحبيبة على يد قائد التغيير ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله في جميع المجالات وسعيه الحثيث أن يكون المواطن السعودي أكثر مواكبة لجميع التطورات التي تحدث في عالمنا اليوم وأكثر وعيًّا وإدراكًا لها وهذا خير استشهاد على إدارة التغيير يستحق الذكر والإشادة. ولعلنا نتذكر ايضًا خطاب رئيس شركة نوكيا عندما تم بيعها لشركة مايكروسوفت، قائلًا: (لم نعمل شيء خطأ لكن لم نواكب التغيير) عدم مواكبة التغيير لم يجعلها فقط تخسر بل جعلها تختفي من خارطة الشركات الرائدة في عالم الأعمال، ختاما علينا ان نقف مع انفسنا وقفة صادقة في النظر إلى أهمية حدوث التغيير في حياتنا سواء كان في أنماط تفكيرنا أو مواقفنا؛ وتوجهاتنا وأهدافنا أو حتى في علاقاتنا مع ضرورة الإيمان التام بأنه عملية مستمرة ديناميكية لا تقف عند مرحلة معينة أو عمر معين وهذا الأمر يطول صناع القرار بضرورة التحلي بالشجاعة والصبر لاتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات والخطط وتبني انظمة عمل جديدة ومبتكرة تخدم الحاجات وتتوافق مع التطلعات بدءًا من الاساس وبعيدًا عن القشور والانجاز المزيف، وتن يكون هدفه المصلحة العامة يحفظ الحقوق ويحقق العدالة يقرّب المخلص وينفي المتخاذل الأناني يبعد عن الشعارات الرنّانة والظهور الإعلامي المتلوّن يعمل جاهدًا بأن يقود ركبًا من المبدعين لا قطيعًا من المتخاذلين. 

الكاتبة النيرة غلاب المطيري

     ‏‫⁦‪@aln2513

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa