الـمُعلم كورونا
ما لا شك فيهـ أن داء كورونا قد عاث في الأرض فسادًا، وأن له من الآثار السلبية ما لا يمكن إحصاؤه، ولكن هل له من فوائد؟ هل قدَّم العِبر والدروس؟ بكل تأكيد نعم، إذن ما أهم ما قدَّم؟
لو لم يكن لفيروس كورونا إلا إعادة الكثير إلى مخ الدين (الدعاء) لكفى، ولو لم يكن له –أي كورونا– سوى أن يرى العالم ما تقدمه المملكة العربية السعودية لمواطنيها والمقيمين من خدمات، وحمايةً لهم لكفى، لكن مملكة الإنسانية أبتْ إلا أن تعمل على سجيتها حتى مع المخالفين لأنظمة الإقامة، وحمايتهم من أنفسهم والآخرين.
حينما يكون المحك الإنسان، تتصدر مملكة الإنسانية العالم في عالم التضحيات الحقيقية. أين تلك الدول التي تتغنى بشعارات الحرية من هذه الإجراءات والتضحيات؟ أين الدول التي تؤوي كل مغرَرٍ به، وكل من يريد النيل والإساءة للمملكة؟ أين شعارات الحرية؟ وأين حقوق الإنسان؟
هل يوجد من تلك الدول من جعلت الإنسان على رأس قائمة حمايتها؟ أم أن الاقتصاد كان الأول والثاني والثالث؟ هل تعاملت تلك الدول مع رعاياها خارج الحدود، كما فعلت المملكة؟ هل أرسلت الطائرات الخاصة، وأنزلتهم في فنادق ذات نجمات خمس؟ أم أنها شعارات وتصفية حسابات فقط؟ هناك درس أتمنى أن يعيه العالم وهو أن المملكة العربية السعودية هي مملكة الإنسانية بحق.. حقائق لا شعارات.
وَحَّدَ العالم أغلب الإجراءات المتعلقة بالحماية منه، تبادل الخبرات، وأرسل المساعدات قدر المستطاع. هنا نتعلم كيف أن العَداء قد يجمع كما يفعل الولاء. والوحدة ممكنة إذا كانت هناك غاية مشتركة.
الحجر علمنا أن كثيرًا من مصاريفنا ليست رئيسية، وأن كثيرًا من عاداتنا يمكن أن تتغير، وأن كثيرًا من علاقاتنا يجب إعادة تقييمها. وتعلمنا أن الكثير لن يتعلم مهما أُنذر، ومهما شُرعت العقوبات.
تعلمنا أن الفكرة من حفل الزواج الإعلام، وليس التبذير، وأنه لا علاقة بين حجمه وبين إتمام الزواج نفسه؛ فهو مجرد إضافة.
تعلمنا أن المرحلة التالية هي مرحلة تفعيل التقنية، وأن كثيرًا من الأعمال من الممكن أن تُنجَز عن بُعد.
تعلمنا أن المرونة في اتخاذ القرارات سمة التطور.
وأهم ما تعلمناه أن المواطن هو العنصر الفاعل، والمانع لنجاح أي مشروع. بقي أن نتعلم –جميعًا– أن نكون بقدر المسؤولية الموكلة.