في البداية أود أن أعترف بأنني كنت على وشك إضاعة فرصة مهمة في حياتي، بعد عدة سفرات إلى مدينة دبيّ دون زيارة إكسبو 2020. لكن وأخيرًا زرت المعرض قبل أن يغلق بأيام، وخلال الزيارة شكرت الله على أن كفاني شعور الندم والحسرة على تفويت الفرصة، فما رأيته كان شيئًا مذهلًا جمع بين الإمتاع والإفادة. معرض إكسبو 2020 دبيّ كان عبارة عن قرية احتضنت العالم بكل ثقافاته وعلومه وفنونه، قرية تميزت بجمال التصميمات وروعة العمارة، واحترافية التنظيم وإدارة الحشود.
لكن وفي الزيارة، ارتكبت أنا ومن كنت في معيتهم خطأ فادحًا، خطأ أثّر على مجريات الجولة التي شملت زيارة أجنحة عدد من الدول الكبيرة والمهمة في العالم من الناحيتين الاقتصادية والسياسية. كان الخطأ الذي ارتكبناه هو أننا زرنا جناح المملكة العربية السعودية أولاً. جناح استطاع أن يحصد ستة جوائز أهمها "جائزة أفضل جناح في إكسبو 2020 دبيّ"، جناح حقق ستة أرقام قياسية أهمها "4.95 مليون زائر" خلال فترة المعرض. جناح جميل جدًا وممتع، استغلت فيه كل المساحات الممكنة، فباستثناء المناطق الرئيسية في الجناح، نجد أن التكامل كان حاضرًا في بقية المواقع التي تربط أجزاء الجناح، من أماكن الانتظار والسلالم الكهربائية، لتسهم جميعها في إثراء تجربة الزائر، بوجود أكثر من ثلاثمائة موظف ومتطوع يتحدثون أكثر من عشر لغات.
بعد انتهاء زيارتنا للجناح السعودي، أكملنا جولتنا وبدأ الجميع يستشعرون أثر تلك الزيارة، إذ إننا لم نر ما يعادل ولو 60% مما شاهدناه في الجناح السعودي، رغم أن جولتنا شملت كما ذكرت سابقًا أجنحة أهم دول العالم. والحقيقة أنني كنت أتصور أن الانتماء الوطني هو ما جعلني أبالغ في تقييمي لجناح المملكة مقارنة بأجنحة الدول الأخرى، لكن أثناء معرض الحج والعمرة الذي أقيم مؤخرًا في جدة التقيت بصديق قديم من ماليزيا كان قد زار معرض إكسبو 2020 دبيّ، وحين أخبرته بأنني قد وصلت للتو من دبيّ بعد زيارة لمعرض إكسبو 2020، بادرني بالقول: "إن جناح المملكة كان استثنائيًا؛ لقد استوقفني ذلك العرض الذي يجوب مناطق المملكة، ودعني أخبرك بأن منظر الحرم المكي وصوت الأذان في آخر العرض جعلا عينيّ تدمعان". هذه الإشادة ماهي إلا دليل على نجاحٍ باهرٍ، وما كانت تلك الدموع التي ذرفت إلا برهانًا على أن رسالة الجناح وتأثيره قد تجاوزا التوقعات. كل الشكر والتقدير والامتنان لكل من ساهم في هذا النجاح العظيم، شكرًا لأنكم أحسنتم تمثيل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.
لكل من توكل له مهمة تمثيل المملكة خارج البلاد: أعانك الله على التحدي الكبير، فقد رفع جناح السعودية في إكسبو 2020 دبيّ سقف التوقعات.
