تعتبر النزاعات جزء لا يتجزأ من حياة الأفراد والمجتمعات كطبيعة بشرية موجودة، ناشئةً عن اختلاف وجهات النظر والاهتمامات وغيرها، ولا شك أن إدارة وفض النزاعات بالطرق البديلة له دور فعّال وحاسم في بناء مجتمعات مستدامة وداعيةً للسلمية واللحمة المجتمعية، وتعد الوساطة والتحكيم من أبرز وسائل فض النزاعات وأكثرها فاعلية في مجالات الأعمال ونحوه.
فالسبل البديلة لفض النزاعات مثل الوساطة والتحكيم خصيصاً، تتجاوز الطابع الخصومي، وتسعى لتبادل المنافع لكل الأطراف المعنيّة في النزاع وتتمثل في عدة فوائد للأطراف أهمها توفير الوقت والتكلفة؛ إذ تسهم هذه الوسائل في تجنب الإجراءات القضائية الطويلة، والحفاظ على العلاقات لمساهمتها في إبقاء أطراف النزاع على تواصل للوصول الى حل مع الحفاظ على المصالح التجارية والشخصية وكذلك مشاركة الأطراف في تحديد الحلول لكونها بطبيعتها تمنح الأطراف الحق في اقتراح الحلول.
ويمكن تعريف الوساطة بأنها إجراء غير ملزم يشتمل على شكليات بسيطة يقوم فيها الوسيط بتقديم المساعدة للأطراف كطرف مستقل يعمل على تقريب وجهات النظر وتحديد أفضل إطار للوساطة وكيفية تنفيذها، ويشمل هذا تحديد القضايا المهمة التي يجب مناقشتها، وكذلك قدرة الوسيط على التعامل بالسرية حفاظاً على الأسرار والعلاقة بين الأطراف المعنيّة.
أما التحكيم فقد يعرف بأنه إجراء رسمي على خلاف الوساطة، ويتم في التحكيم عرض النزاع باتفاق الأطراف على محكم أو أكثر ويصدر المحكم قراراً نهائياً وملزماً لكافة الأطراف، ويختلف التحكيم عن الوساطة في أنه يعتبر كالمحكمة ولا يمكن للأطراف الانسحاب برغبة منفردة بعد بدأ الإجراءات، كما يعطي التحكيم كذلك الأطراف الحق في اختيار محكم واحد أو أكثر ومن خلال ذلك يصدر الحكم النهائي في النزاع.
ختامًا تعتبر مثل هذه الوسائل بلا شك تطورًا حضاريًا بنّاءً يعكس النضج والتقدم الاجتماعي كونها تبرز القدرة الفريدة لأفراد المجتمع على التفاهم والتعاون من أجل إيجاد حلول مرضية ومستدامة للتحديات القائمة.