في حادثة ألقت بظلال القلق على المواطنين، شهدت مدينة الرياض واقعة تسمم غذائي أثارت الخوف في قلوب الكثيرين، ودفعتهم إلى إعادة النظر في خياراتهم الغذائية خارج المنزل.
هذه الحادثة ولدت لدى بعض المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية، فوبيا الأكل خارج المنزل بسبب أزمة التسمم الغذائي التي عاشتها مدينة الرياض في الفترة الماضية، ولكونها حادثة غير مسبوقة عاش معها المجتمع رعبا في التعاطي والتداول رغم التطمينات الرسمية والصحية والمهتمين بمجال الوعي، كونها حادثة تم انحسارها في موقع بسيط وتم معالجته، ورغم أن الصوت الذي ينادي بخطورة الأكل خارج المنازل كان هو الأقوى والأكثر تأثيراً على أفراد المجتمع من الجهات الصحية والرقابية، رغم الجهود التي تبذلها تلك الجهات من رقابة وتشديد وفحص لعينات في المختبرات للتأكد من سلامة الأغذية والمشروبات في المملكة من أي مشاكل أو تلوث، قد يؤثر على صحة المواطن والمقيم، وهو إجراءات معمول بها قبل الحادثة وبعد الحادثة تم مضاعفتها لضمان عدم تكرار ما حدث رغم أنه خطأ نادر الحدوث ولكنه وقع.
جانب التطمين يحتاجه العديد من المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية بعد هذه الحادثة، فلا تزال الذاكرة تسترجع تلك الحادثة مع انتشار بعض الصور في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تروج لأن التسمم وجد في أماكن متفرقة بالمملكة، وتم إقفال بعض المطاعم والمقاهي بسببه، إلا أنها تبقى أخبارا ليست موثوقة، لكونها لم تصدر من جهات رسمية.
اليوم الناس أصبحوا ما بين مصدق لما يتم نشره، وما بين إنسان واعٍ يبحث عن الحقيقة من مصادرها الرسمية ولكن ما هو دور الجهات الحكومية في تلك الأزمة؟
من المفترض على الجهات الرقابية رصد جميع ما يتم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار مغلوطة ومحاسبة مروجي تلك الأخبار، لكونها تضر بالاقتصاد الوطني للمملكة، ليس لأنها تحث الناس على عدم تناول الأكل خارج منازلهم فقط، ولكن لأن خسارة تلك المنشأت في المبيعات مع التزامهم الكامل بوسائل السلامة والصحة سيجعلهم يقلصون نشاطهم التجاري بتقليص الفروع أو تسريح الموظفين، وهم سعوديون، وهذا يساهم في زيادة عدد العاطلين عن العمل، وهو مالا يدركه البعض حينما ينجرف خلف تلك الأخبار المغلوطة.
في الجانب الآخر، يجب أن تقود وزارة التجارة والأمانات بالمناطق الدور التوعوي من خلال تنظيم حملة توعوية كبرى في مواقع التواصل الاجتماعي، لإبراز الجهود التي تبذلها الجهات الحكومية والرقابية للتأكد وسائل السلامة المعمول بها من أجل أن تكون تلك الأغذية بعيدة عن التسمم الغذائي، إضافة إلى الحملات التفتيشية في هذا الجانب أسوة بما تم القيام به خلال أزمة كورونا.
جهود الأمانة مشكورة حقيقة وتعاطيها الإعلامي مع الأحداث، فقد أصدرت بيانات تطمين وفرقها باشرت مهام التفتيش والتأكد وحصر المشكلة ولكنها جهود أتت بعد الحادثة ونجهل ما هي الجهود قبل الحادثة، فمن المفترض أن تبرز الجهود المبذولة قبل وقوع حوادث التسمم لكي يتم ترسيخ أن هذه الحوادث هي أخطاء فردية نادرة الحدوث.
قد يخالفني البعض الرأي في هذا الجانب، ويرون أنها ليست مشكلة أو قضية رأي عام ولكن حقيقة هي تلامس شعور خوف داخل العديد من الناس، وهو أحد أسباب تنظيم الحملات التوعوية، فليست جميع القضايا أو الموضوعات التي يتم تنظيم حملات توعوية لها تلامس الجميع، ولكن تلك الحملات يتم السعي من خلالها لبعض الإحصائيات أما بتغيير صورة ذهنية وتعزيز وعي أو زيادة فاعلية وتفاعل ووصول.
في ختام مقالي أرجو أن يلقى ذلك المقترح الإعلامي أصداء واسعة لدى المسؤولين، والذين هم أحرص مني على تعزيز ثقة المواطن والمقيم في الخدمات التي يتم تقديمها.