قف للمعلم احترامًا

قف للمعلم احترامًا

تم النشر في

عظم الله مكانة العلم وأهله، قال تعالى ﴿ يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ﴾ [المجادلة: ١١] وبين الله سبحانه وتعالى الفرق بين العالم والجاهل؛ حيث قال سبحانه ﴿ قُل هَل يَستَوِي الَّذينَ يَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبابِ﴾ [الزمر: ٩]، بالعلم ترقى الأمم وتزدهر، وتبنى المجتمعات القوية والمتماسكة، ويسمو الأفراد ويتطورون. إن الذي يرتقي في علمه يرتقي في أخلاقه، والعلم هو من يبني الفضيلة ويطور من تفكير الإنسان ويجعله إيجابيًّا. ولا خلاف أن المعلم هو الحلقة الأهم من حلقات العلم والمعرفة، يقول الشاعر أحمد شوقي:
قف للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولًا

بيت من الشعر كنا وما زلنا نحفظه عن ظهر قلب ونردده إيمانًا به واستشعارًا بالقيمة الحقيقية للمعلم ودوره العظيم في المجتمع. ولا شك أن المعلم يشكل أيقونة مهمة جدًا، فالمعلم هو وقود المعرفة ومن يملك مفاتيح العلم التي تفتح بها أبواب المعارف والثقافة والتربية وتغلق بها أبواب الجهل والتخلف والرجعية، والمعلم هو من يصنع لنا القادة وهو اللبنة الأساسية في تقدم الأمم وبناء حضاراتها، والمعلم مهما كان اختصاصه فهو يعمل عملًا جليلًا ويقوم مقامًا نبيلًا ومهمته من اشرف المهن وأجرها من أعظم الأجور ومسؤوليته عظيمة والأمانة الملقاة على عاتقه كبيرة، والمعلم الناجح هو من يراعي في تعامله مع تلاميذه اختلاف قدراتهم وإمكاناتهم وأحوالهم، والمعلم له دور تربوي كبير فهو من يقوم بغرس المبادئ والقيم والأخلاق في نفوس أبنائه الطلاب، ومن واجبه أن يزرع فيهم حب دينهم وأوطانهم وولاة أمورهم وأن يكونوا سدًا منيعًا أمام أسباب التطرف والغلو والإرهاب. يقول الإمام الغزالي في كتاب أحياء علوم الدين (أشرف الموجود على الأرض جنس البشر، وأشرف جزء من جوهر الإنسان قلبه، والمعلم مشتغل بتكميله وتجليته، وتطهيره وسياقته إلى القرب من الله -عز وجل- فتعليم العلم من وجه عبادة لله تعالى، ومن وجه خلافة لله تعالى، فإن الله -تعالى- قد فتح على قلب العالم العلم الذي هو أخص صفاته فهو كالخازن لأنفس خزائنه، ثم هو مأذون له في الإنفاق منه على كل محتاج إليه،

فأي رتبة أجل من كون العبد واسطة بين ربه -سبحانه- وبين خلقه في تقريبهم إلى الله زلفى وسياقتهم إلى جنة المأوى.. انتهى)، لذلك وجب علينا تقدير المعلم وإجلاله، وغرس ذلك في قلوب أبنائنا. وللمعلم احترام دائم يجب ألا يتعدى عليه أحد أبدًا بل يجب الحرص على إعطائه جميع حقوقه المادية والمعنوية، وأن نسعى في كل مناسبة وطنية الى اختيار مجموعة من المعلمين المتميزين ليتم تكريمهم على الأشهاد حتى يكون ذلك محفزًا لهم على المزيد من العطاء ومشجعًا للآخرين ليحذوا حذوهم، ولعلنا من خلال جائحة كورونا وتعليق الدراسة في المدارس وتطبيق نظام التعليم عن بُعد وعندما أصبحنا مسؤولين بشكل مباشر في متابعة الأبناء والإشراف على تعليمهم أدركنا الحمل الثقيل والمسؤولية الجسيمة والمجهود الكبير الذي يبذله المعلم مع الطلاب، وهو ما يتطلب منا جميعًا سواء على المستوى الرسمي أو الخاص أو على مستوى الفرد والأسرة، أن نكون أكثر إنصافًا لهذه المهنة العظيمة من خلال التقدير والدعم والتعاون، ووضع حوافز وتوفير البيئة الصحية والجاذبة والمشجعة حتى يستطيع أن يؤدي رسالته السامية بكل جد واجتهاد وبذل وعطاء.

د.عبدالعزيز بن سعد آل مرعي
تويتر azeez9831@

logo
صحيفة عاجل
ajel.sa