مدراء الاتصال بين المؤثرات والمؤشرات في سياق الذكاء الاصطناعي

تم النشر في

يلعب مدير الاتصال دورًا محوريًا في تشكيل الصورة الذهنية للمؤسسة سواء كانت جهة حكومية أم شبه حكومية أو قطاع خاص من خلال تعزيز حضورها العام، لكن نجاحه يعتمد على فهم عميق لمفاهيم جوهرية مثل المؤثِّرات (Drivers) والمؤشِّرات (Indicators). ومع دخول الذكاء الاصطناعي (AI) في عالم الاتصال المؤسسي، أصبح هذا الفهم أكثر ضرورة لتقييم الأداء بدقة والتنبؤ بالتأثير ومنح المدير تصورا حول خططه وخطة مؤسسته. وفي حال عدم تمكنه من ذلك، فإنه يلتبس عليه التفرقة بين هذين المحورين، وهذا ما يجعل نتائجه غير واضحة وخططه الاستراتيجية المستقبلية لا تصيب أهدافه وأهداف مؤسسته بدقة.

عندما نتحدث عن المؤثِّرات (Communication Drivers) في الاتصال المؤسسي، فإننا نعني العوامل التي تُحرّك وعي الجمهور وانطباعه وسلوكه تجاه المؤسسة، فتجعله أكثر فهمًا، وربما مدافعًا عنها. هذه المؤثّرات تمثل متغيرات قابلة للتعديل والتصميم، وهي بمثابة لوحة تحكم تُمكّن مدير الاتصال من ضبط الرسائل ونبرة الخطاب وطريقة ظهور المتحدثين الرسميين، بما يحقق الأهداف الاتصالية. وتتسم المؤثّرات بأنها السبب المباشر في تشكيل الصورة الذهنية وتعمل في مرحلة التخطيط والتنفيذ، ما يمنح مدير الاتصال القدرة على معالجة الخلل قبل تحوله لأزمة، ومع دخول الذكاء الاصطناعي، ازدادت فعالية المؤثّرات عبر أدوات تحليل البيانات، التي تُحسّن جودة المحتوى، وتحدد المنصات المثلى للنشر، وتسرّع زمن الاستجابة عبر روبوتات المحادثة، وتتابع الانطباعات العامة باستخدام تحليل المشاعر (Sentiment Analysis)، مما يتيح تدخلًا استباقيًا يعزز ثقة الجمهور ويحمي سمعة المؤسسة.

أما في سياق المؤشِّرات (Communication Indicators)، فهي تعتبر المقاييس الرقمية التي تُستخدم لقياس أثر الأداء الاتصالي بعد تنفيذ النشاط، وهي بمثابة «المرآة» التي تعكس ما إذا كانت الاستراتيجية الاتصالية قد نجحت أم تحتاج للمراجعة، وتتميز المؤشرات بأنها قابلة للقياس والتحليل رقميًا، وتُعرض في صورة بيانات وإحصاءات تساعد مدير الاتصال على اتخاذ قرارات مبنية على نتائج ملموسة لا توقعات؛ ولذا، في عصر الذكاء الاصطناعي، تتطور هذه المؤشرات لتصبح أكثر دقة وعمقًا، مثل معدل التفاعل الذي لا يُقاس فقط بعدد الإعجابات والتعليقات، بل بتحليل نوعية التفاعل باستخدام أدوات رصد ذكية. كما تشمل مؤشرات الانتشار وظهور المحتوى عبر خوارزميات تحليل الوصول، ومؤشرات الرضا وتحليل المشاعر التي تعتمد على تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) لفهم اتجاهات الجمهور تجاه المؤسسة. وهذا بدوره يجعل متوسط زمن بقاء المستخدم في الموقع الإلكتروني مؤشرًا على جودة التجربة الرقمية وملاءمتها للجمهور المستهدف.

وإذا أردنا أن نجسد العلاقة بين المؤثِّرات والمؤشِّرات، فالمؤثرات تمثل الأسباب التي يمكن لمدير الاتصال التحكم فيها عبر التخطيط والإدارة، بينما تشير المؤشِّرات إلى النتائج التي يتم قياسها بعد تنفيذ الاستراتيجيات الاتصالية، المؤثّرات مثل جودة المحتوى، واختيار المنصات، وسرعة الاستجابة تُعد روافع للتحكم في الصورة الذهنية للجمهور، وفي مقابل ذلك، تقوم المؤشرات بقياس أثر هذه المؤثرات عبر بيانات مثل معدلات التفاعل، رضا الجمهور، أو انتشار المحتوى. وبالتالي فالذكاء الاصطناعي يعمل هنا كجسر ديناميكي بين الطرفين، من خلال رصد المؤشرات بشكل لحظي وتحليلها، ثم تقديم توصيات فورية لتحسين المؤثرات، ما يُمكّن مدير الاتصال من اتخاذ قرارات مدروسة قائمة على بيانات دقيقة ومستدامة.

بقي القول، بأنه على مدير الاتصال فهم الفارق بين المؤثّرات (Drivers) والمؤشّرات (Indicators) باعتبار ذلك ركيزة أساسية في عالم الاتصال الحديث، خاصة مع الاعتماد المتزايد على الأدوات الذكية وتحليل البيانات. كما أن تمكن مدير الاتصال من تصميم مؤثّرات فعّالة، ثم قياس أثرها عبر مؤشرات رقمية، يمنحه منظومة متكاملة للتحكم والتقييم والتحسين المستمر. ومما يساعده في ذلك الذكاء الاصطناعي الذي لا يقتصر دوره على تحليل المؤشرات، بل يسهم أيضًا في تحسين المؤثّرات ذاتها عبر أدوات توليد المحتوى وتحليل المشاعر وتخصيص الرسائل. ولذا نقول، من يستثمر هذا التفاعل بين المؤثرات والمؤشرات بذكاء، سيكون قادرًا على بناء منظومة اتصال متطورة ذات تأثير فعلي ومستدام على الجمهور وصورة المؤسسة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa