مسودة نظام الإعلام و٢٠٣٠

اطلعت كغيري على مسودة نظام الإعلام والتي صممت لتعزيز وصناعة الإعلام بدء من تفسيرات المصطلحات الإعلامية، مرورا بالتراخيص، والمحتوى الإعلامي، والضبط، والمخالفات وغيرها، غير أن هذا النظام من -وجهة نظري- يصلح لما قبل إعلان رؤية المملكة ٢٠٣٠، أي قبل عام ٢٠١٧، وذلك لأمور عدة لا يكفي المقال للإحاطة بها، ولكن قد تنير الطريق النقاط التالية الفكرة نحو إعلام محوكم.


من أهم النقاط التي كان يجب بناء التشريعات عليها هو موافقتها لرؤية المملكة ٢٠٣٠ والقائمة على الانفتاح وجلب الفرص الإعلامية، والتواصل مع العالم بمختلف اللغات، وبالتالي فإن التشريع يركز في جوانبه على ما ينتج داخليا بشكل عام، ولم ينظر إلى بناء تشريع يجذب الفرص الإعلامية التي يمكن أن تأتي للمملكة وتصبح السعودية موطن للشركات والمؤسسات الإعلامية العالمية.

"حرية التعبير وحقوق الإنسان"، تعد هذه المفردتين ضرورتين في بناء التشريعات الإعلامية للتوافق مع التوجهات الإعلامية العالمية، وبالتالي فإن المسودة يجب أن تبنى حول هذين المصطلحين ويمكن الاطلاع على التشريعات الإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، ومملكة إسبانيا ودولة الهند للاستزادة، فهذه التشريعات تكاد تشابه التشريعات الإعلامية التي يجب إحاطتها في هذه المسودة والتي تتلاءم مع ثقافة وخصوصية المملكة، وبالتالي فإذا افترضنا أننا بنينا المشروع حول مفردة "حرية التعبير" فهذا يعني وضع استثناءات مثل التعرض للملك وولي عهده، أو الحكم، أو الطائفية والعقيدة أو ما يثير النعرات القبلية وغيرها، فهذه المصطلحات ستجعل هذه المسودة صالحة للمستقبل وتتوافق مع التشريعات الإعلامية العالمية.

أيضا هناك تشابه في بعض المصطلحات في المسودة والتي يمكن أن تثير التساؤل مستقبلا، نعم قد أتفهم من وجهة نظر صانعيها أنهم يودون تفسير كل شي، ولكن كما يقال في الصحافة السياسية "إن الشيطان يسكن التفاصيل"، لذا يجب إعادة النظر في مصطلحات مثل المحتوى الإعلامي والمحتوى المحلي، إذ يكفي أن نشير لمصطلح "إنتاج المحتوى" والتي لاحقا قد تقوم بتفسير إنتاج المحتوى النصي وإنتاج المحتوى السمعي وإنتاج المحتوى المرئي سواء للمنصات التقليدية أو الرقمية، بدلا من المصطلحات الحالية التي قد تثير في المستقبل الكثير من التساؤلات حال التطبيق.

إحدى المشكلات الموجودة في المسودة أنها لم تشر بوضوح إلى من تنطبق عليهم هذه التنظيمات، هل هي المؤسسات الإعلامية القائمة؟، أم المواطن الصحفي؟، أم كل من يحمل في يده جهاز اتصال ولديه منصة رقمية، لذلك، فإن المسودة يجب تصاغ لتتوافق مع المؤسسات والشركات الإعلامية، وعلى الأفراد الراغبين في خوض مسار الإعلام استخراج سجل تجاري إعلامي ليحول جهده الفردي لمؤسسة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لتنطبق عليه التشريعات، وبالتالي سيختفي ما يسمى "بترخيص موثوق"، أما الأفراد الذين يمارسون الإعلام بدون مرجعية فهؤلاء قد يكون عملهم مخالفة، كما أنه في حال ارتكابهم لمخالفات إعلامية فيجب محاسبتهم وفق تشريع الجرائم المعلوماتية، بعيدا عن منظومة الإعلام.

أعتقد أن المسودة يجب أن تعاد صياغتها وفق رؤية المملكة ٢٠٣٠، وتحويلها لمنصة تشريعية صالحة لجذب الاستثمار الإعلامي للمملكة، فكثير من الشركات الإعلامية تتكلم للمحاميين قبل الشروع في الاستثمار، وبالتالي فإن هذه المسودات يجب أن تخرج من الترهل في المفردات والمصطلحات والتضارب، إلى أن تكون مسودة واضحة وجلية تسهم في بناء بيئة إعلامية تستحقها المملكة.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa