حرب تجارية هندية- أمريكية بعد «التعريفة الجمركية» على 28 سلعة أمريكية

على خطى العداء مع كيانات اقتصادية دولية..
حرب تجارية هندية- أمريكية بعد «التعريفة الجمركية» على 28 سلعة أمريكية

تتجه الولايات المتحدة الأمريكية لفتح جبهة حرب تجارية جديدة مع الهند، بعد معركتها مع الاتحاد الأوروبي، ولاحقا الصين والمكسيك، بعد رفع تعريفة الاستيراد على مختلف السلع في إطار إجراءات انتقامية.

وتتصاعد التوترات التجارية العالمية، منذ مارس 2018، بين الولايات المتحدة من جهة، وكل من الصين والاتحاد الأوروبي والمكسيك والهند، من جهة أخرى، بسبب ما تصفها الولايات المتحدة، بقوانين غير عادلة تؤثر على ميزان تجارتها مع تلك البلدان والتجمعات.

ووصلت الأمور إلى ذروتها في 5 يونيو الجاري، عندما سحبت الولايات المتحدة الوصول التفضيلي للمنتجات الهندية التي تم منحها بموجب نظام التفضيلات المعمم الخاص بها، وبهذه الخطوة، سيتم الآن فرض ضريبة على الصادرات الهندية التي كانت معفاة سابقًا في الولايات المتحدة، وهو ما يؤثر بدورة على صادرات الهند إلى الولايات المتحدة.

وتعتبر هذه الخطوة هي أحدث دفعة من جانب إدارة ترامب لتصحيح ما تعتبره علاقات تجارية غير عادلة مع الدول الأخرى؛ حيث أنهت الولايات المتحدة، في مايو الماضي، وضع تركيا التفضيلي بموجب هذا المخطط. وفرض ترامب أيضًا تعريفة على واردات الصلب والألومنيوم من دول في جميع أنحاء العالم.

أزمة مشتركة

ورفعت الهند التعريفات الجمركية على 28 سلعة يتم تصديرها من الولايات المتحدة اعتبارًا من يوم الأحد الماضي، وذلك ردًا على إنهاء حكومة الولايات المتحدة، في 5 يونيو الجاري، تسمية الهند كدولة نامية مستفيدة بموجب نظام الأفضليات المعمم (GSP) - وهو برنامج تجاري سمح بدخول المنتجات المعفاة من الرسوم - على أساس أن الهند لم تزود الولايات المتحدة بكميات منصفة ومعقولة.

وكانت وزارة التجارة الهندية قد أعلنت، يوم الجمعة الماضي، عن نية الهند المضي قدمًا في فرض الرسوم على المنتجات الأمريكية، وهي خطوة أرجأتها نيودلهي في السابق على أمل إبرام صفقة تجارية.

وأصدرت الوزارة بيانًا تضمن: «تنفيذ فرض رسوم انتقامية على 28 سلعة محددة منشأها أو تم تصديرها من الولايات المتحدة الأمريكية مع الحفاظ على مبدأ المعاملة الأكثر رعاية (MFN) لجميع هذه السلع لجميع البلدان الأخرى غير الولايات المتحدة الأمريكية».

وكانت الهند قد أجلت فرض رسوم جمركية لأكثر من 200 مليون دولار على استيراد البضائع الأمريكية بقيمة 1.4 مليار دولار منذ الإعلان عنها لأول مرة في 20 يونيو 2018.

وبعد الإخطار بالتعديلات الجديدة في التعريفات، لن تكون واردات بعض المنتجات ذات المنشأ الأمريكي مؤهلة للحصول على معدل أقل من الرسوم الجمركية، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع تكلفة البضائع المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية مقابل البلدان الأخرى.

وتتضمن السلع الخاضعة للتعريفات سلعًا أبرزها، التفاح والعدس والمكسرات، إضافة إلى سلع معاد تصديرها من الولايات المتحدة؛ ما يدفع إلى ارتفاع أسعارها في السوق المحلية، وتراجع تنافسيتها. ومن بين الواردات المستهدفة، تم رفع الرسوم المفروضة على الجوز من 30% إلى 120%، في حين تم رفع الرسوم المفروضة على الحمص والعدس من 30% إلى 70%.

رد فعل

وتأتي تلك التعريفات الجديدة كرد فعل لرفض واشنطن إعفاء نيودلهي من الضرائب المرتفعة على واردات الصلب والألومنيوم، فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقت سابق من يونيو الجاري، عن سحب الولايات المتحدة المعاملة التجارية التفضيلية للهند.

وفرضت إدارة ترامب تعريفة بنسبة 25% على الصلب و10% على الألومنيوم المستورد من الهند، وهو ما أدى إلى غضب من رفض واشنطن إعفاءها من التعريفة المرتفعة للصلب والألومنيوم؛ ما دفعها لإصدار أمر في يونيو من العام الماضي لرفع ضرائب الاستيراد بنسبة تصل إلى 120% على مجموعة كبيرة من المواد الأمريكية.

وأعلنت الهند لأول مرة عن زيادة الرسوم الجمركية في يونيو 2018، ردًا على قرار الولايات المتحدة بزيادة الرسوم الجمركية بشكل كبير على المنتجات الهندية مثل الصلب والألومنيوم؛ لكنها أجلت الموعد النهائي لرفع الرسوم الجمركية أكثر من مرة، حتى انتهت المهلة النهائية في 16 يونيو الجاري.

ومؤخرًا هدد الرئيس ترامب بفرض عقوبات أخرى إذا اشترت الهند النفط من إيران وإذا مضت قدمًا في خطط لشراء صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز S-400. وحذرت الولايات المتحدة من أن أي جهود لاستيراد النفط الخام الإيراني إلى ما بعد المستويات المقبولة التي تم التفاوض عليها في الفترة من نوفمبر إلى مايو الماضية ستتم معاقبتها، وسط تقارير تفيد بأن الهند تبحث عن طرق لشراء النفط من طهران.

ولطالما كانت طهران وجهة مفضلة لشركات النفط الهندية. ويعتبر النفط الإيراني أكثر ربحًا بالنسبة لمصافي التكرير الهندية؛ حيث توفر إيران 90 يومًا من عمليات الشراء الائتمانية إلى جانب الشحن الأرخص بسبب القرب الجغرافي للهند.

وفي الوقت نفسه حددت الهند 151 منتجًا يمكنها تصديرها إلى الصين بدلًا من الولايات المتحدة والاستفادة من الميزة السعرية الناجمة عن الرسوم الأعلى الانتقامية التي فرضتها حكومة شي جين بينغ على المنتجات الأمريكية وسط الحرب التجارية المكثفة بين البلدين.

مخاطر مرتقبة

ومن المتوقع أن تتعرض الصادرات الهندية بقيمة 5.6 مليار دولار للخطر- والتي كانت معفاة من الرسوم الجمركية سابقًا في الولايات المتحدة- بعد أن فقدت البلاد المعاملة التفضيلية بموجب نظام التفضيلات المعمم الأمريكي (GSP).

وعلى الرغم من أن التعريفات الجديدة تؤثر على ما يقدر بنحو 241 مليون دولار فقط من الواردات- وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالأرقام التي تدخل في معارك أمريكا التجارية مثل الصين والمكسيك- إلا أنه يمثل نقطة ضغط أخرى في نظرة اقتصادية عالمية متوترة وغير مؤكدة على نحو متزايد.

وقال مايكل كوجلمان، نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون، مركز أبحاث مقره واشنطن: «هذه مشكلة كبيرة، ليس بسبب قيمة البضائع التي ستخضع للضريبة قريبًا ... ولكن أكثر من ذلك لأنه حتى الآن، كان رد فعل نيودلهي على تحركات واشنطن مقيدًا بشكل مذهل، وبالتالي هناك توقعات بما هو أسوأ من ذلك في حالة وقوع حرب تجارية متبادلة».

تأثيرات سلبية

ويأتي توتر العلاقات التجارية بين الاقتصادين في وقت من المتوقع أن يتباطأ فيه معدل النمو الاقتصادي العالمي حيث تؤثر التوترات التجارية بين الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة والصين على ثقة الأعمال والاستثمارات. وكانت التوقعات الاقتصادية العالمية لصندوق النقد الدولي قد خفضت النمو العالمي إلى 3.3% لعام 2019 خلال أبريل الماضي، انخفاضًا من 3.5% التي توقعها الصندوق في يناير الماضي.

وبالرغم من نمو التجارة بين الهند والولايات المتحدة بسرعة على مدار العقد الماضي لتصل لنحو 142.1 مليار دولار في عام 2018، بزيادة سبعة أضعاف منذ عام 2001، وفقًا لأرقام الخزانة الأمريكية، لكن واشنطن تتهم الهند منذ فترة طويلة بأنها «دولة ذات تعريفة جمركية عالية» تحد من الوصول إليها.

كما يتهم مسؤولون تجاريون أمريكيون نيودلهي بنشر مجموعة واسعة من الحواجز التجارية التي تخلق آثارًا سلبية خطيرة على التجارة الأمريكية، و يجادلون بأن هذا قد أدى إلى مواجهة الولايات المتحدة لعجز تجاري ضخم مع الهند، بلغ حوالي 27.3 مليار دولار في عام 2017.

وعلاوة على ذلك، أثارت القواعد الجديدة لنيودلهي في مجالات مثل التجارة الإلكترونية وتوطين البيانات غضب واشنطن وضربت شركات مثل أمازون، وول مارت، وماستركارد وفيزا.

وقال بنك الاحتياطي الهندي، في وقت سابق من يونيو الجاري، في بيان السياسة النقدية الذي يصدره كل شهرين، إن هذا الطلب المالي الضعيف بسبب تصاعد الحروب التجارية قد يؤثر بشكل أكبر على صادرات الهند ونشاطها الاستثماري. وكان مكتب الإحصاء المركزي قد خفض، في فبراير الماضي، تقديراته للنمو لثالث أكبر اقتصاد في آسيا في السنة المالية 2019 إلى 7% من 7.2% في وقت سابق.

ومن جانب آخر، من المحتمل أن يضر انتقام نيودلهي الحالي بالمصدرين الأمريكيين للسلع الزراعية، فالهند إلى حد كبير تعتبر أكبر مشتر للوز من الولايات المتحدة، حيث دفعت 543 مليون دولار لأكثر من نصف صادرات اللوز الأمريكية في عام 2018، حسبما أظهرت بيانات وزارة الزراعة الأمريكية، وكذلك تعتبر ثاني أكبر مشترٍ للتفاح في الولايات المتحدة، حيث حصلت على 156 مليون دولار في عام 2018.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa