دعا الاتحاد الأوروبي، تركيا إلى احترام تعهداتها الواردة في اتفاق الهجرة بين الطرفين، وضرورة تنفيذ تركيا لتعهداتها، بعدما سمحت الحكومة، اليوم الجعة، بتدفق مئات اللاجئين باتجاه أوروبا، حيث أعلن الاتحاد في المقابل أنه سيبحث في جميع التدابير اللازمة لحماية مصالحة الأمنية.
ونشر منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، تغريدتين عبر «تويتر» اليوم الجمعة، دعا في إحداهما إلى وقف التصعيد في إدلب على وجه السرعة، وحذر من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية دولية كبيرة مفتوحة.
ولفت مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى ما ينجم من تبعات التصعيد في إدلب من معاناة إنسانية لا تطاق وتعريض المدنيين للخطر، وأفاد بوريل بأن الاتحاد الأوروبي يدعو جميع الأطراف إلى وقف التصعيد السريع، وهو «يأسف لجميع الخسائر في الأرواح»، مشيرًا في نفس الوقت إلى أن بروكسل على اتصال بجميع الأطراف الفاعلة ذات الصلة.
وقالت مصادر حكومية يونانية، اليوم الجمعة، إن السلطات المعنية «عززت إجراءات المراقبة على الحدود البحرية والبرية مع تركيا بعد التطورات التي وقعت ليل الخميس في إدلب السورية»، وإن «أثينا على اتصال بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في هذا الصدد».
وذكرت وكالة دمير أوران التركية، اليوم، أن «مجموعات من المهاجرين تتحرك في شمال غرب تركيا نحو الحدود مع اليونان، بعد تأكيدات رسمية من حكومة أردوغان بأن أنقرة لن تمنع اللاجئين السوريين من الآن فصاعدًا من بلوغ أوروبا».
وقالت الوكالة، إن «مئات المهاجرين بينهم نساء وأطفال كانوا ضمن المجموعة التي توجهت نحو الحدود في إقليم أدرنة التركي في منتصف الليل تقريبًا». وأضافت الوكالة أن «هناك سوريين وإيرانيين وعراقيين ضمن المجموعات المذكورة من المهاجرين».
وتتهم مؤسسات حقوقية دولية وإقليمية الرئيس التركي وحكومته بالمسؤولية عن مقتل 500 ألف شخص منذ بداية الأزمة السورية، وبدوره في فرار نحو 11 مليونًا آخرين من السوريين نتيجة العمليات العسكرية الدموية لقواته وميليشياته في الشمال السوري.
ويواصل الرئيس التركي رجب أردوغان ابتزاز العالم بملف اللاجئين السوريين، وهدد أكثر من مرة بأن بلاده «تتجه لفتح الطريق إلى أوروبا أمام مليون لاجئ سوري، ما لم تتلق أنقرة دعمًا ماليًّا كافيًا، ومساعدة لإعادة توطينهم في شمال سوريا».
وحاول استغلال محاولاته المفضوحة لحشد الأوروبيين والأمريكان وراء مخطط مشبوه لاحتلال شمال غرب سوريا، مستغلًّا ملف اللاجئين في إقامة ما تسمى «المنطقة الآمنة»، ونقل الآلاف من السوريين إليها.
وقد عبَّر أردوغان عن هذا المخطط صراحةً بقوله: «يجب علينا إقامة المنطقة الآمنة.. أعطونا دعمًا لوجستيًّا.. دعونا ننقل اللاجئين السوريين إلى المناطق الآمنة هناك.. إما أن يحدث هذا، أو سيكون علينا فتح الأبواب.. إن لم تقدموا الدعم فاعذرونا.. نحن لن نتحمل هذا العبء وحدنا».
وفي سياق عملية الابتزاز التركية «الرسمية»، أمهلت الجهات الأمنية، لا سيما وزارة الداخلية، آلاف اللاجئين السوريين مدة محددة، قبل ترحيلهم من البلاد إلى المناطق التي تشهد عمليات عسكرية ملتهبة في الشمال السوري، لا سيما محافظة إدلب.
ولم يلتفت كثيرون إلى أن أردوغان وجَّه حديثه أولًا إلى السوريين المقيمين في مدينة إسطنبول التي تحتضن نحو نصف مليون لاجئ؛ حيث تعمدت السلطات التركية حشد النسبة الكبرى منهم على حدود أوروبا، ضمن عمليات الابتزاز التي يقوم بها أردوغان وحكومته.
وبأوامر مباشرة من أردوغان، قرر وزير الداخلية سليمان صويلو، تجميد عمليات منح وتجديد الأوراق الرسمية لمعظم السوريين الموجودين في تركيا؛ حتى يسهل طردهم بزعم أنهم «غير مسجلين».
وقامت السلطات التركية فعًلا، بطرد نحو 337 ألفًا و729 لاجئًا سوريًّا، فضلًا عن تواصل الاعتقالات في صفوفهم.
ووفق إحصائيات إدارة الهجرة العامة التركية، تم اعتقال نحو 22 ألف سوري منذ بداية العام الجاري، بعدما تم اعتقال 25 ألفًا في 2014، و74 ألفًا في 2015، و70 ألفًا في 2016، و51 ألفًا خلال 2017، و35 ألفًا في 2018.
وبدأت حكومة أردوغان، منذ يوليو الماضي، اتخاذ خطوات جادة لتصفية ملف اللاجئين السوريين، في ظل الأوضاع الشديدة الصعوبة التي تعصف بالاقتصاد التركي، المرتبطة أساسًا بتوسع عمليات النهب المنظم من أردوغان وحاشيته.
وجدَّدت منظمة العفو الدولية فضح الممارسات المشبوهة التي يقوم بها الرئيس التركي ضد اللاجئين السوريين، الذين حصل بسببهم على مليارات الدولارات من دول العالم.
وبدورها، بادرت منظمة العفو الدولية بتعرية أردوغان الذي يقوم حاليًّا بـ«ترحيلهم قسريًّا إلى مناطق القتال في الشمال السوري».
ويرغب أردوغان، في سياق عملية الابتزاز، في احتلال المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية في الشمال السوري، والتدخل في العملية السياسية لاحقًا من خلال ترحيل آلاف السوريين، والسيطرة عليهم عبر عناصر دربتها أجهزة الأمن والاستخبارات التركية.
وذكرت منظمة «العفو الدولية»، في تقريرها، أن «اللاجئين الذين تحدثت إليهم، اشتكوا من تهديدهم أو إجبارهم من قبل الشرطة التركية على التوقيع على وثائق تفيد بأنهم سيعودون بمحض إرادتهم إلى سوريا».
وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان التي تتخذ من بريطانيا مقرًّا لها: «في الواقع، تعرض تركيا حياة اللاجئين السوريين لخطر شديد، بإجبارهم على العودة إلى منطقة حرب.. نعتقد أن عدد عمليات الإعادة القسرية بلغت مئات؛ وذلك استنادًا إلى مقابلات أجرتها».
اقرأ أيضا: