اعتبر الباحث الأكاديمي المتخصص في القضايا الاجتماعية «خالد الدوس»، أن الإشاعات التي تدور في فلك كورونا أخطر على المجتمعات من الفيروس ذاته، مشيرًا إلى أن ظهور شبكات التواصل الاجتماعي سهل نقل هذه البضاعة الرخيصة وانتشارها.
وأضاف الدوس في تصريحات لـ«عاجل» أن تلك الشائعات تزدهر في ظل وجود حالات من الغموض الاجتماعي والتعتيم الإعلامي أو في ظل الحملات العسكرية والأزمات الصحية والكوارث والأوبئة وعلى سبيل المثال ما يجري حاليًا في فيروس كورونا، مشيرًا إلى أن كل ما سبق يعد بمثابة بيئة خصبة لها.
وأكد «الدوس»، أنه بسبب خطورة هذه الشائعات على البناء الاجتماعي ومكوناته، حظيت الشائعات باهتمام كبير من العلماء والباحثين في العلوم الاجتماعية.
وأوضح أن الشائعات تعد من أخطر الأسلحة في الحروب المعنوية والنفسية؛ حيث تنمو في ظل أجواء مشحونة؛ لتحقيق أهداف مطلقيها ومروجيها، بقصد تضليل الرأي العام وإثارة الفتنة والخوف والقلق الاجتماعي، بغية تفكيك وحدة الصف المجتمعي، وخلخلة توازن الروح المعنوية.
شائعات كورونا
وأضاف «الدوس»، أن أخطر أنواع هذه الشائعات هي التي تكون في صورة فكاهية، سواء كانت نكت مكتوبة أو مصورة أو مرسومة أو مقاطع فيديو ساخرة مُعدلة لتضخِّم الحدث أو تبرزه.
وذكر أنها لا تقر بحقيقة بعينها؛ ولكن تكرارها المستمر يسهل عملية تمريرها دون مقاومة للعقل واللاوعي فتصبح ثابتة وراسخة في الأذهان بل ومن الممكن الدفاع عن الشائعة في مواجهة الحقيقة.
وقال إن المملكة العربية السعودية نجحت في التصدي لفيروس كورونا ومنع وصوله إلى المجتمع بجملة من الإجراءات الاحترازية والوقائية المشددة، بعد انتشاره في الصين وبعض بلدان العالم.
وأوضح أن الأخطر من فيروس «كورونا» هو الشائعات التي تتمحور حوله، والتحليلات غير المنطقية له وربطها بأمور لا أساس لها من الصحة، وأيضًا قيام بعض العقول المريضة التي تعشق اختلاق القصص وفبركتها في بث وإطلاق بالون الشائعات البغيضة لأهداف مكشوفة ومآرب مفضوحة.
ألغام معنوية
وأكد «الدوس»: معروف أنه إذا لم يتم التصدي لهذه الشائعات بوعي وانفتاح إعلامي ومكافحتها بعزم وحزم، فإنها قد تتحول إلى ألغام معنوية وقنابل نفسية، ورصاصات طائشة تصيب في مقتل.
ومضى قائلا إنه بالتالي فإن إثارة الفتن والبلبلة والخوف والرعب والاضطراب وزعزعة الوحدة الفكرية الوطنية، بعد أن تبدأ هذه الآفة النفسية الاجتماعية «بكلمة»، وتنتهي بدمار وانهيار للبناء الاجتماعي، خاصة عندما تنشط خلاياها وتنمو في أوقات الحروب والأزمات والأوبئة، ولذلك خضعت هذه الظاهرة الخطيرة للدراسات الاجتماعية والأبحاث والنفسية.
أسباب انتشار الشائعات
ونوه إلى أن المعطيات العلمية للأبحاث أظهرت أن من أسباب انتشار الشائعات، هذه الآفة المرضية في بعض المجتمعات البشرية ترجع للخواء الفكري والفراغ النفسي، ومرض الكراهية والأحقاد لمروجي الشائعة وناقليها، إضافة إلى وجود خلل وظيفي في التنشئة الاجتماعية والنفسية والتربوية والروحية والدينية والفكرية.
كما ترجع أسبابها أيضًا إلى انسياق أصحابها وراء الانحراف الأخلاقي والفساد الاجتماعي، وهفوات الذات وشهوات العقل.
وذكر أنه في هذا الصدد يتجلى دور وسائل الإعلام الحديثة والتقليدية في نشر الأخبار الصحيحة، ونقل الحقائق الدامغة، وبخاصة وقت الأزمات والحروب والأوبئة، والتصدي لكل شائعة لدحضها وضبطها، برفع سقف الشفافية والموضوعية، والنهوض بقالب «الوعي» المجتمعي.
اقرأ أيضًا: