أصبحت فضيحة نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، تمثل حديث الصباح والمساء في أوساط كرة القدم العالمية، بعدما سقط صاحب الرباعية المحلية التاريخية في وحل التدليس والاختلاس، وانتهك قواعد اللعب المالي النظيف، في مشهد ضرب مشروع السماوي الطموح في مقتل.
وبات حامل لقب البريميرليج في موقف لا يحسد عليه، بعدما قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا»، حرمان النادي الباحث عن أول ألقاب الكأس ذات الأذنين الكبيرين، من المشاركة في دوري الأبطال لموسمين متتاليين، مع تكبد خزانته غرامة قدرها 30 مليون يورو.
الواقع بات أسوأ من مجرد عقوبات قارية أو غرامة مالية لا تمثل عائقًا أمام النادي الإنجليزي، وإنما بات يهدد مكونات السيتيزنز؛ حيث فتح الطريق أمام رضوخ الفيلسوف بيب جوارديولا إلى إغراءات يوفنتوس بحثًا عن المجد الأوروبي، إلى جانب إمكانية خروج العديد من النجوم بسبب شبهات حول العقود، مع تحقيق الاتحاد الإنجليزي في أحقية السماوي في لقب عام 2014.
فيروس «بينتو»
أبواب جهنم التي فُتحت على السيتي، يمكن تلخيصها في اسم واحد، هو «روي بينتو»، الشاب البرتغالي الذي بات حديث العالم، والهاكر صاحب الاسم الأكثر تداولًا على محركات البحث، بعدما اعتاد على اختراق الحسابات الرسمية لأعتى المؤسسات، ليتحول إلى «ويكيليكس» جديد ولكن في عالم كرة القدم.
الشاب الذي لم يكسر بعد حاجز الثلاثين من عمره، تمكن من اختراق منظومة مانشستر سيتي، ليكشف عن تلاعب مادي وتدليس في عقود الرعاية، من قبل إدارة مانشستر سيتي يعود إلى العام 2015، بعد اختراق البريد الإلكتروني الرسمي للنادي وكبار المسؤولين؛ ليستحوذ على مئات المستندات.
ودون تردد، حول بينتو المستندات المثيرة للجدل إلى الاتحاد الأوروبي، الذي وضعها تحت الدراسة الدقيقة قبل أن يصدر الفرمان القاسي، بحرمان النادي من المشاركة في دوري الأبطال لنسختين قادمتين، إلى جانب الغرامة المالية، كما أرسل البعض الآخر إلى مجلة «ديرشبيغل» الألمانية، التي كشفت أبعاد الأزمة .
«فوتبول ليكس»
ولم يسلم روي من الوقوع في براثن قوات الأمن؛ حيث ألقت السلطات البرتغالية القبض على الهاكر المثير للجدل؛ ليقبع قيد التحقيق في أحد سجون لشبونة، في انتظار صدور حكم قضائي قد يتجاوز حاجز السنوات العشر.
ورفضت السلطات في البلد الأوروبي الاستئناف المقدم من دفاع بينتو، على خلفية 147 اتهاما يواجهها الشاب البرتغالي، تندرج تحت بند السرقة والابتزاز والنصب، بحسب النسخة الإنجليزي لموقع «يوروسبورت».
والقضية لا تقتصر على كشف الصندوق الأسود لحسابات مانشستر سيتي، حيث دشن بينتو، موقع «فوتبول ليكس» لنشر مئات الوثائق والأدلة المتعلقة بحسابات مشاهير كرة القدم، وتعاقدات الأندية، وتفاصيل مادية تخص كبرى المؤسسات الرياضية وربما تتجاوزها إلى كيانات سياسية واقتصادية.
النجوم تحت الحصار
ولم يكن السيتي هو المتهم الوحيد تحت طائلة وثائق روي؛ حيث كشف تفاصيل اتهامات النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قبل نحو 10 سنوات، باغتصاب عارضة الأزياء الأمريكية كاثرين مايورجا، إلى جانب كواليس اتهامات الدون بالتهرب الضريبي في إسبانيا، أثناء حقبة ريال مدريد.
وسرب الشاب البرتغالي مستندات تُدين النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، قائد برشلونة، بالتهرب من دفع الضرائب، إلى جانب اتهامات لقطاع الناشئين في باريس سان جيرمان بالعنصرية، وغسيل الأموال.
وكشف تسريبات تتعلق بنادي تفينتي الهولندي قبل خمس سنوات، كبدت النادي عقوبة الحظر من المشاركات القارية لثلاث سنوات، كما فضح وجود طرف ثالث في عملية مفاوضات بعض اللاعبين عبر وسيط، هو شركة «دوين سبورتس»، التي طلب منها مبلغ مالي نظير التكتم.
وتجاوز حدود الرياضة، بعدما كشف وثائق إلى الاتحاد الدولي للصحفيين، تُثبت تورط نجلة الرئيس الأنجولي السابق، إيزابيل دوس سانتوس، في قضايا غسيل أموال وتربح، تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات.
بطل من ورق
حاول بينتو أن يستغل الورق والمستندات التي بحوزته ليصنع من نفسه بطلًا أمام الرأي العام، بعدما زعم في حوار صحفي أن: «السلطات البرتغالية تخاف من كشف المعلومات التي حصلت عليها مؤخرًا، لذا لن أفقد عقلي قبل أن أكشف المستور».
وادعى بينتو، الذي اعتقل في بودابست بعد خمس سنوات من التخفي، أنه يمتلك قرابة 70 مليون وثيقة سرية، تمثل 4 تيرابايت من البيانات، مؤكدًا أنه يهدف إلى جعل العالم مكانًا أفضل وتطهير
الفساد الذي استشرى في مكونات كرة القدم، ولا يمكن اعتبار ما يقوم به سرقة أو ابتزاز.
التعاطف مع الهاكر البرتغالي
وتحول بينتو بالفعل إلى بطل في عيون الكثيرين، لتطلق حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن الشاب البرتغالي، على خلفية هاشتاج يطالب بالحرية لروي، باعتباره كشف منظومات الفساد في العديد من الكيانات الأوروبية.
واستغل محامي البرتغالي، تيكسيرا دي موتا، تلك الحملة وهذا التعاطف ليعلن عن رغبته في أن تتناول السلطات القانونية القضية من منظور مغاير تمامًا، والتعامل مع بينتو باعتباره أحد المخبرين السريين، الذي يجب أن يحظى بالحماية لا أن ينتظر العقاب.
دي موتا، لم يكن المحامي الوحيد، بل ربما تتسع دائرة المدافعين عن الهاكر الشاب؛ حيث انضم إلى اللائحة، المحامي ويليام بوردون، الذي شدد على أن الكشف عن عمليات فساد وتربح وغسيل أموال لا يمكن أن يقابل بالحبس والعقوبات .
اقرأ أيضًا: