في اللا وجود

في اللا وجود

كلنا يعرف قصة أليس في بلاد العجائب.. قصة فلسفية لها في النفس أثر يتباين من قارئ إلى آخر. بالنسبة لي نظرت إليها كقصة بحث عن الوجود لفتاة ضاعت في اللا وجود.. من أصعب أنواع الضياع أن تضيع نفسك وسط حياة لا تشبهك.. وظيفة لا تحبها ولا تجد فيها شغفك، أو حياة تبدلت فيها القيم لتكتشف أن قيمك لسنوات كانت مغلوطة؛ فالصمود ليس حلًّا صحيًّا على أية حال.

 قد يكون الاعتراف والتراجع حلًّا ذكيًّا رغم الخسائر لتحافظ على جودة الأيام المقبلة، والخروج من اللا وجود إلى عالم يشبهك يستحق أن تقدم تنازلات لتجد نفسك حيث يجب أن تكون، أو بتعبير أدق حيث تجد السعادة. واذا لم تستطع التراجع فالتخطي مناورة جيدة.

المهم أن تعرف أين وكيف تكون الخطوة القادمة. والأهم أن تحدد جيدًا (متى).. اجعل من الخسائر مؤونة تتزود بها في تصحيح المسار، وحطبًا تدفئ به جسدك في قادم الأيام، ودرجة ترفعك خطوات إلى القمة (قمتك أنت وبمعاييرك للسعادة).. كل شيء قابل للتدوير للاستفادة منه بشكل أجمل، وحتمًا حينها لن تشعر بالخذلان، بل بالامتنان للا وجود، وللظروف الصعبة التي أوصلتك للنور، وتعلَّم ألا تكون خطوط حياتك متوازية تأخذك إلى الاتجاه نفسه.. التقاطع وإن عرقل مسيرك لكنه سيوفر لك مقارنة مرجعية، وسيتيح لك 4 طرق باتجاهات متنوعة وبالمجان.. علمتني الحياة أن من (باعك) أكثر أمانًا ممن لم (يَبِعْك ولم يَشْتَرِكَ)، وأن الرفض أكثر راحةً من تصنُّع الاستمرار الناجح، وأن تعلن إفلاسك أهون من أن تتظاهر بالربح وتتكبد مزيدًا من الخسائر، وأن من يملك (الصفر) قوي بطموحه وانطلاقته؛ لأن الخوف من الخسارة ليست خيارًا بالنسبة إليه؛ فالوجود قد يكون في انعدام الموجود.

Related Stories

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa