كأس السوبر الإسباني من ملعب متواضع بإقليم الباسك إلى «الجوهرة المشعة»
عندما دوَّت الصافرة معلنةً انطلاق مباراة الدور قبل النهائي لبطولة كأس السوبر الإسباني، بين ريال مدريد وفالنسيا، التي أقيمت على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية، مساء أمس الأربعاء؛ تكون البطولة قد قطعت رحلة طويلة عبر التاريخ، من الملاعب الإسبانية إلى نظيرتها السعودية، حمل خلالها العديد من اللاعبين آمال وطموحات جماهيرهم في رفع الكأس التي تناقلتها العديد من الأندية، لكن بكل تأكيد فإن إقامة كأس السوبر الإسباني لأول مرة في السعودية، تعد علامة فارقة في تاريخ تلك البطولة.
بداية ودية
وعلى الرغم من أن كتب التاريخ تشير إلى أن بطولة كأس السوبر الإسباني أقيمت لأول مرة في عام 1982، فإن لها جذورًا أكثر عمقًا، عبر ثلاث بطولات ودية أقيمت لأول مرة بين عامي 1940 و1945 لكن تحت مسميات مختلفة؛ فتارةً تسمى كأس الأبطال الإسبانية، وتارةً أخرى تسمى كأس رئيس الاتحاد الإسباني، ومرة ثالثة سميت كأس الأرجنتين الذهبية، لكن القاسم المشترك بين البطولات الثلاث هي أنها جمعت بين بطلي الدوري وكأس الملك.
وبين عامي 1947 و1953، تطور الأمر بإقامة بطولة سُميت كأس إيفا دوارتي تكريمًا لزوجة رئيس الأرجنتين وقتها، ومرةً أخرى جمعت البطولة بطل الدوري بنظيره في بطولة كأس الملك.
الانطلاقة الحقيقة
أما البداية الحقيقية لكأس السوبر الإسباني بالشكل المتعارف عليه، فكانت في عام 1982؛ حين التقى ريال مدريد بطل كأس الملك وريال سوسيداد بطل الدوري الإسباني، ووقتها أقيمت كأس السوبر من مباراتين، فالتقى الفريقان ذهابًا على ملعب سانتياجو برنابيو بالعاصمة مدريد، وانتهى بفوز ريال مدريد بهدف دون رد، قبل أن تكرر المواجهة إيابًا على ملعب أتوكسا الخاص بفريق ريال سوسيداد الواقع في مدينة سان سيباستيان بإقليم الباسك.
وخلال مباراة العودة، تمكن أصحاب الأرض من تسجيل هدف ليحتكم الفريقان إلى الوقت الإضافي الذي شهد انهيارًا تامًّا من جانب ريال مدريد الذي استقبلت شباكه ثلاثة أهداف أخرى، لتنتهي المباراة بفوز سوسيداد برباعية نظيفة، وفوزه بكأس السوبر الإسباني بمجموعة اللقاءين 4-1.
تغيير النظام
وبعد هذه المباراة، تواصلت بطولة كأس السوبر الإسباني لتصبح أحد مجالات التنافس الحامية بين الفرق الإسبانية العريقة، ومع ازدياد أهمية البطولة، تم تغيير نظامها في عام 2018 من مواجهة بين بطل الدوري والكأس بنظام الذهاب على أرض بطل الكأس والإياب على ملعب بطل الدوري؛ إلى إقامتها من مباراة واحدة على ملعب محايد، قبل أن يتم إقرار تغيير جذري على نظام البطولة، لتجمع أربع فرق هي بطل الدوري الإسباني ووصيفه، وبطل كأس الملك ووصيفه، على أن يتم إجراء قرعة لتحديد جدول مباريات الفرق بالبطولة، والأهم هو إقرار إقامتها خارج إسبانيا، لتنجح السعودية في الحصول على حق إقامة البطولة على ملاعبها؛ وذلك اعتبارًا من النسخة الحالية.
أتوكسا و«الجوهرة»
وبلا أدنى شك، يمكن القول إن إقامة كأس السوبر الإسباني هو تدشين عصر جديد للبطولة؛ فشتان ما بين البطولة الرسمية الأولى في 1982 التي أقيمت على ملعب أتوكسا الذي يسع 27 ألف مشجع، وبين البطولة الحالية التي تقام على «الجوهرة المشعة» أحد أفضل وأحدث الملاعب في العالم، المزود بأحدث الإمكانات التي تجعله جاهزًا على الدوام لاستقبال مباريات على أعلى مستوى.
برشلونة محتكر الألقاب
ويعد برشلونة هو صاحب نصيب الأسد من ألقاب كأس السوبر الإسباني؛ حيث سبق أن فاز باللقب 13 مرة، كما حصل على مركز الوصيف عشر مرات، يليه غريمه التقليدي ريال مدريد، وله عشرة ألقاب، فيما جاء في مركز الوصيف خمس مرات، ثم ديبورتيفو لاكرونا الذي يملك ثلاثة ألقاب سوبر، ففريق أتلتيكو مدريد الذي لم يفز بكأس السوبر الإسباني سوى مرتين، وهو ما حققه كذلك أتلتيكو بلباو، ثم فرق إشبيلية وفالنسيا وريال ساراجوزا ومايوركا وريال سوسيداد.
ميسي الهداف
وبطبيعة الحال، يأتي الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة، على رأس هدافي كأس السوبر الإسباني، بعدما تمكن من تسجيل 13 هدفًا في 18 مباراة خاضها بألوان الفريق الكتالوني، وهو يبدو غير مهدد على الإطلاق بفقدان لقب الهداف؛ حيث يأتي في المركز الثاني نجم ريال مدريد السابق راؤول جونزاليس بسبعة أهداف أحرزها في 12 مباراة بالبطولة.
الحلم أصبح واقعًا
وعندما تشير عقارب الساعة إلى العاشرة مساءً بتوقيت السعودية، سيكون ليونيل ميسي على موعد مع زيادة غلته من الأهداف عندما يقود برشلونة في مواجهة صعبة أمام أتلتيكو مدريد.
وتنتظر جماهير الكرة في السعودية، بشغف كبير، ظهور برشلونة على أرض «الجوهرة المشعة»؛ لمشاهدة إبداعات ميسي ورفاقه وهم ينثرون المتعة الكروية في الملعب بلمساتهم السحرية، التي لطالما اقتصرت متابعتها على الشاشات، لكن الحلم أصبح حقيقة، وسيكون بإمكان السعوديين مشاهدة «البارسا» وتشجيع لاعبيه على أرض الواقع.