يبدو أن الصدام أمام عرب آسيا، بات مصير فريق الترجي الرياضي التونسي كلما حطَّ الرحال في ساحات كأس العالم للأندية، الواقع الذي كبَّد أبناء باب سويقة خروجًا معتادًا من الدور ربع النهائي للبطولة ورسخ عقدة؛ ربما منحت الأقدار الفرصة أمام بطل إفريقيا لكسرها قبل العودة إلى الديار.
فلم يكد الترجي يكتب فصلًا جديدًا في الخسارة أمام بطل آسيا، في مشهد تكرر في ثلاث مناسبات، هي عمر مشاركات الفريق التونسي في مونديال الأندية، حتى بات على موعد مع مواجهة جديدة أمام طرف عربي آخر من القارة الصفراء، عندما يصطدم بصاحب الضيافة السد القطري، غدًا الثلاثاء، في مباراة ثأرية لتحديد المركز الخامس، تمثل سيناريو مكررًا لصدام الطرفين قبل 8 أعوام.
فك العقدة
وتتشابه دوافع الطرفين في موقعة الغد، على ملعب «خليفة الدولي» بالعاصمة القطرية الدوحة؛ حيث يسعى الفريقان إلى تضميد الجراح، وانتزاع فوز معنوي يصالح به صاحب الدار الجماهير، ويفك فريق الدم والنار العقدة العربية.
والواقع، أنه قبل بداية البطولة، لم يكن أيٌ من الفريقين يتمنى خوض هذه المباراة، التي تعتبر مواجهة للترضية فقط، خاصة أن الصراع فيها يدور على الهروب من المركز قبل الأخير، بدلًا من المنافسة على إحدى ميداليات البطولة.
وعاند الحظ كلًا من الفريقين في مباراته بالدور الثاني، ليفرضا موعدًا شرفيًا لاحتلال المركز الخامس؛ حيث سقط الترجي أمام الهلال السعودي بهدف دون رد، في مواجهة اتسمت بالحماس والندية، وصمد الفريق الإفريقي أمام هجمات بطل آسيا، ولم تحسم الموقعة إلا بهدف متأخر سجله الفرنسي البديل بافيتمبي جوميز في الدقيقة 73.
وشهدت المباراة عدة فرص ضائعة من الفريقين، وفشل الترجي في هز الشباك من كرة عكسية حوَّلها ياسر الشهراني بطريق الخطأ في مرماه، قبل أن يتعملق عبدالله المعيوف للحفاظ على نظافة الشباك، فيما كان الهلال حاضرًا في الموعد الأول، وترجم الأفضلية إلى هدف رائع لجوميز، أهان فيه المدافع التونسي بمراوغة رائعة.
انهيار السد
ولم يكن السد القطري أسعد حالًا من نظيره الترجي، بعدما سقط صاحب الضيافة أمام مونتيري المكسيكي، بعد مباراة مثيرة، نجح خلالها أبناء المدرب الإسباني تشابي هيرنانديز في مضايقة بطل كونكاكاف، وتقليص الفارق مرتين، والبقاء في الأجواء حتى الرمق الأخير.
ووجد السد نفسه متأخرًا مع نهاية الشوط الأول بهدفين محبطين، الأول هو الأروع في البطولة حتى الآن، من تسديدة بعيدة المدى سكنت في الزاوية القاتلة من المرمى، بينما جاء الثاني هدية من الإسباني جابي، بعدما منح روجيليو فونيس فرصة الانفراد التام بمرمى فريقه؛ ليضاعف الفارق.
ورغم محاولات رفاق حسن الهيدوس الدخول في الأجواء وتدارك الموقف، لم يشفع هدف بونجاح المبكر في الشوط الثاني، أو صاروخية عبدالكريم حسن في الوقت المبدد من إعادة السد إلى المباراة، بعدما تكفَّل بينهما كارلوس رودريجيز بحسم الأمور بالهدف الثالث.
وعلى تلك المعطيات، تبدَّد حلم كلٌ من الفريقين مبكرًا في المنافسة على الذهاب بعيدًا في البطولة، وأصبح الهدف الآن، هو تضميد الجراح وإنهاء المشاركة في البطولة بأفضل شكل ممكن.
سيناريو مكرر
ويخوض السد مباراته الثالثة في البطولة الحالية؛ حيث افتتح المضيف البطولة؛ بالفوز على هينجين سبورت من كاليدونيا الجديدة بطل أوقيانوس بثلاثية مقابل هدف في الدور الأول، لكنه خسر أمام مونتيري في الدور الثاني.
ويجمع مونديال الأندية بين الفريقين للمرة الثانية؛ حيث سبق للفريقين أن التقيا في 2011، ولكن المواجهة كانت في الدور الثاني، وفاز السد قبل أن يحرز الفريق المركز الثالث في البطولة، علمًا بأنها كانت المشاركة الوحيدة السابقة له.
وفي المقابل، يخوض الترجي مباراة تحديد المركز الخامس للمرة الثالثة في ثلاث مشاركات له بمونديال الأندية؛ حيث خسرها في نسخة 2011 أمام مونتيري المكسيكي، وفاز فيها بنسخة 2018 على جوادالاخارا المكسيكي بركلات الترجيح.
تجنُّب الأخطاء
وألقى الإسباني تشافي هيرنانديز المدير الفني لفريق السد، باللوم في الهزيمة أمام مونتيري بالدور الثاني على الأخطاء التي ارتكبها اللاعبون في المباراة، قائلًا: «الأخطاء كانت سببًا في الخسارة، ومن الممكن أن نكون أفضل في المستقبل. كنت أتمنى الفوز، ولهذا أشعر ببعض الغضب، أعتقد أن مونتيري جاهز الآن للمنافسة مع ليفربول لأنه فريق جيد».
وتابع مدرب السد: «سنواجه الآن الترجي، الذي قدَّم مباراة جيدة أمام الهلال، خاصة في الدفاع، نعرف الفريق ومدربه، وسنسعى للفوز أمامه بالمركز الخامس».
ويعتمد السد على مجموعة متميزة من اللاعبين، خاصة في الهجوم، الذي يقوده المتألق الجزائري بغداد بونجاح، ومن خلفه الموهوب أكرم عفيف، ومعه الجناحان الرائعان بدرو ميجيل، وعبدالكريم حسن.
وفي المقابل، يحتاج الترجي لمزيدٍ من التركيز أمام مرمى المنافس، بعدما تسابق لاعبوه، خاصة أنيس البدري في إهدار الفرص السهلة أمام الهلال، كما يحتاج الدفاع لمزيدٍ من التركيز، بعدما تسببت الأخطاء في خطورة فائقة على مرمى الفريق خلال لقاء الهلال.
وكان معين الشعباني المدير الفني للترجي، قد أكَّد أن الإمكانات العالية لنادي الهلال، والمهارات الفردية للاعبيه الأجانب، هي ما منحته التفوق على بطل إفريقيا خلال مباراتهما بالبطولة الحالية.
وأشار الشعباني، إلى أنه في حالة استبعاد إمكانات وقدرات اللاعبين الأجانب المحترفين في صفوف الفريقين، ستكون الكفتان متساويتين إلى حدٍ بعيد، موضحًا أن أندية إفريقيا ليست لديها الإمكانات المالية، التي تمنحها القدرة على دعم صفوفها، مثل الهلال وبعض الأندية الأخرى.
ومع امتلاء صفوف السد بالعديد من النجوم في مختلف المراكز، سيكون الترجي أمام اختبار صعب آخر، ولكن الفريق القطري لا يضم نفس العدد الكبير من المحترفين الأجانب البارزين، الذين تزخر بهم صفوف الهلال، ما يعني أن مباراة الغد ستكون بمثابة ساعة الحقيقة بالنسبة للترجي والشعباني.