يترقب العالم قمة المناخ «كوب 27»، في نسخته لهذا العام، وتسضيفها مصر، ومن المقرر أن تنعقد خلال الفترة من 6 – 18 نوفمبر الجاري في مدينة شرم الشيخ، وتناقش عديدًا من الملفات المهمة في هذا الشأن، بداية من تقديم التمويل للتحول إلى الطاقة النظيفة، وحماية غابات العالم، ومساعدة المدن على الحماية من مخاطر التغير المناخي في المستقبل، بينما يوجد بعض القضايا التي تحظى بالاهتمام أكثر من غيرها والتي سيتم تناولها على طاولة قمة "كوب 27" خلال الأيام القادمة.
شهدت محادثات قمة المناخ "كوب 26" العام الماضي اتفاق الدول المشاركة على الخفض التدريجي لإنتاج الفحم وتقليص دعم الوقود الأحفوري، وتعزيز الحد من تمويل الوقود الأحفوري حتى يتم خفض انبعاثات غاز الميثان والتي تتسبب في التغير المناخي الاحتباس الحراري، ورغم ذلك فقد دفعت اضطرابات الطاقة الناتجة عن الحرب في أوكرانيا عديدًا من الدول بالاتحاد الأوروبي إلى معاودة فتح محطات الكهرباء والتي تعمل بالفحم .
وفي السياق قضايا قمة المناخ والوقود الأحفوري فتستمر الصين في التوسع في بناء مناجم الفحم، بينما تسعى فيتنام وإندونيسيا إلى تعزيز الإنتاج من المناجم القائمة بالفعل، وقد أدى حدوث تراجع في الاقتصادات الكبرى عن وعودها بأن تتخلى عن الوقود الأحفوري إلى أن طالبت بعض الدول، وخاصة في إفريقيا، بأن يتم الاعتراف الرسمي بالسماح لها لكي تقوم بتطوير احتياطاتها من الوقود الأحفوري، لذا من المحتمل أن يكون الوقود الأحفوري واضحًا في كافة البيانات الافتتاحية للقادة الأفارقة المشاركين في المؤتمر.
فقد ركزت مصر على قضية الخسائر والأضرار الناجمة عن الكوارث المتغلقة بالمناخ وخاصة وانها تستضيف النسخة الـ27 للمؤتمر، بينما لم تكن قضية هذه الخسائر التي تم مناقشتها على مدار سنوات جزءاً من جدول الأعمال الرسمي الخاص بمحادثات الأمم المتحدة، بينما تقوم الدول الغنية وبوضع آلية تمويل لكي تلزمها بدفع تعويضات عن الأضرار المناخية التي تحدثها عبر التاريخ.
وتعم حالة من الاحباط على الدول النامية بسبب عدم وفاء الدول الغنية بما وعدت به سابقا الخاص بشأن تقديم تمويل يتعلق بالمناخ، كما تقف هذه البلدان النامية هذا العام في صفاً واحداً من أي أجل المطالبة بإنشاء صندوق "الخسائر والأضرار".
و أظهرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيداً من الانفتاح لإجراء المناقشات ، ورغم ذلك مازالت هذه الدول متحفظين من فكرة إنشاء الصندوق، بينما أكد واشنطن قبل مؤتمر "كوب 27"، أنه لابد من التركيز خلال القمة على إيجاد طرق تمويل للتعويض، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات في هيكل بنوك الخاصة بالتنمية متعددة الأطراف حتى تكون أكثر استعداداً بما يساعدة في التصدي لأزمة المناخ.
ولا يزال يجب على جميع البلدان التي تمتلك دخل مرتفع أن تفي بوعودها والتب تقديم 100 مليار دولار سنوياً حتى يتم تمويل أنشطة مكافحة تغير المناخ، بينما قد أسهمت هذه الدول في المتوسط على نحو 80 مليار دولار فقط سنوياً، وذلك وفقاً لآخر تقدير تم نشره عام 2019، ورغم ذلك تتناول المحادثات في قمة المناخ تعزيز هذا الهدف السنوي لكي يصعد من 100 مليار دولار بدءًأ من عام 2025.
ويجرى تخصيص ربع التمويل حتى الآن لمشروعات تكيف المجتمعات مع حدوث ارتفاع درجات الحرارة بجميع انحاء العالم، كما تريد البلدان منخفضة الدخل والتي تتعرض لمخاطر تغير المناخ وذلك فضمان مضاعفة المساهمات التي يتم إنفاقها على التكيف بحلول عام 2025، وقد التعهد بالتزام في محادثات المناخ التي تم اجراؤها العام الماضي في غلاسكو باسكتلندا وت٩ت رعاية الأمم المتحدة، وذلك حتى هذه النسبة التي تقل عما يقول المتخصصون إنه ضروري لكي يتكيف الدول الأكثر عرضة للخطر، حيث يقدر التقرير الصادر عن مكتب التجارة والتنمية والذي هو تابع للأمم المتحدة أن فاتورة تكيف الدول النامية تبلغ 300 مليار دولار خلال عام 2030.
كما تناقش قمة المناخ دور بنوك التنمية في دعم الدولة النامية،، بينما دعت شخصيات بارزة إلى أن يتم اتخاذ إجراءات إصلاح شامل لكافة المؤسسات المالية الدولية، لذا في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي خلال الشهر الماضي، قامت الولايات المتحدة وألمانيا بالتوجه نحو "إصلاح جذري" للبنك حتى تتمكن من مجابهة التحديات الناشئة، ومن بين هذه التحديات هي تغير المناخ على مستوى العالم.
كما يطالب بعض الإصلاحيين بعدد من المنح والقروض الميسرة حتى تتجنب الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الاضطرار التي تنتج عن دفع أسعار فائدة مرتفعة، وفي ذلك السياق قال المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري خلال الخطاب الذي ألقاه بالشهر الماضي، إن القيام بإجراء إصلاحات خطوة محورية حتة يتم معالجة أزمة هذه المرحلة موضحا أنه إن يوجد مقترحات يمكن أن تضخ المئات من مليارات الدولارات لكي يتم تعزيز سعة الإقراض لدى (بنوك التنمية متعددة الجنسيات) وذلك دون الحاجة إلى أن يتم اللجوء إلى رؤوس أموال جديدة من جانب المساهمين"، أو المخاطرة الخاصة بتخفيض التصنيف الائتماني.
وخلال مؤتمر قمة المناخ "كوب 26" قد تعهدت جميع الدول بمراجعة الخطط المناخية الوطنية الخاصة بها وتعزيزها، ومن ثم قد أطلق عليها اسم "المساهمات المحددة وطنياً" بينما بحلول نهاية هذا العام لكي يتم التأكد من أنها تتماشى مع اهداف اتفاقية باريس التي تتمثل في القيام بمنع تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض عتبة 1.5 درجة مئوية وهو فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لكن بالاطلاع على "التقرير التجميعي" الذي صدر عن الأمم المتحدة الشهر الماضي بشأن المساهمات التي تم تحديدها وطنياً لهذا العام بينما يظهر أن 24 دولة فقط هم من أصل 194 قامت الدولة بتحديث خططها.
بينما نترقب المحادثات المقبلة في قمة المناخ في مصر من قوة دافعة جديدة في هذه المسألة، بالإضافة إلى تعزيز الحكومة الأسترالية الجديدة والتي هي بالفعل تعهدت بخفض الانبعاثات 43 في المئة بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تحسن كبير عن تعهدها في عام 2015 من خفض الانبعاثات بنسبة 26-28 في المئة عن المستويات 2005 وذلك بحلول عام 2030.