على بعد 35 كيلومترا من محافظة المجاردة بمنطقة عسير في أقصى الشمال الشرقي للمحافظة، يقع "جبل القوس" بمركز عبس، والذي تأسس عام 1401هـ، حيث يشكل موقعاً جغرافياً ووجهة سياحية لزواره بما يمتاز به من أجواء دافئة في الشتاء والربيع، والاعتدال في الصيف والخريف، وبكثرة أمطاره، ومطلاته الساحرة، وقُربة من السراة بمسافة لا تزيد عن 13 كيلو، حيث يحده من الشمال والغرب مركز العرضية الجنوبية بمحافظة العرضيات بمنطقة مكة المكرمة، ويحده من الجنوب مركز ختبة التابع للمجاردة ومركز وادي زيد بمحافظة النماص، ومن الشرق مركز السرح ومركز بني عمرو بمحافظة النماص ومركز آل سلمة بمحافظة بلقرن.
ويجسد "جبل القوس" أحد أشهر جبال مركز عبس التابع لمحافظة المجاردة أهمية في مهارة التعامل مع المكونات الطبيعية والاستفادة منها دون الإخلال بالتوازن البيئي، بإطلالته البهية على عدد من القرى والموقع الحرفية التي كانت تتم بها عمليات قص الأحجار ونقلها.
كما تتميز قرى مركز عبس بفنها المعماري القديم؛ حيث كانت تُبنى المنازل والقصور والحصون بالحجارة، وتسقف أسطحها بجذوع الأشجار مثل شجر "النمي" الذي كان يقطع ثم يوضع أثناء البناء وسط المنازل ويسمى ب"الدعمة" لحمل السقف، وقد توضع جذوع أشجار السدر؛ لكي تخفف الحمل على المنزل، حيث تتكون من عدة طوابق وأقسام تسمى "السرحة، والعلو، والسفل، والداخلة، والوشية، والقترة".
ويقول عدد من كبار السن الذين عاشوا في القرى المجاورة لجبل "القوس" أنه كان يتم قص الأحجار من مواقع محددة في الجبل بواسطة أشخاص مهرة ومتخصصين يستخدمون أدوات تقليدية مثل: المعول، والمطرقة، ثم تتم عمليات التصنيع في المكان نفسه، وتنقل بعد ذلك على ظهور "الإبل" إلى الأسواق بما فيها "سوق عبس"، وبعض المنازل.
ويعد سوق "عبس" الذي ما زالت آثاره قائمة في وسط قرية الحيد بمركز عبس من أشهر الأسواق التاريخية قديماً، وقد ذكره الباحث الدكتور غيثان بن علي بن جريس في كتابه "بلاد بني شهر وبني عمرو خلال القرنين الثالث والرابع عشر الهجريين" ضمن أهم الأسواق الأسبوعية، مشيراً إلى الأسواق الأسبوعية في الأجزاء التهامية كسوق السبت بقرية ختبة، وسوق الأحد أو ما يسمى أحد عبس بقرية الحيد.
وأكد أهمية الدور الذي كانت تقوم به تلك الأسواق والمراكز التجارية في جلب السلع وبيعها، مضيفاً دورها الاجتماعي الذي تمثله حيث اللقاءات الاجتماعية والتعارف، وتبادل الأخبار، وحل المشاكل والخلافات الفردية والجماعية.
يذكر أن معظم المواقع التراثية في منطقة عسير تبرز أحجار "المرو" و"الجس" الأبيض كأحد أهم مظاهر الاعتناء بالشكل الجمالي للقصور أو البيوت التقليدية بما فيها مركز "عبس"، واعتمادها على المواد الأولية من الطبيعة المحيطة، حيث تستخدم في البناء الأحجار الصلبة التي تشتهر بها الجبال المحيطة بالقرى مضافاً لها الطين الممزوج بالماء مع العشب الجاف.