تمثّل المشاريع الحضرية التي تجمع بين الحفاظ على الموارد الطبيعية وتوفير مرافق ترفيهية متكاملة، توجهًا حديثًا في تطوير المدن الكبرى؛ إذ تسهم في تحسين جودة الحياة، وتعزيز العلاقة بين الإنسان والبيئة، من خلال تحويل العناصر الطبيعية إلى واحات حضرية مفتوحة تتيح للسكان والزوار الاستمتاع بالتجارب الترفيهية في الهواء الطلق ضمن بيئات آمنة ومستدامة.
وفي إطار ترجمة مستهدفات التنمية الحضرية المستدامة، طُوّر"وادي حنيفة"، ليكون إحدى الوجهات الرئيسة ضمن مشروع المسار الرياضي في العاصمة الرياض، ويمتد بطول (13.4) كيلومترًا من سد العلب شمالًا حتى طريق جدة جنوبًا، ليشكل نموذجًا متقدمًا في استثمار الموارد البيئية داخل النطاق العمراني، عبر تصميم يراعي الانسيابية الطبيعية للتضاريس، ويحتوي على مرافق متنوعة تلبي احتياجات الزوار من مختلف الفئات.
ويشتمل المشروع على مسارات مخصصة للمشي وركوب الدراجات الهوائية ورياضة الخيل، نُفذت بأسلوب يتناغم مع المشهد الطبيعي، وتتوزع على امتداده محطات توقف، ومرافق خدمية تشمل مواقف للمركبات، ومناطق مظللة للاستراحة، مما يعزز من جاذبيته وجهةً ترفيهيةً مفتوحةً تستقطب العائلات وهواة الأنشطة الخارجية.
وأوضح المهتم برياضة الدراجات زياد الكثيري، في حديثه لـ"واس"، أن المنطقة تشهد إقبالًا متزايدًا خلال فصل الصيف، نظرًا لما تتمتع به من كثافة في الأشجار والمظلات الطبيعية التي تسهم في تلطيف الأجواء، مشيرًا إلى أن وجود المسارات المظللة والبنية التحتية المناسبة مكّن الزوار من ممارسة أنشطة رياضية في أوقات كانت تمثل تحديًا سابقًا بفعل ارتفاع درجات الحرارة.
من جانبه، أشار ممارس رياضة الجري عبدالله السميري إلى أن الوجهة تُعد من أبرز المواقع الترفيهية المفتوحة في الرياض، لا سيما مع تنوع المسارات وجودة المرافق، مؤكدًا أن امتداد المسارات يتيح ممارسة الجري لمسافات طويلة ضمن بيئة طبيعية مريحة وآمنة.
ويمثل المشروع كأحد المكونات الرئيسة التي تسهم في تعزيز التفاعل المجتمعي، وتوفير متنفس طبيعي للعائلات والمهتمين بالأنشطة الخارجية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في رفع جودة الحياة داخل المدن، وتحقيق التكامل بين التنمية الحضرية والاستدامة البيئية.
ويعكس المشروع توجهًا إستراتيجيًّا نحو تحقيق الاستدامة الحضرية، من خلال إعادة توظيف المجرى الطبيعي ليكون شريانًا بيئيًّا يربط بين أحياء المدينة، ويسهم في تحسين المناخ المحلي عبر تعزيز الغطاء النباتي، وتقليل الجزر الحرارية، إلى جانب دوره في إثراء المشهد العمراني وتعزيز التوازن بين التنمية والبيئة.
ويجسد هذا النموذج الحضري مفهومًا متقدمًا في التخطيط العمراني، بوصفه عنصرًا بيئيًّا فاعلًا أُعيد تأهيله ليخدم الإنسان والمكان، ويكون جزءًا من مدينة مستقبلية ذات بيئة مستدامة وحياة نابضة.