كشفت دراسة أخيرة وجود علاقة وثيقة بين التغيرات المناخية والتغيرات التي تطرأ على حجم الجسم البشري وعلى المخ، ووجدت أن متوسط حجم الإنسان تغير بشكل كبير على مدار المليون عام الماضية بسبب تغير المناخ.
ووجد فريق من الباحثين من جامعة «كامبريدج» الأمريكية وجامعة «توبنغن» الألمانية، أن الإنسان المعاصر، من فصيلة الإنسان العاقل التي ظهرت منذ 300 ألف عام مضت، أكبر من إنسان الهومو، ولديه مخ بحجم أكبر ثلاث مرات من الإنسان الذي عاش منذ مليون عام تقريبًا، حسب صحيفة «ذا جارديان» البريطانية.
وقام الفريق بتحليل وجمع بيانات أكثر من 300 حفرية بشرية من فصيلة الإنسان العاقل مع نماذج للمناخ الإقليمي للأرض تغطي فترة مليون عام مضت، للوقوف على الدور الذي لعبه المناخ والحرارة وهطول الأمطار في دفع هذا التطور.
ووجدت الدراسة، المنشورة في مجلة «ناتشر»، صلة قوية بين درجة الحرارة وحجم جسم الإنسان، وأكدت أن البيئات الباردة والقاسية مرتبطة بحجم أكبر للجسم، في حين أن المناخات الدافئة مرتبطة بحجم أصغر للجسم. وتم ملاحظة الظاهرة نفسها في فصائل حيوانية أخرى مثل الدببة، فالدببة القطبية التي تعيش في القطب الشمالي تزن أكبر بكثير من الدببة البنية التي تعيش في بيئات ذات حرارة أعلى.
وقال دكتور مانويل ويل من جامعة «توبنغن»: «كلما زادت البرودة أصبح حجم الجسم أكبر. إذا كنت أكبر حجمًا فهذا بسبب أن جسمك ينتج حرارة أكبر، لكنه يخسرها بمعدل أقل نسبيًا».
كما قال دكتور نيك لونجريتش، من مركز التطور بجامعة «باث ميلنر»، من جهته: «الأمر ليس مفاجأة بشكل كبير، لكن من المثير التأكد من أن تطور الإنسان ليس ببعيد عن الثديات الأخرى. نواجه المشاكل نفسها عند تغير الحرارة، ويبدو أننا تطورنا بطرق عدة».
ووجدت الدراسة كذلك رابط بين حجم الدماغ البشري والمناخ، نافية في الوقت نفسه وجود أي ارتباط بين درجات الحرارة وحجم الدماغ. كما ربط الباحثون المناخات الأكثر استقرارًا بحجم أكبر للدماغ، ويرتبط هذا بالاحتياجات الغذائية للبشر في البيئات ذات استقرار مناخي متغير.
وبالمقارنة مع الأنواع التي تسبق الإنسان العاقل، مثل الإنسان الماهر، يعتبر الإنسان المعاصر أثقل بنسبة 50% مع حجم دماغ أكبر ثلاث مرات، لكن الأسباب الكامنة وراء مثل هذه التغييرات لا تزال محل نقاش.
اقرأ أيضًا:
