تنطلق الانتخابات الرئاسية الأكثر جدلًا في إيران، خلال أيام، وسط منافسة حامية بين التيار المحافظ، المتمثل في المرشد الأعلى آية الله خامنئي والموالين، والتيار المعتدل، وتوقعات بتسجيل نسبة مشاركة هي الأقل في تاريخ الجمهورية الإيرانية.
وحث آية الله خامنئي الناخبين بالمشاركة في السباق الرئاسي، الذي ينعقد في 18 من يونيو الجاري، في ظل إقصاء غالبية المرشحين من التيار المعتدل والإصلاحيين من خوض السباق، ما ترك الساحة خالية أمام المنافسين من التيار المحافظ.
وقالت وكالة «بلومبرج» الأمريكية، إن «السباق المقبل لا يختلف كثيرًا عن ما سبقه.. فرجال الدين ذوي النفوذ في البلاد بنوا شرعتيهم السياسية على عملية انتخابية محدودة، يرون أنها تعكس رغبة الشعب».
والآن، أعرب عديد من المسؤولين، بينهم الرئيس المنتهية ولايته، حسن روحاني، عن قلقهم من أن قائمة المرشحين المحدودة ستدفع كثيرًا من الناخبين لعدم المشاركة في الانتخابات ما يقوض مصداقية النظام الانتخابي.
وبالنسبة إلى العالم أجمع، الانتخابات الإيرانية تعني مجرد استبدال روحاني، التابع للتيار المعتدل، برئيس آخر سيكون معادي للغرب ومعادي للاتفاق النووي الموقع بالعام 2015.
اليك ما نعرفه عن الانتخابات الرئاسية:
المرشحين
من بين 592 قدموا أوراقهم لخوض السباق الرئاسي، وافق مجلس صيانة الدستور على سبعة مرشحين فقط.
ويتمتع المجلس -الذي يتكون من 12 عضوا من الخبراء القانونيين عينهم خامنئي نفسه- بنفوذ قوي ويقوم بفحص المرشحين، ويملك حق النقض على كل التشريعات التي يمررها البرلمان.
وتشمل قائمة المرشحين خمسة ينتمون إلى التيار المتشدد، أبرزهم إبراهيم رئيسي، وهو رئيس السلطة القضائية، وسعيد جليلي، الذي شغل منصب رئيس البرنامج النووي في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، ومحسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري.
ولا يخفي كل من جليلي ورئيسي معارضتهم الصارخة للاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الولايات المتحدة والقوى الدولية في 2015، ولهم عداء واضح ضد الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.
أما المرشحان اللذان ينتميان إلى التيار المعتدل، فهم محسن مهر رزيده، الذي شغل منصب النائب للرئيس السابق محمد خاتمي، وعبدالناصر همتي، المحافظ الحالي للبنك المركزي.
وسبق وخاض مهر رزيده السباق الانتخابي بالعام 2005 أمام أحمدي نجاد، لكنه لم يحصد سوى 4% فقط من الأصوات. أما همتي فهو لا يملك صلات معلنة بأي تيار سياسي، ويقود محاولات إنعاش الاقتصاد الإيراني، في ظل العقوبات الأمريكية القاسية والأزمة التي خلفتها جائحة «كورونا»، والتي تعد الأسوأ في الشرق الأوسط.
نسب المشاركة
تحدثت «بلومبرج» الأمريكية عن توقعات مراقبين بانخفاض نسب مشاركة الناخبين في السباق الرئاسي، وأشارت إلى استطلاع للرأي شمل خمسة آلاف شخص، أُجري نهاية مايو الماضي، قال فيه 32% ممن جرى استطلاع آرائهم إنهم لن يشاركوا في العملية الانتخابية، مقابل 34% سيشاركون.
وتأتي الانتخابات في ظل حالة عامة من عدم الرضا بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تشهدها البلاد، حيث عانت الطبقة المتوسطة، التي غالبًا ما تصوت لمرشح من الإصلاحيين، العبء الأكبر جراء العقوبات الأمريكية المفروضة بحق طهران، مع ارتفاع نسب البطالة وتدهور قيمة العملة المحلية، ما أثر بشدة على القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي الوقت نفسه، أجهزت السلطات الإيرانية، على رأسها الحرس الثوري، بقسوة ضد حرية التعبير وأي بادرة للمعارضة، حيث سجلت المجموعات الحقوقية الأجنبية موجة عنف هي الأسوأ منذ الثورة الإيرانية بالعام 1979.
الاتفاق النووي
الانتخابات الرئاسية ليست ببعيدة عن المفاوضات الجارية في فيينا لإحياء اتفاق العام 2015 النووي، ويقول مراقبون إن المفاوضات مع الولايات المتحدة والقوى الدولية سيكون لها تداعيات مباشرة على نتيجة الانتخابات الرئاسية في إيران.
وأوضحت «بلومبرج» أن إحراز تقدم في مفاوضات فيينا صوب تجديد الاتفاق ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة بحق طهران، وبالتالي تشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الطاقة والبنية التحتية التي عفا عنها الزمن، ما يعني تعزيز موقف المرشحين من التيار المعتدل.
لكن تأجيل التوصل إلى اتفاق في وقت قريب قبل انطلاق المفاوضات يعني أنه سيكون من الصعب بشكل كبير إحياء الاتفاق من جديد أو إبرام صفقة جديدة، حسب «بلومبرج».
اقرأ أيضًا: