أنفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على مدار عقدين من الزمن مئات ملايين الدولارات لبناء قواعد بيانات للمدنيين في أفغانستان، بهدف تعزيز الأمن والنظام والمحاسبة، وتسهيل عمل الحكومة في كابول.
لكن بعد السيطرة السريعة لحركة «طالبان» على كامل أفغانستان، أُثيرت مخاوف بشأن وقوع هذه القواعد الرقمية الضخمة، بما فيها القياسات الحيوية للتحقق من الهويات، في يد عناصر الحركة، بالنظر إلى قلة إجراءات الحماية لهذه القواعد، مع قلق من استخدامها لبسط السيطرة الاجتماعية ومراقبة المعارضين ومعاقبة الأعداء، حسبما نقلت وكالة «أسوشيتد برس»، اليوم الثلاثاء.
ومنذ سقوط العاصمة كابول في يد «طالبان»، منتصف أغسطس الماضي، ظهرت دلائل على استخدام قواعد البيانات الحكومية ضمن مساعي الحركة لترهيب وتخويف الأفغان الذين عملوا مع القوات الأمريكية.
وقالت نيشا سواريز، مديرة الخدمات التأسيسية للنائب سيث مولتون من ماساتشوستس، إن العديد من هؤلاء الأفغان تلقوا مكالمات هاتفية تهديدية ورسائل نصية وعلى تطبيق «واتساب».
وقال متعاقد أمريكي في كابول لـ«أسوشيتد برس»، طلب عدم ذكر اسمه، إنه، وزملاؤه، وضعوا قاعدة بيانات بتمويل أمريكي لإدارة رواتب عناصر الجيش والشرطة، مشيرًا إلى تلقى رسائل تهديد كثيرة ما دفعه لتغيير موقعه أكثر من مرة خوفًا من استهدافه.
وتشمل القواعد الخاصة بالرواتب بيانات أكثر من 700 ألف من عناصر القوات الأمنية، تغطي فترة أربعين عامًا مضت، وتشمل 40 فئة بيانات على الأقل، بينها تواريخ الميلاد وأرقام الهواتف وأسماء العائلة والبصمات ومسح للوجه وغيرها.
وقالت مصادر من الحكومة الأفغانية السابقة إن أشخاص معنية يملكون تصريح الولوج إلى هذه القواعد، ومن الممكن أن تلجأ «طالبان» إلى قرصنة القواعد إذا فشلت في العثور على من يملك تصريح الولوج، وتوقعت أن تقدم المخابرات الباكستانية المساعدة في هذا الشأن، وكذلك المخابرات الصينية أو الروسية أو الإيرانية.
ونمت قواعد بيانات تحديد الهوية الأفغانية لتضم 8.5 مليون سجل تقريبًا، بينها بيانات معارضي الحكومة والمدنيين العاديين، وحينما سقطت العاصمة كابول، تم تحديث هذه القواعد بموجب عقد بقيمة 75 مليون دولار موقع بالعام 2048.
لكن مسؤولين من الولايات المتحدة أكدوا أنه جرى تأمين قواعد البيانات قبل وصول «طالبان» إليها.
وقال ويليام جريفز، كبير المهندسين في مشروع القياسات الحيوية في وزارة الدفاع الأمريكية، إن قاعدة البيانات تم محوها بالكامل باستخدام برنامج مسح بيانات عسكري، إضافة إلى مسح بيانات تغطي فترة عشرين عامًا تم جمعها من اعتراض المكالمات الهاتفية واتصالات الإنترنت من قبل المخابرات الأفغانية.
ومن غير الواضح ما إذا سقطت قواعد البيانات الانتخابية في يد عناصر «طالبان»، وهي قواعد تضم بيانات ثمانية ملايين ناخب، وكذلك قواعد بيانات الموظفين الحكوميين، التي تضم 420 ألف مدني، بينها مسح للقزحية وبصمات اليد وغيرها.
ويقول مراقبون إن استخدام مثل هذه القواعد بشكل بناء، لتحسين التعليم وتقوية النساء ومحاربة الفساد، يتطلب نظام ديمقراطي مستقر، وهو ما تفتقر اليه أفغانستان في الوقت الحالي.
إقرأ أيضًا: