رحلة البناء بدءًا من الكهوف حتى الـ3d (1/8)

رحلة البناء بدءًا من الكهوف حتى الـ3d (1/8)
تم النشر في

شهد شكل المسكن منذ وجود البشر على الأرض، أشكالاً عدة، بدأت من بحثه عن سد حاجته من الغطاء، ثم الاحتماء من العوامل الجوية المختلفة، فاللجوء إلى الكهوف والمغارات، حتى وصل إلى القدرة على صنع الآلات التي تمكن من تطوير أكواخ بسيطة أخذت تتطور حتى أصبحت بيوتًا من خشب، ثم الحجارة، فالطين، وصولاً إلى العصر الحالي.

تقول معلومات التاريخ إن الإنسان الأول بدأ ببناء مسكنه من القش والورق والمخلفات النباتية وجلود الحيوانات بهدف توفير مأوى آمن، ثم انتقل إلى بناء حوائط بلا أسقف بطريقة بدائية، ومع الوقت تمكن من بناء الحائط القائم واستخدام المساحات وتشكيل الفراغات.

واستمر الإنسان بالعيش في هذه المساكن البدائية لحمايته من الحيوانات والبيئة المحيطة به. حتى بدأ في استخدام الحجر، ومعه بدأ الخيال والإبداع الإنساني في البناء وكان ذلك في عام 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وكانت أهم أشكال العمارة وأكثرها تطورًا وإبداعًا المعابد التي شيدت في ذلك الزمن وضمت الأضرحة وأسوارًا ومسلات شاهقة، وتماثيل حجرية ضخمة، بالإضافة إلى القبور مثل أهرامات مصر التي كانت تضم مقابر للفراعنة والتي بنيت بين 2480 و2550 ق.م، وكذلك أهرامات المايا في أميركا الوسطى.

تطورت العمارة وتصاميم المساكن واختلفت على مرِّ السنين باختلاف الطبقات التي تسكنها وتقوم بعمارتها، لكن أسس البناء كانت تكون واحدة في أغلبها، حيث بدأت القصور بحجارة ضخمة مصنوعة بإتقان وبيوت العامة بحجارة عادية. ثم تطورت صناعة الحجر والطوب الطيني ومنها إلى الطوب العادي. وتطورت الأسقف من الخوص إلى الخشب وغيرها من المواد التي استخدمت في تغطية البيوت القديمة.

وكان لدخول الفترة الصناعية في القرن الـ19 آفاق جديدة حيث اختراع الإسمنت، باعتباره مادة ناعمة يتم إعدادها بالماء ثم تقسو بعد تركها فترة من الزمن وتضمن صلابة المبنى، فتغير شكل البناء والعمارة، وانتقل مفهوم المسكن من مرحلة البدائية إلى مرحلة العالم الحديث، وكان أول من اكتشف الإسمنت البورتلاندي هو "جون سميتون" عام 1824 حيث فتح هذا المكون الآفاق واسعة أمام مفهوم العقار في العقود التي تلت اكتشافه.

ورغم دخول عالم الإسمنت المسلح والخرسانة مجال البناء واعتماد العالم الحديث اعتمادًا كليًا على هذا المفهوم والتطور في البناء، فإنه استقر وسيطر نسبيًا طيلة عشرات السنين بحيث كانت أغلب الأماكن تبنى وفقًا لأسس الجيل الأول من البناء وهو البناء في أرض الموقع بدءًا من تأسيس المبنى ورفع أعمدته بالحديد والخرسانة حتى تشطيبه.

تطورت عمليات البناء في القرن العشرين وأخذت تتبنى مفاهيم جديدة عندما ازداد عدد الناس وبدت الرغبة في تقاسم العقارات بدلاً من الاعتماد على مبنى أو منزل واحد لكل شخص أو أسرة، فظهرت العمارات والأبراج السكنية وناطحات السحاب الشاهقة، بما صاحبها من نقلة نوعية ضخمة في أساليب البناء ودخول مهندسين وعلماء جدد في هذا المجال لتلبية الطاقة والقدرة على تطوير هذه المباني ودعم بقائها وإيجاد التطوير اللازم لانتشارها في العالم انطلاقًا من الولايات المتحدة الأميركية ثم الغرب.

استمرار النمط التقليدي للبناء بدأت مراجعته بعد اكتساح التقنية والإنترنت العالم مع قدوم الألفية الجديدة، إذ بدأ الحديث عن المسكن الذكي والمسكن التقني الذي يلبي طموح الساكن ويوفر له الراحة ويناسب بيئته المعيشية.

فانتقل البناء من الجيل الأول إلى الثاني الذي شهد ناطحات السحاب، ثم الثالث الذي استخدم التقنية، لنشهد حاليًا عصر الجيل الرابع من تقنية البناء التي أصبحت تستخدم تقنية الـ3D في طباعة المنازل ثم تنفيذها عبر مكونات معدة ومجهزة مسبقًا في مصانع متخصصة، بدلاً من إعدادها في مكان البناء، إذ نفذت شركة صينية عام 2015 صناعة منازل باستخدام طابعة "ثلاثية الأبعاد" عملاقة، وصل عدد الطوابق فيها إلى خمسة، كما تمَّ تنفيذ أول بيت بتقنية الــ3D في الشرق الأوسط في مدينة الرياض عام 2018 وما زالت هذه التقنية في طور التجارب والاختبارات .

إرساءلذلك، فإن تطور البناء وتقنيته قصة كبيرة وشيقة تؤرخ لتطور التفكير والعقل البشري ومدى قدرته على استثمار الظروف والإمكانيات لتحقيق بقائه ورفاهيته، وهو ما سنستعرضه في الحلقة التالية للتعرف عن نماذج وتجارب عالمية غيرت شكل السكن.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa