دعا الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور مصطفى أبو السعد، كل من قرَّرا الانفصال وإنهاء العلاقة الزوجية بالخضوع لعملية إصلاح وإرشاد، باعتبارها عاملًا مُهمًّا في حل كثير من الخلافات الأسرية.
ووصف أبو السعد، ببرنامج «بيوت مطمئنة»، إحدى مبادرات أوقاف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية في نسختها الثانية تبرير الطلاق وتحميل المسؤولية للطرف الآخر، بكونه أكبر خطأ يُرتكب في حق الأبناء وسيتحوَّل إلى ابتزاز جديد يَكمُن في شراء الولاء بعد الانفصال.
وقال أبو السعد: «أعتقد أن نسبة الطلاق بعد الخضوع لعملية إصلاح وإرشاد قد لا تتجاوز حالة في الألف، بمعنى أننا نستطيع أن نُنقذ 999 حالة، ولا تصل إلى الطلاق، وهذا الأمر يدعونا للتركيز على الإرشاد وتعديل السلوك والعلاقات باعتبار أنه يساعدنا على حل كثير من القضايا».
وأضاف الاستشاري النفسي والتربوي أن «اليُتم في التربية هو إنسان لم يجد من يربيه، ولم يجد الحب والرحمة في البيت، وإنما تُفوّض له الأجهزة والأموال والأكل والرعاية الصحية الجسدية ويُترك بلا مصادقة ولا حوار ولا رحمة ولا حُب ولا مشاركة.. ومن أسوء أنواع الإهمال عدم قول (لا) للطفل وتلبية كل احتياجاته؛ فالبيت المطمئن والمستقر هو الذي تعم فيه الرحمة والحب، ودون هاتين الصفتين لا يمكن التحدث عن أي استقرار أسري، سواء في العلاقة بين الزوجين أو العلاقة بينهما وبين الأبناء.
وتابع قائلًا إن أول ما يُريده الأبناء من الآباء والأمهات أن تكون علاقة الطرفين مبنية على السعادة والتقدير والمحبة، فلا يُمكن إشباع بقية الاحتياجات قبلها، وأكبر خطأ يُرتكب هو تبرير الآباء والأمهات هذا الطلاق باعتباره مسؤولية الآخر؛ الأمر الذي يتسبب في شحناء وبغضاء الأبناء تجاه والديهم، وقد يدخلون في ابتزاز جديد يَكمن في شراء الولاء. فالواجب أن يُزرع بين الأبناء أن هذا هو الأب وهذه الأم ولكن لم نستطع الاستمرار كزوجين.
وواصل أبو السعد حديثه عن سلوكيات الأبناء بقوله: «الإحباط خرج إلى سلوك عدواني، لذلك فإن الذي يحدث هو تحوُّل الأبناء إلى عدوانيين؛ الأمر الذي قد يُصبح عنفًا وضربًا وسرقة وتدمير الممتلكات تجاه الآخرين، أو عدوانًا تجاه ذاته، كأكل الأظافر والتأتأة والتبول اللا إرادي وفقدان الشهية ومخاوف عديدة وقولون عصبي ومغص بالبطن وصداع.. إلى آخره.
ووجّه أبو السعد سؤالًا إلى الآباء والأمهات قال فيه: «من فيكم يرى بعض هذه الصفات في ابنه؟ يعنف، يضرب، يرفض، يعاند، بشكل كبير جدًّا، متمرّد على كل الطلبات، يستفزك أمام الضيوف، فهذا مؤشر على أن هذا الابن يُمارس عدوانًا بسبب الإحباط الذي قد يكون ناتجًا عن تدهور العلاقة بين الأب والأم».
وأشار إلى أن أي طفل أو مراهق يبحث عن الاتزان، وهذا يحدث عندما تكون حاجاته مُشبعة بطريقة إيجابية فيشعر بالأمن والطمأنينة والحب والانتماء للأسرة، وكذلك التقدير والاعتبار داخل الأسرة؛ فعندما تتحقَّق هذه الأشياء سيشعر الأبناء بالاتزان الأسري. أما عندما تكون العلاقة متدهورة بين الأب والأم وتُفتقد الرحمة والمودة بينهما؛ فإن الحاجات عند الأطفال والمراهقين تكون غير مشبعة.