باتت مشكلة العنوسة في وطننا العربي من أخطر المشكلات التي تؤثر سلبًا على البنية المجتمعية، وهي مشكلة تتفاقم كلما مر الوقت دون تدخل أساسي من الهيئات والمؤسسات المجتمعية، لما لها من آثار سلبية ومخاطر كبيرة قد تؤثر على مستقبل الشباب الذي يعد عمادًا للوطن وأساسه الراسخ.
تعد نسب العنوسة المعلنة في عام 2019 في الوطن العربي نسبة عالية جدًا وصادمة وهو أمر محبط للغاية ويستدعي الانتباه إليه حتى يمكن إيجاد حل للعنوسة لأنها تعد بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت.
وأرجع الباحثون الاجتماعيون والاقتصاديون أسباب هذه المشكلة لعدة عوامل، منها اقتصادية كارتفاع أجور المهر، وغلاء المعيشة في معظم هذه المجتمعات، مع رواتب لا تلبي أدنى الاحتياجات، ومنها اجتماعية كزيادة الرغبة لدى الإناث في إكمال التحصيل العلمي، والحصول على فرص عمل تحقق لهن القدرة على الاستقلال والاعتماد على النفس.
غلاء المهور
يعد غلاء المهور من الأسباب المهمة جدًا التي تؤدي إلى زيادة العنوسة في الوطن العربي ذلك لأن هناك فجوة كبيرة جدًا بين المهور والقدرات المادية للشباب؛ الأمر الذي يجعلهم عاجزين وراء متطلبات الزواج التي تفوق مستوياتهم المادية.
طموحات الرجل والمرأة
أصبح الانخراط في الحياة العملية بالنسبة للرجال والنساء سببًا أساسيًا في تأخر الزواج، فبالنسبة للشباب فإن دخولهم في مجال البحث عن العمل والانشغال به لتأمين مستقبلهم يجعلهم منشغلين عن الترتيب لأمور الزواج لفترات قد تطول، وبالنسبة للفتيات فإن طموح الفتاة في ضمان مستقبل جيد لها بعد إتمام دراستها وإيجاد فرصة عمل لإثبات شخصيتها في المجتمع، يؤدي إلى مرور السنوات بشكل سريع دون أن تتزوج، ويفوت عليها فرصًا كثيرة للزواج والإنجاب.
البطالة
للبطالة دور كبير في زيادة مشكلة العنوسة، فلا يمكن لأي شاب بناء مستقبل جيد له ولأسرته بدون عمل، وبالتالي لن يُقدم هؤلاء الشباب على الزواج نظرًا لضعف الإمكانيات المادية وارتفاع تكاليف الزواج، والمغالاة في المهور في معظم بلدان العالم العربي، ولهذا على الجهات المعنية النظر جيدًا في هذا الأمر ومحاولة خلق فرص عمل تدفع الشباب نحو الأمل والاستقرار من جديد.
حقوق المرأة وتطلعاتها
لاعتبارات كثيرة، تفضل الكثير من الفتيات لقب العنوسة على الارتباط بشخص غير مناسب لمجرد الخلاص من لقب عانس، فالحقوق التي اكتسبتها النساء في الفترة الأخيرة جعلت تطلعاتهن للزواج ليست ذات أولوية، فالمرأة في الوطن العربي باتت تهتم أكثر بدراستها وبحقوقها كمواطنة، فأصبحت تفكر جيدًا في صفات شريك حياتها، وتضع الشروط والمواصفات التي تريدها، فلا يمكن إجبار امرأة على الزواج برجل لا ترتاح إليه وغير مقبول من وجهة نظرها من كثير من النواحي سواء الاجتماعية والمادية والعلمية.
طرق الخلاص من مشكلة العنوسة
يرى الباحثون في المجال الاجتماعي أنه يجب زيادة وعي المجتمع حول الزواج والفوائد التي يجلبها وتسهيل الطريق إليه، من خلال وسائل الإعلام وإقامة حملات إعلانية تشجع عليه.
كما أن التخفيف من شروط المهور والمسكن الملقاة على عاتق الشاب من أهم السبل لتيسير الزواج، وهو ما يشجع الرجل على التقدم لطلب الزواج من الفتاة التي يختارها، دون وجود معوقات يمكن أن يتم تفاديها ببساطة.
من الأمور المهمة لحل مشكلة العنوسة هو زيادة حملات التوعية للشاب والفتاة بالصفات الإيجابية والسلبية لشريك الحياة، وكيفية اختيار الشريك لإقامة توازن في الحياة والسعي وراء تفادي السلبيات بتعاون ثنائي من الشريكين.
وهناك دور مجتمعي مهم يمكن أن تتولاه المؤسسات الاجتماعية ومنها إقامة جلسات نقاش بين الأبناء وآبائهم وإجراء حوار حول الرغبة في الزواج واختيار المناسب دون التعصب في الآراء من قبل الطرفين، وإعطاء الأبناء الحرية في الاختيار دون وضع ضوابط متشددة.