قال الناقد الفني يحيى زريقان، إن الإعلان عن استراتيجية هيئة المسرح والفنون الأدائية يعد نقلة تاريخية حقيقية.
وأطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية استراتيجيتها التي تُعنى بتأسيس صناعة مسرحية متكاملة توثّق القصص المحلية وتوفر فرص التمكين في المجالات المندرجة ضمن المسرح.
وتضمنت الاستراتيجية التي استعرضتها الهيئة، مشاريع تعليمية وأكاديمية وإنشاء مسارح بالشراكة مع عددٍ من الجهات، والاهتمام بالتعليم المسرحي وإدراج الأنشطة المسرحية في المؤسسات التعليمية، مع مبادرة المسرح المدرسي التي تستهدف تدريب 25 ألف معلم ومعلمة، إلى جانب توفير التخصصات المسرحية ضمن التعليم العالي.
جاء ذلك في الحفل الذي حضره نخبة من المسرحيين والفنانين والإعلاميين، والذي أُقيم بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض الأربعاء الماضي.
وذكر زريقان، خلال مقابلة مع برنامج «نشرة النهار» على قناة «الإخبارية»: من الجميل جدًا أن نعيش اليوم ونرى أحلامنا تتجسد امامنا على أرض الواقع، فقد أحسنت الدولة صنعا عندما راهنت على القطاع الفني للنهوض بهذه البلاد ووضعها بالصورة اللائقة بها.
وأضاف: الإعلان عن استراتيجية هيئة المسرح والفنون الأدائية تعد نقلة تاريخية حقيقية، ففي الوقت الراهن أدركنا فيه تماما أن المسرح السعودي يتنفس بكامل رئتيه، بعدما كان مختنقا لسنوات عدة، فالمخرجات التي أعلن عنها من قبل هيئة المسرح تعد عملا تنمويا ضخما على مدى طويل جدا، وستجني ثماره الأجيال القادمة.
وتابع: كان اختيار بيئة التعليم تحديدا اختيارا موفقا جدا، كون التعليم منصة رائدة في صناعة المسرح، فهذه الخطوات التي تم اتخاذها في كافة مستويات التعليم تنبئ عن مستقبل عظيم جدا للمسرح السعودي.
وحول المكانة التي يحتلها المسرح في دول العالم المتقدم، أكد زريقان ان المسرح يحتل مكانة متقدمة منذ الأزل وعلى مدى العصور والتاريح يشكل المسرح حالة ذهنية متطورة جدا للتعبير عن حياة الأمم والشعوب المختلفة، ولذلك فنحن سعداء اليوم كمسرحيين بإطلاق هذه المخرجات لتأسيس البنى التحتية لصناعة منظومة عمل مسرحي متكامل وحقيقي يليق بالمقدرات التي تملكها المملكة العربية السعودية.
وعن آثار غياب المسرح في الفترة الماضية، أوضح أن المسرح مهم جدا في تشكيل الوعي والذوق والسلوك العام، لكنه تعرض لمحاولة خنق شديدة في السنوات الماضية، لكنه كان يتنفس.. يحبو.. يجثو.. يقف.. يتقدم.. يتراجع، فقد كان المسرح يناضل ليصل للمرحلة التي نعيشها اليوم.
وأشار زريقان إلى أن اختيار قطاع التعليم يعتبر اختيارا ذكيا جدا لصناعة حركة مسرحية، فهو البيئة المناسبة لإشاعة ثقافة المسرح أولا، وغرسها في الأجيال القادمة ثانيا، ومن ثم تحقيق المعدل التراكمي المطلوب بعد ان تنطلق الكليات والمعاهد في تدريس فنون المسرح المختلفة، ولذلك عندما أعلنت هيئة المسرح عن تلك الشراكات مع المؤسسات التعليمية فقد كان خيارا صائبًا.
وكيف يكون مستبقل المسرح بعد هذه التطورات، أوضح أن جيل اليوم يملك معرفة متطورة أشبه بان تكون ثورة معلوماتية، ولذلك فإنه قادر على دمجها فيما مضى من حصيلة مسرحية في طريقة تقديم فنوننا للآخرين، لكي نحقق من خلالها مستقبلا ومشاركات وسجلا حاضرا ينبئ بكثير من المؤشرات الإيجابية لتقديم ناتج مسرحي سعودي يليق بنا.
وذكر ذريقان، حول ما يجب ان تنتبه عليه هيئة المسرح في تنفيذ استراتيجيتها، أن الأولوية لصناعة العنصر البشري ولذلك اختارت هيئة المسرح بيئة التعليم، فعندما تؤسس أجيالا من العاملين في المهن المسرحية، عندئذ تستطيع ترجمة برامجك ومشاريعك على المدى البعيد او المتوسط أو القصير، ومن هنا كان تركيز الهيئة على ضرورة التعليم والتدريب من خلال قطاعات التعليم المختلفة.
وحول كيف تنعكس مخرجات المسرح على الشعب، قال زريقان أنها إذا انطلقت من أهم حاضنة وهي التعليم فسوف تستطيع أن تتواجد في كافة جوانب الحياة داخل المجتمع بالمكون الثقافي الذي تريد، فتستطيع ان تصنع عملا مسرحيا في مواقع مختلفة بخلاف بيئة التعليم، ولكن منصة التعليم هي أهم ركيزة أساسية إعلان انطلاقة المسرح السعودي.
وختم زريقان مطالبا بمهرجان للمسرح السعودي، فنريد مهرجانا سنويا، ومسابقات في التأليف، والديكور، الإضاءة، التمثيل، والإخراج، في كافة أرباب المهن المسرحية، ونريد حراكا يكون ترجمة لتلك المشاريع التي أعلن عنها، متوقعا أن تكون السنوات الخمس المقبلة مفصلية في ترجمة مشاريع المستقبل السعودي.