قبل مقتله في غارة أمريكية قبل ساعات، صنّفت وزارة الخارجية الأمريكية، أبومهدي المهندس، باعتباره أحد الإرهابيين المطلوبين، كما أن اسمه على «النشرة الحمراء»، للإنتربول، لكونه مطلوبًا من واشنطن والكويت، كما أنه متهم بتفجير السفارتين الأمريكية والفرنسية في ثمانينيات القرن الماضي، ولفت انتباه الجميع بعد أن أصبح من أهم المقربين من قائد فيلق القدس قاسم سليماني ومشاركته في قمع موجة الاحتجاجات الأخيرة في العراق.
ويعدّ أبومهدي المهندس، الرجل الثاني في ميليشيا الحشد الشعبي، اسمه الحقيقي جمال جعفر، وهو عراقي حاصل على الجنسية الإيرانية لقب بالمهندس؛ لأنه كان المسؤول عن كل العمليات، يحمل 19 اسمًا حركيًّا، وشغل منصب نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي وثاني رجل فيها، كما هو مؤسس عدد من الميليشيات العراقية، بعد أن شارك في الحرب العراقية مع إيران 1980/1988 وهو قائد فريق التوابين، الذين هم أسرى من الجيش العراقي.
اغتيالات وتفجيرات
ووجّهت إليه أجهزة استخبارات غربية اتهامات بمحاولة اختطاف إحدى طائرات الخطوط الجوية الكويتية عام 1984، ومحاولة اغتيال الأمير الكويتي جابر الصباح، كما أن «المهندس»، متورّط بعمليات اغتيال وتفجيرات داخل وخارج العراق، بينها: تفجير السفارة العراقية في بيروت عام 1981، كما أنه مخطط الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت عام 1983، وتفجير القاعدة الأمريكية في الكويت عام 1983، وحكم على المهندس وجماعته بالإعدام، غير أنه نجح في الفرار من الكويت باستخدام جواز سفر باكستاني متجهًا إلى إيران.
رجل إيران بالعراق
ولعب «المهندس»، دورًا مهمًّا في تنفيذ أجندة إيران في المنطقة وتدخلاتها في العراق ودول المنطقة، وكان من بين الشخصيات العراقية الأكثر نشاطًا والتي بدأت في العمل مع طهران منذ 2003، وقبل ذلك كان يعرف كـ «عنصر مفوض» من قبل إيران، بحسب تحليل نشره معهد واشنطن في 2015.
وتولى المهندس قيادة «فيلق بدر» الذي يعد الجناح العسكري للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، حيث شارك في عمليات تخريب استهدفت النظام العراقي في حينها، وبعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، حصل المهندس على الجنسية الإيرانية وتسلم منصب مستشار سليماني.
ولما له من دور ميليشاوي وتعبوي، أسندت إيران إليه مهمة تأسيس كتائب حزب الله في العراق في 2007، والتي تعدّ حاليًا من نخبة القوات التابعة للحشد الشعبي، كما كان لها دورًا مهما في القتال في سوريا في 2013.
وفي يوليو من عام 2017، ظهر أبومهدي المهندس، وهو الرجل الثاني في الحشد، في بعض وسائل الإعلام الإيرانية، متحدثًا بالفارسية، ومعلنًا ولاءه لسليماني، وفقًا لتقرير نشرته وكالة فرانس برس.
قمع المتظاهرين
وتورّط «المهندس»، مع عناصر «حزب الله»، العراقي في الاعتداء على المتظاهرين والتصدي لهم في موجة الاحتجاجات الأخيرة في العراق، ونشرت «هيومن رايتس ووتش» -قبل أسبوعين- تقريرًا يفيد بوجود قوات مسلحة «غير محددة» الهوية، يظهر تعاونًا بينها وبين قوات الأمن المحلية والوطنية العراقية، تاركة خلفها الكثير من جرائم القتل الوحشية في بقعة الاعتصام الرئيسية في بغداد يوم السادس من ديسمبر.
واستشهدت المنظمة بفيديو نشر على «فيسبوك»، في 8 ديسمبر الماضي، يظهر قيادة قوات عمليات بغداد في نفس الخيمة الطبية وهي تطلق سراح نحو ثمانية رجال مكبّلي الأيدي ومعصوبي الأعين. يقول الأسرى إنهم تعرضوا للإيذاء الجسدي، ويخبرهم أحد العناصر أنهم احتجزوا من قبل «كتائب حزب الله» التابعة لـ«قوات الحشد الشعبي»، وأن «القيادة موجودة هناك لمساعدتهم».
تفجيرات ضخمة
وبعد التفجيرات التى وقت في أغسطس الماضي، قالت فصائل الحشد الشعبي، الموالية لإيران، في بيان مذيل بتوقيع نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس: «نعلن أن المسؤول الأول والأخير عما حدث هي القوات الأمريكية، وسنحملها مسؤولية ما يحدث اعتبارًا من هذا اليوم». مشيرًا إلى أن الاستهداف كان «عن طريق عملاء أو بعمليات نوعية بطائرات حديثة».
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت تجميد أصول كتائب حزب الله وأبومهدي المهندس المستشار لدى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لاعتبارهما يشكّلان خطرًا أمنيًّا في العراق، وأدرجت الولايات المتحدة المستشار المهندس على قائمتها للإرهاب وفرضت عليه عقوبات مالية، وأعلنت تجميد أية أصول له.
وكان تقرير لمعهد واشنطن قد منذ 2015 من أن الميليشيات الشيعية المتطرفة التابعة لإيران في العراق «تهدد الاستقرار الإقليمي ومصالح الولايات المتحدة على المدى الطويل. وعلى الرغم من تركيز واشنطن على محاربة تنظيم داعش، فقد يكون مفيدًا أن تستعدّ الآن لليوم الذي سوف تنقلب فيه الميليشيات الشيعية المتطرفة المرتبطة بإيران بشكل أكثر فعالية على مصالح أمريكا وحلفائها».
وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «بنتاجون»، أن الولايات المتحدة قتلت قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في «عمل دفاعي»، وجاء في بيان البنتاجون: «بتوجيه من الرئيس، نفّذ الجيش الأمريكي عملًا دفاعيًّا حاسمًا لحماية الأمريكيين في الخارج بقتل قاسم سليماني».
وقال التلفزيون الإيراني، إن مروحيات أمريكية شنّت غارات جوية على مطار بغداد، وطريق قريب منه، أسفر عن مقتل سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس، حيث استهدفت إحدى الغارات سيارة كانا يستقلّانها مع آخرين، ما أسفر عن مقتلهما وآخرين، أكد الحرس الثوري الإيراني، رسميًّا، مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس في بغداد، في الهجوم الذي وقع في وقت سابق بالقرب من مطار بغداد.