الصحة العالمية: معلومات خاطئة وعلاجات وهمية تشكل «وباءً معلوماتيًا» يزيد من خطورة كورونا

شركات التقنية مطالبة بإجراءات أكثر حزمًا لمواجهة طوفان الأكاذيب
الصحة العالمية: معلومات خاطئة وعلاجات وهمية تشكل «وباءً معلوماتيًا» يزيد من خطورة كورونا

حذرت منظمة الصحة العالمية مما وصفته بـ«وباء معلوماتي» صاحب تفشي فيروس «كورونا» الجديد، وهو ما يعني انتشار معلومات وأخبار خاطئة عن الفيروس على مواقع التواصل الاجتماعي تفاقم من حالة الهلع والخوف الموجودة بالفعل جراء ارتفاع أعداد الإصابات بوتيرة يومية تقريبًا لتتخطى المئة ألف مصاب، متوقعة استمرار المعركة ضد «الوباء المعلوماتي» طالما استمر الفيروس.

كما طالبت المنظمة العالمية شركات التكنولوجيا باتخاذ إجراءات وتدابير أكثر حزمًا لمنع انتشار أي معلومات خاطئة بشأن «كوفيد 19»، مع ظهور أكثر من مليوني تغريدة على موقع «تويتر» خلال ثلاثة أسابيع فقط تتحدث عن نظريات المؤامرة وعلاجات وهمية للفيروس، وفق تقرير غير منشور لوزارة الخارجية الأمريكية، نقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست».

وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس: «نحن لا نقاتل الفيروس، بل نقاتل وباءً معلوماتيًا»، كذلك تحدث ممثلو المنظمة عن أن انتشار هذا الكم الهائل من المعلومات الخاطئة عن الفيروس ومصدره وطرق العلاج تؤدي إلى تفاقم الوضع ولا تساعد في السيطرة على انتشار الفيروس، كما نقلت إذاعة «بي بي سي» البريطانية.

وذكر أندرو باتيسون، وهو مسؤول قسم الحلول الرقمية بالمنظمة، أن «المعلومات الخاطئة تنتشر بوتيرة أسرع من الفيروس نفسه»، فيما قال مسؤول آخر بالمنظمة إننا «بحاجة إلى لقاح ضد المعلومات الخاطئة».

وأشار باتيسون، خلال اجتماع له مع كبرى شركات التكنولوجيا منها «فيسبوك» و«غوغل» وغيرهما، أنه منذ انتشار الفيروس باعتباره «حالة طبية طارئة» ظهرت مئات الكتب غير العلمية تتحدث عن المرض على مواقع البيع الإلكترونية.

وأعرب كذلك عن تخوف منظمة الصحة العالمية من «انتشار شائعات عن أن استخدام فيتامين سي وعلاجات الثوم للوقاية والعلاج من الفيروس، لدرجة أنه عند القيام بالبحث على موقع أمازون، كل ما يظهر هو علاجات زائفة من فيتامين سي».

تفشي العنصرية بسبب كرورنا

ومن الظواهر «المؤذية» التي ارتبطت بظهور «كوفيد19» كذلك هو ربطه بشعب الصين، وارتفاع «العنصرية والكراهية» ضدهم، ما حدا بمنظمة الصحة العالمية إلى نشر تحذيرات شديدة بعدم ربط ظهور الفيروس بأي إثنية أو جنسية، حسب «بي بي سي».

وقالت، في كتيب قواعد إرشادية أصدرته منذ أيام: «علينا إظهار كثير من التعاطف مع هؤلاء من أُصيبوا بالمرض، من أي بلد كان، فهؤلاء الحاملون للمرض لم يرتكبوا أي خطأ».

وأوصت المنظمة بعدم وصم أي من حاملي المرض بسبب جنسياتهم، والامتناع عن استخدام تعبيرات مثل «حالات أو ضحايا» واستخدام كلمات مثل «حاملي كوفيد 19» أو «أشخاص يعالجون من كوفيد 19».

كما حثت القواعد الإرشادية المواطنين على تفادي تعريض أنفسهم إلى مصادر أخبار غير صحيحة تسبب لهم مزيدًا من الضغط والارتباك والتركيز على المعلومات الصحيحة فقط.

وكانت بعض المسيرات خرجت بشوارع إيطاليا تتهم الصينيين مباشرة بنقل الفيروس إلى البلاد، وفي تايوان، هناك شائعات واسعة الانتشار تزعم أن «كوفيد 19» إنما أداة تستخدمها حكومة الصين من أجل تقويض حكومة تايوان، مع شائعات باحتجاز المرضى في مراكز سرية، وشائعة عن إصابة الرئيسة، تساي إنغ ون، واحتجازها.

إعاقة عمل منظمات الصحة

ووسط هذه الحالة من الارتباك والهلع، أصبحت المنظمات والهيئات الصحية والحكومية، وكذلك منظمات الصحة العالمية، أول ضحايا هذا «الوباء المعلوماتي»، حيث لاحظ باحثون أن المواطنين في عديد من البلدان فقدوا الثقة في التصريحات الرسمية لحكوماتهم وهيئاتهم الصحية، حسبما أورد تقرير لموقع «أكسيوس» الأمريكي.

ونقل الموقع عن مسح أجراه موقع «وليكام غلوبال مونيتور» أن ثقة الشعوب تراجعت في التصريحات الرسمية لحكوماتهم بشأن الفيروس، مشيرًا إلى أن «المعلومات الخاطئة على مواقع التواصل الاجتماعي هي العدوى الحقيقية».

ويقول الباحث في علم أخلاقيات علم الأحياء في جامعة «بنسلفانيا» الأمريكية، جوناثان ميرونو: «إنه أمر مؤلم رؤية وقراءة هذا الكم من المعلومات والمغالطات، بدءًا من علاجات الثوم الوهمية إلى الدراسات العلمية غير الخاضعة لأي رقابة، مرورًا بنظريات المؤامرة».

فخاخ إلكترونية تروج لعلاجات كاذبة

وفي هذا الصدد، أجرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مسحًا لمئات الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاحظت انتشار آلاف الصور ومقاطع الفيديو والمنشورات المكتوبة تحمل جميعها معلومات خاطئة.

وتراوحت هذه المعلومات بين نظريات مؤامرة تقول إن الفيروس هو نتاج تجارب معملية سرية بالصين وأنه جزء من حرب بيلوجية، إلى العلاجات المنزلية الغريبة للوقاية مصنوعة من الثوم أو المساحيق أو المواد الهلامية (الجل)، إلى أن بيل جيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت» هو من يقف وراء انتشار الفيروس، وهي منشورات وصور موجودة بلغات عدة من الإنجليزية والهندية والفارسية والعبرية وغيرها، ما يعكس حجم الهلع الذي أصاب العالم.

وكانت إدارة الغذاء والدواء حذرت من أن أحد العلاجات المتداولة بشكل واسع على الإنترنت باعتبارها «دواءً سحريًا لكورونا» مصنوعة من مكونات خطيرة للغاية لها تأثير مماثل لـ«شرب مواد التبييض».

ومن جانبها، تؤكد منصات التواصل الاجتماعية الشهيرة، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» و«غوغل» أنها تعمل قدر الإمكان على حذف أي معلومات خاطئة بشأن «كورونا»، وتعمل تلقائيًا على تحويل عمليات البحث إلى منظمة الصحة العالمية أو المنظمات الحكومية والرسمية.

لكن «نيويورك تايمز» نقلت عن باحثين في الأمن السيبراني أن هناك مجموعات قرصنة أصبحت متخصصة في إنشاء مواقع مزيفة تزعم أنها تحمل الحقيقة بشأن «كورونا»، وما هي إلا «فخاخ إلكترونية تهدف إلى سرقة المعلومات الشخصية للمستخدمين، والولوج إلى الأجهزة والهواتف الخاصة بهم».

فالفيروس لم يعد «وصمة» فقط بل أصبح كذلك سلعة يتاجر بها البعض لأغراض السرقة وقرصنة الحسابات البنكية، حيث قالت «نيويورك تايمز» إن بعض المقاطع المصورة المنشورة على موقع «يوتيوب» تقوم بتحويل المستخدمين إلى مواقع أخرى تستغلهم بزعم وجود علاج، لكن الهدف هو سرقة بيانات حساباتهم البنكية ومعلوماتهم الشخصية.

ونقلت عن شركة «تشيك بوينت» المتخصصة في الأمن السيبراني أن أكثر من أربعة آلاف موقع إلكتروني جديد جرى إنشاؤها منذ بداية انتشار الفيروس، يدعون جميعهم وجود علاج له.

كذلك، لاحظت شركة «سوفوس» للأمن السيبراني انتشار «رسائل مصيدة» في إيطاليا، جرى إرسالها إلى آلاف الإيطاليين تحمل رابطًا لملف «وورد» بدعوى أنه لائحة علاجات مؤكدة لـ«كورونا» لكن في الحقيقة ما هو إلا برنامج تجسس لسرقة بيانات الأجهزة الشخصية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa