قالت إذاعة دويتشلاند فونك الألمانية إن إيران تنتهج سياسة معقدة وخطرة في التعامل مع الملف النووي الخاص بها قد تتسبب في النهاية في إشعال الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها، وخاصة إذا ما تمكنت بالفعل من امتلاك قنبلة مدمرة.
وتتفاوض إيران وفي نفس الوقت تدفع بقوة برنامجها النووي ليصبح أكبر تهديد للمنطقة والعالم، في وقت من المرجح فيه أن يتولى مسؤول متشدد، مقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي، هو إبراهيم رئيسي، مقعد الرئاسة في البلاد.
وحتى الآن، قامت إيران بتخصيب اليورانيوم 16 مرة أكثر مما يسمح به الاتفاق النووي الدولي. ومن ثم أصبحت القنبلة النووية في متناول نظام الملالي.
من جانبه، قال الخبير السياسي كورنيليوس أديبهر، وهو من أكثر المتخصصين الألمان معرفًة بإيران، إن طهران تريد بالفعل أن تصبح قوة نووية، لافتة إلى أن الأمر أصبح ممكنًا أكثر من أي وقت مضى.
وحتى الآن، لا تزال بعيدة عن الخطوة الأخيرة في طريقها إلى القنبلة النووية، لكنها تتأنى في الوصول إلى تلك النقطة؛ لأن امتلاكها بحسب أديبهر، سيجعل إيران منبوذة دوليًا. وهذا ليس في مصلحة الملالي الحاكمين. وبالتالي فهو يرجح أن تسعى إيران للمناورة بإمكانية امتلاك السلاح النووي لا امتلاكه فعليًا.
من المرجح أن تستخدم إيران قدراتها النووية المتنامية "كورقة مساومة". ولأن الدبلوماسيين في فيينا يحاولون حاليًا إحياء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018، فعلى هذا النحو تسعى طهران لأن تبدو هناك بصورة أقوى "كدولة ناشئة" نووية، أي كدولة لا تمتلك القنبلة بعد، ولكن يمكنها أن تصنعها بسرعة.
ويرى أديبهر أن إنهاء العقوبات المفروضة على البلاد، والتي تلحق أضرارًا بالغة بالاقتصاد، هدف رئيسي للقيادة الإيرانية. ومن حيث المبدأ، فإن ذلك الأمر ممكنًا إذا قطعت طهران برنامجها النووي وفقًا للاتفاقيات الدولية. خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة جو بايدن جاهزة لبداية جديدة. لكن تفاصيل إتمام تلك الصفقة لا تزال صعبة للغاية.
وبالنسبة لأديبهر، من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان سيتم إبرام صفقة في فيينا قبل انتخاب رئيس جديد في إيران في 18 يونيو، حيث من المرجح أن يفوز في هذه الانتخابات رجل القضاء الدموي إبراهيم رئيسي. فهو والمتشددون الذين يدعمونه سيفضلون بالتأكيد ادعاء نجاح المفاوضات في ظل وجود رئيسي، على منحها للرئيس روحاني الذي لا يزال أكثر اعتدالًا.
كورنيليوس أديبهر يرى في هذه الانتخابات نقطة تحول بالنسبة لإيران. ليس بسبب الفائز المحتمل. فرئيسي هو "من قدامى المحاربين في الجمهورية الإيراني"، ويدافع عن مسار سياسي محلي أكثر صرامة، لكنه بالتأكيد لن يغير أي شيء في النظام.
وبدلاً من ذلك، فإن الإقبال المنخفض المتوقع أن يكون تاريخياً على التصويت سيكون حاسمًا، وسيعمق العزلة بين النظام والسكان. خاصة وأن رئيسي ربما ليس لديه أي حلول للأزمة الاقتصادية.
لكن بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فالأمر ربما ينفتح على مجال جديد إيجابي. فكما يقول أديبهر، وبغض النظر عن كيفية انتهاء الانتخابات في إيران، فإن خطوط الصراع القديمة "لم تعد تنطبق بالضرورة في المستقبل". أعداء لدودون منذ زمن طويل مثل إيران وعدد من دول الخليج يتحدثون مع بعضهم البعض مرة أخرى. كما تعمل إسرائيل أيضًا على تحسين علاقاتها مع الدول العربية لبعض الوقت. يقول أديبهر: "فيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، علينا أن نعتقد أن هناك كثيرًا مما هو ممكن".
كما يرى الخبير السياسي أن ألمانيا بعلاقاتها التقليدية الجيدة مع إيران، يمكن أن تسهم في تعزيز الحوار بين طهران والدول العربية. هناك مواضيع كافية: من مكافحة الوباء إلى القضايا البيئية إلى سلامة البحار - وبالتالي صادرات النفط. جميعها موضوعات يمكن أن تتحول لمناسبة مميزة لمزيد من التطبيع والتفاهم بين الجانبين.