تصاعدت حدة الاضطرابات والتظاهرات في عدد من الولايات الأمريكية، وازدادت عمليات النهب لبعض المتاجر؛ احتجاجًا على مقتل رجل أسود من أصول إفريقية على يد ضابط شرطة، فيما وصف الرئيس دونالد ترامب تلك الأعمال بالإرهابية، متهمًا حركة "نتيفا" بأنها تقف وراءها.
"عاجل" ناقشت الأزمة مع اثنين من الخبراء والمحللين، اللذين أكدا أن هناك أهدافًا تتعلق بالانتخابات الرئاسية المنتظرة تقف وراء هذا التصعيد المتعمد.
مظاهرات مسيسة
فمن ناحيته، قال المحلل السياسي الدكتور فهد الشليمي، إن هذه المظاهرات تعتبر مسيّسة لقربها من وقت الانتخابات الأمريكية، وتستهدف الضغط على الرئيس الأمريكي ترامب، والفوز عليه بنقاط العنصرية، مشيرًا إلى أن الزعماء الأمريكيين والمواطنين السود، وهم جزء من الحزب الديمقراطي، استغلوا الحادثة.
وأضاف الشليمي: الإعلام أيضًا لم يساعد ترامب، بل وقف ضده في هذه التظاهرات، وأعطى مجالًا وحيزًا أكبر لها، فشاهدنا معظم المراسلين الإعلاميين يسلطون الضوء على نشاط هذه التظاهرات، لافتًا إلى أن تلك التظاهرات مرت بمرحلتين، حيث كانت سلمية في بدايتها ثم ما لبثت أن تحولت إلى أعمال تخريب وسرقات وحرق.
وتابع الشليمي: هذه التظاهرات يمكن السيطرة عليها وإيقافها من جانب الزعماء السود والزعماء الدينيين، لكنها لم تستنفذ أغراضها السياسية بعد، في الضغط على ترامب، لذلك لم نشاهد زعماء الأقلية السوداء يظهرون ويطلبون من المواطنين الهدوء.
استياء بسبب البطالة
وأكد الشليمي، أن هناك استياء من المواطنين، خصوصًا من الأقليات، الذين يعانون البطالة، وهناك أيضًا الخارجين عن القانون، والذين يشعرون بأن هذه الدولة للأغنياء فقط، ولذا شاهدنا هذه الأعمال الفوضوية، لافتًا إلى أن الخطأ ليس خطأ الحكومة الفيدرالية، بل هو خطأ شرطة مينيسوتا، ويتحمله قائدها.
وأضاف الشليمي: الأخطاء الوظيفية واردة دائمًا، ولكن لوجود عده حوادث في بعض الولايات، تم التجاوز عن هذا الموضوع، اندلعت المظاهرات بشكل أكبر، خصوصًا مع اقتراب موعد الانتخابات.
ودلل الشليمي، على أن ما يحدث يصب في صالح الحزب الديمقراطي، بالقول: لقد شاهدنا المرشح المنافس لترامب، ينتقد الإدارة الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا التطرف والعنف في المظاهرات قد يخدم ترامب في مرحلة لاحقة، فمثل هذه الأعمال قد تجعل الفئات البيضاء المترددة، التي تقف أحيانًا ضد ترامب، تتجه للتصويت له خوفًا من هذه الأقليات.
ورأى الشليمي، أن كل السياسيين الديمقراطيين شجعوا هذه الأعمال بصمتهم تجاه ما يحدث، لافتًا إلى أن سن تشريع باعتبار حركة "نتيفا" إرهابية، سيجعل من السهل مطاردتها، وذلك يخدم جانب الرئيس الأمريكي في حماية المواطن، استنادًا على تعريفات الإرهاب، ومن ثم سيسهل مطاردة هذه الحركة وأعضائها.
انعكاس للانفصام العنصري
من ناحيته، قال المستشار الأمني والباحث في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الأنصاري: الأوضاع السائدة في الولايات المتحدة، تعكس الانفصام العنصري في المجتمع الأمريكي، فهذه الأحداث لها تبعات كثيرة، ولكن أمريكا منذ قيامها تواجه مثل هذه الأعمال، وربما يستفيد من هذه الأوضاع بعض المشاغبين والمجرمين، بالاندساس بين المتظاهرين، والقيام بأعمال شغب.
وأضاف الأنصاري: شاهدنا في التسعينيات وما تلاها وفيات لبعض الأمريكيين من أصول إفريقية، نتج عنها أيضًا أعمال مشابهة لما يحدث الآن، وربما زادت حدة المظاهرات في الفترة الراهنة؛ نتيجة لفقد العديد من المواطنين الأمريكيين مصادر رزقهم وأعمالهم نتيجة جائحة كورونا.
وتابع الأنصاري: ربما تزداد موجة العنف في بعض الولايات مثل لوس أنجلوس ونيويورك، اللتين يتركز فيهما ذوو الأصول الإفريقية، إلا أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه.. وقد صنف الرئيس الأمريكي بعض المشاركين في هذه المظاهرات بأنها عناصر مندسة، وهي بالفعل كذلك؛ قياسًا على ما حدث في فترة التسعينيات.
ليست تظاهرات إرهابية
ورفض الأنصاري تصنيف التظاهرات بالإرهابية، وأن حركة "نتيفا" تقف وراءها، معتبرًا أنها أعمال عنف، ناتجة عن تذمر عدد كبير من المواطنين، نتيجة أوضاعهم المعيشية السيئة، مشيرًا إلى أن هناك نحو 30 مليون شخص فقدوا وظائفهم، نتيجة الأزمة الاقتصادية جراء "كورونا المستجد"، وقد أججت واقعة مقتل المواطن الأسود مشاعر الكثيرين من هؤلاء، ما أدى إلى تصاعد الأمور على النحو الذي رأيناه.
وقال الأنصاري: باقٍ على الانتخابات الرئاسية ستة أشهر.. وصحيح أن الموازين اختلت لصالح مرشح الحزب الديمقراطي بتقدمه بنسبه بسيطة على دونالد ترامب، لكن الأخير والحزب الجمهوري لن يقفا عاجزين أمام هذا الأمر، خاصة فيما يتعلق بحل الأزمة الاقتصادية، وأتوقع أن عملًا كبيرًا سيقوم به ترامب للفوز بعدد أكبر من أصوات الناخبين.