قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، في توضيح لقرار أثار استياء ملايين الأسر في أنحاء البلاد "الأمر معقد للغاية". ولدى الحكومة خطة لإعادة فتح المصانع والمتاجر والحانات والمطاعم، وحتى محال الحلاقة، لكن المدارس ليست مدرجة ضمن هذه الخطة، وذلك على الأقل حتى انتهاء العطلة الصيفية.
وأشار كونتي هذا الأسبوع إلى خطر كبير من حدوث ارتفاع جديد في منحنى الإصابات (بفيروس كورونا المستجد) في البلاد، في حال عاودنا فتح المدارس، على الأقل في الوقت الحالي.
وقال رئيس الوزراء: أفادت جميع الدراسات ونصائح الخبراء بأنه سيكون لدينا انفجار جديد (في الإصابات)، وهو ما سيحدث على الأرجح في غضون أسبوع أو أسبوعين، ولا يمكننا أن نتحمل ذلك.
ولا يزال الكثيرون يتساءلون: هل هناك خيار آخر؟ وفي نفس الوقت، قال النائب البرلماني، الذي ينتمي إلى تيار يسار الوسط، أليساندرو فوساكيا، في مقطع فيديو على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي: لا يمكن التفكير في إعادة فتح البلاد، والمصانع وأماكن العمل، لا يمكن إرسال الآباء إلى العمل وترك الأطفال في المنزل.
وسأل فوساكيا، الذي كان كبير مساعدي وزير تعليم سابق، عن سبب عدم التطرق إلى إعادة فتح المدارس بشكل متدرج أو بصورة انتقائية، مثلما يحدث في أماكن أخرى بأوروبا.
ففي فرنسا، على سبيل المثال، تقرر إعادة فتح المدارس على مراحل، بدءًا من 11 مايو، مع اتخاذ العديد من الإجراءات التي من المتوقع أن تضع حدًا على أعداد الطلبة داخل الفصول الدراسية، بما لا يزيد على 15 طالبًا.
وفي روما، قالت أم عاملة لم ترغب في نشر اسمها، في حديث لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، إن الظرف الحالي تركها في وضع صعب للغاية.
فعندما تكون الأم في العمل، تترك ابنتها، ستة أعوام، في المنزل مع جليسة من المفترض أنها تساعد في الأعمال المنزلية مقابل المسكن والمأكل، لكنها لا تقوم بعملها ولا تساعد الطفلة في أداء الواجبات المنزلية؛ لتتحمل الأم العبء كاملًا عندما تعود من عملها.
واستبعدت الأمة فكرة اللجوء إلى إجازة رعاية طفل، حتى لا تفقد جزءًا من راتبها.
وقالت: يعمل زوجي السابق في قطاع السياحة، وقد توقف عن دفع نفقة لطفلته في فبراير الماضي. لذلك، لا يمكنني أن أتغيب عن العمل؛ لأنني أكافح من أجل توفير النفقات الأساسية لمعيشتنا.
وقبل تفشي فيروس كورونا، كان هناك الكثير من الآباء الذين يعتمدون على الأجداد لرعاية الأحفاد، لكن هذا صار محظورًا في الوقت الحالي؛ بسبب ارتفاع خطر الإصابة بالعدوى بين كبار السن.
وعرضت الحكومة على الأسر أن تقوم بتوفير منحة رعاية أطفال لهم، تصرف مرة واحدة بقيمة 600 يورو (650 دولارًا)، وربما يتخذ قرارًا بتقديم منحة ثانية بمقتضى مرسوم حكومي.
واقترحت وزيرة الأسرة إيلينا بونيتي، توفير مدفوعات جديدة للعائلات تخصص لإعانة الأطفال، تتراوح قيمتها بين 80 و160 يورو شهريًّا، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت الحكومة كاملة قد وافقت على الفكرة.
كما تعمل بونيتي مع رؤساء البلديات لدفعهم إلى إعادة فتح الملاعب والأماكن العامة الأخرى المخصصة للأطفال، في ظل إجراءات التباعد الاجتماعي.
وتتواصل العملية التعليمية في إيطاليا عبر الإنترنت. لكن كثيرين يرون الأمر دون المستوى الأمثل. فعلى سبيل المثال، يتسبب ذلك في معاقبة الأطفال الذين يصعب عليهم الدخول إلى الإنترنت بسبب سوء الشبكة، أو الذين يعيشون في منازل صغيرة مكتظة.
وحتى قبل تفاقم الأزمة، كانت إيطاليا تعتبر دولة تعمل مقصرة في رعاية الجيل الأصغر سنا لديها، في ظل توجيه الإنفاق العام والخطاب بشكل كبير، نحو احتياجات كبار السن.
وشهدت السنوات الأخيرة تراجعًا في معدل المواليد إلى أدنى مستوى في تاريخ البلاد، بالإضافة إلى هجرة الشباب الإيطالي بأعداد كبيرة، سعى ساسة إلى خفض سن التقاعد.
ولم يتحدث كونتي، 55 عامًا، وهو لديه ابن في مرحلة ما قبل المراهقة من زيجة سابقة له، عن خطط موجهة للمدارس في مؤتمره الصحفي الذي عقد يوم الأحد الماضي، حتى سأله صحفي.
إلا أن الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، 78 عامًا، سعى إلى تحسين الأمر بعض الشيء في اليوم التالي؛ حيث قال في رسالة لبرنامج تعليمي يذاع على محطة تليفزيون راي العامة: نواجه حدثًا استثنائيًّا يؤثر على حياة أكثر من ثمانية ملايين طفل إيطالي.. المدارس المغلقة تمثل جرحًا لنا جميعًا.
من ناحية أخرى، تتهم لويزا شياريلي، وهي مديرة روضة أطفال في روما، واضعي السياسات بقلة الوعي.
وقالت شياريلي لـ(د.ب.أ): لم يتم التطرق حتى الآن إلى المشاكل التي يعاني منها الأطفال، وعدم السماح لهم بالخروج أو رؤية أصدقائهم، لا يتم الاعتراف بحقهم في التعليم.
اقرأ أيضًا: