اكتسب الأفغاني مرتضى أحمدي شهرة عالمية عندما انتشرت صورته وهو يرتدي كيسًا بلاستيكيًّا كُتب عليه اسم الأرجنتيني ليونيل ميسي. وكانت تلك الصورة سببًا في تحقيق الطفل حلمه بلقاء نجم برشلونة الإسباني، لكنه يعيش حاليًّا كابوسًا عانى منه آلاف الأفغان، وهو التحول إلى لاجئ حرب.
ترك الطفل وأفراد عائلته منزلهم في ولاية غازني جنوب شرق البلاد في نوفمبر الماضي، مثلهم مثل مئات آخرين فروا من تزايد حدة القتال؛ بسبب شن حركة طالبان هجومًا على المنطقة التي كانت بعيدة إلى حد كبير عن النزاع في البلاد.
وصار مرتضى حاليًّا واحدًا من آلاف الأفغان الذين يواجهون مصيرًا مجهولًا في العاصمة كابول، في ظروف إقامة صعبة، مع صعوبة في توفير الغذاء والمياه والتدفئة في البرد القارس.
اكتسب مرتضى أحمدي الطفل النحيل ذو الوجه البشوش، شهرة عام 2016 عندما تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل صورته وهو يرتدي كيسًا بلاستيكيًّا مماثلًا لقميص منتخب الأرجنتين الملوّن بالأزرق والأبيض، عليه اسم ميسي نجم فريق برشلونة الإسباني، والرقم 10 الذي يشتهر به.
لفت أحمدي نظر ميسي (أفضل لاعب كرة قدم في العالم 5 مرات)، وحقق حلم لقاء النجم على هامش مباراة ودية للنادي الكتالوني مع الأهلي السعودي أقيمت في الدوحة في ديسمبر 2016؛ إذ دخلا معًا أرض الملعب يدًا بيد. كما أرسل ميسي -وهو سفير منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"- قميصًا إلى الطفل الأفغاني يحمل توقيعه.
لكن لحظات الفرح هذه لم تدم طويلًا حينما عاد أحمدي إلى بلاده التي تمزقها النزاعات والحروب بوتيرة شبه متواصلة منذ ثمانينيات القرن الماضي؛ حيث لم يمضِ عامان على مقابلته ميسي حتى وجد نفسه متضررًا تضررًا مباشرًا.
في غرفة صغيرة بالعاصمة الأفغانية كابول تستأجرها عائلة معدومة الحال، يعيش الطفل الذي روت والدته شفيقة كيف اضطر أفراد من العائلة إلى الفرار من منزلهم تحت جنح الظلام بعد اندلاع الاشتباكات.
وقالت السيدة إنهم لم يتمكنوا من أخذ أي من حاجياتهم، وكان همهم الوحيد هو النجاة بحياتهم فقط، مشيرةً إلى أن أغلى ما تركه مرتضى خلفه هو كرة قدم والقميص الموقع باسم ميسي.
تنتمي العائلة إلى طائفة الهزارة، وهي أقلية عرقية ينتمي معظم أفرادها إلى الطائفة الشيعية في أفغانستان؛ لذلك كانت مستهدفة بهجوم طالبان في غازني.
وتقول الأمم المتحدة إن الهجوم الأخير تسبب في نزوح نحو 4 آلاف عائلة، فيما تحدث شهود عيان عن حالة من الرعب بعد وفاة المئات من المدنيين والجنود وعناصر طالبان في المعارك.
وتقول شفيقة إن ما زاد مخاوف العائلة، ما تناهى إلى مسامعها من أن حركة طالبان تبحث عن مرتضى بالاسم؛ حيث قالوا إنهم إذا اعتقلوه فسيقطعونه إربًا.
المعروف أن نظام طالبان حكم أفغانستان بين عامي 1996 و2001، ونادرًا ما سمحت الحركة الإسلامية المتشددة بإقامة أي نشاطات رياضية، وحوَّلت ملعب كرة القدم في كابول إلى مكان لتنفيذ أحكامها بالرجم والإعدام.
وأشارت شفيقة إلى أنها أخفت وجه طفلها بوشاح أثناء الفرار من مقاطعة جاجوري؛ خوفًا من انكشاف هويته. وقد لجأت العائلة في البداية إلى مسجد بولاية باميان قبل الوصول إلى كابول بعد 6 أيام.
وعلى الرغم من أن القوات الأفغانية تمكنت من رد هجوم طالبان في نهاية المطاف، فإن العائلة لا تشعر بأمان كافٍ للعودة. وتؤكد شفيقة أن خطر عودة طالبان مرتفع جدًّا؛ لذلك فإن العودة إلى جاجوري ليست خيارًا مطروحًا.
وبهذا كانت الشهرة التي حظي بها مرتضى سيفًا ذا حدين بالنسبة إلى العائلة؛ حيث حقق حلمه بلقاء أحد أبرز لاعبي كرة القدم في التاريخ، إلا أنه أصبح موضع حسد لدى البعض في بلاده.
وتوضح والدته أن أصحاب النفوذ كانوا يتصلون ويقولون: "لقد أصبحتم أثرياء.. ادفعوا المال الذي حصلتم عليه من ميسي وإلا سنأخذ ابنكم".