دولة الملالي تعطل خطط سليماني الخارجية «مؤقتًا» لسحق معارضي الداخل

بضرب روحاني ومرشحيه في انتخابات البرلمان بعد أيام
دولة الملالي تعطل خطط سليماني الخارجية «مؤقتًا» لسحق معارضي الداخل

لا تزال إيران تعيش صدمة اغتيال القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني؛ ففي الوقت الذي تستعد فيه البلاد لانتخابات برلمانية في 21 من فبراير الجاري، يسعى الجناح المحافظ المسيطر على السلطة إلى استغلالها لتثبيت أركان حكمه المهتز.

وقالت صحيفة شونجله وورلد الأسبوعية الألمانية، إن الأمور لا تسير على ما يرام لمن هم في السلطة في إيران، في وقت لا تزال فيه الاحتجاجات الشعبية مستمرة في مواجهة نظام فاشل وغير كفء ومتنازَع عليه.

ويشعر ممثلو الدولة بالمرارة لفشل المسيرات الجماهيرية التي نظموها استغلالًا لحادثة اغتيال قاسمي؛ فبعد أقل من أسبوع منها، مزق المتظاهرون في المدن الإيرانية ملصقات الجنرال التي كانت تذكر باغتياله من فوق الجدران واستبدلوا مكانها شعارات ثورية واحتجاجية.

وبحسب الصحيفة الألمانية، فإن شعار الجمهورية الإسلامية المنتصرة الذي كان يتحقق عبر مخططات قاسمي الخارجية، لم يعد مجدًا؛ فالإيرانيون المنهكون اقتصاديًّا والمحبطون سياسيًّا، يتظاهرون بمجرد أن تشتعل أي شرارة غضب، كما أن تأثير الملالي الهش انتقل من الداخل إلى الخارج، وهو ما يتضح في الحراك الشعبي اللافت في الدول المجاورة، مثل سوريا والعراق ولبنان، وهي دول تحظى فيها إيران بكلمة نافذة.

ويتراجع تأثير الملالي في لبنان بحكومته التي يسيطر عليها حزب الله، وتقود إلى البلاد إلى الإفلاس، بجانب أن الدكتاتور السوري بشار الأسد مفلس بحكم الأمر الواقع، والعراقيين ببساطة لا يتوقفون عن التظاهر ضد النفوذ الإيراني؛ ما يعني أن تركة سليماني التي كانت تسعى إلى تأسيس إمبراطورية إيرانية، قد تتحلل بسرعة.

ورغم أن هياكل السلطة في إيران لديها من دوائر نفوذ لامتصاص الصدمات وتحقيق التوازن بين المصالح، والحفاظ على وهم الإصلاح بمنح هوامش للمعتدلين والإصلاحيين على طريقة الرئيس الحالي حسن روحاني؛ فإن الأمور تبدلت الآن، مثل سحق الاحتجاجات في خريف عام 2019 مع إغلاق مدن بأكملها، والاستخدام الواسع النطاق للقوة العسكرية ومئات القتلى في مرحلة جديدة من القمع.

وهذا سيجعل من الصعب الحفاظ على النظام الحالي في ظل انتخابات تنافسية عادية. وعليه، بدأت طهران جديًّا التحول إلى دكتاتورية مفتوحة بعيدًا عن مساحيق التجميل.

كما تم تعليق استكمال مخططات قاسمي الخارجية ولو مؤقتًا، إلى حين تثبيت ركائز الحكم في الداخل، بالتنحية الكاملة لأي إصلاحي بل ولأي مناهض لنهج دوائر السلطة العليا ولو كان من المحافظين أنفسهم.

كل الشواهد تشير إلى أن قاسم سليماني كان يخطط لتحقيق ذلك الانقلاب الداخلي لصالح قوى السلطة المحافظة والمتشددة، غير أن رحيله المفاجئ أفشل المخطط، وفي المقابل كشفت تداعيات الأحداث بعد مقتله وإسقاط الطائرة الأوكرانية بالخطأ، كيف تعاني الطبقة السياسية الحاكمة من عدم الكفاءة والفساد العلني.

وفق تلك المعطيات، رتبت سلطة الملالي لحجب أي نفوذ أو مكاسب للإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية المقبلة؛ حيث يتولى مجلس صيانة الدستور عملية غربلة المرشحين للانتخابات، وقد رفض حتى الآن طلبات نحو 7 آلاف إيراني كانوا يطمحون إلى المنافسة.

المفاجأة أن بعض قرارات الرفض شملت تيارات متشددة لكنها ليست على هوى السلطة، كما بدا التعنت واضحًا في عدم الموافقة على إعادة انتخاب نواب برلمان محسوبين على الرئيس روحاني. وفي المقابل، بدا الأخير عاجزًا حيال حصار رجاله واستبعادهم، ولم يجد أي وسيلة للاعتراض سوى تقديم مشروع قانون للبرلمان للحد من نفوذ مجلس صيانة الدستور في اختيار مرشحي الانتخابات، وهو القانون الذي سينتهي إلى المجلس ذاته للتصويت عليه؛ الأمر الذي سينتهي برفضه بالقطع.

وهناك دلائل على حدوث تحول في السلطة؛ فرئيس البرلمان منذ عام 2008 علي لاريجاني -وهو أحد أبرز السياسيين في إيران- لم يرشح نفسه لإعادة انتخابه؛ وذلك بالتوازي مع انقلاب كبير على شقيقه صادق لاريجاني الذي كان يشغل منصب رئيس القضاء الأعلى لمدة 10 سنوات (2009 إلى 2019)، وهو حاليًّا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام؛ الأمر الذي يشير إلى أن دوائر في السلطة تريد الحد من نفوذ أسرة لاريجاني القوية.

ويبدو أن العزوف الجماهيري سيضرب الانتخابات البرلمانية المرتقبة، بعدما شارك 7% فقط ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات المحلية التي جرت في طهران العام الماضي. ومع ذلك، فإن النظام سوف يحشد عملاءه للتصويت؛ حيث ينبغي الحفاظ على صورة الجماهير التي تقف متحدة لصالح الجمهورية الإسلامية.

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa