قوات أمريكية على حدود أوكرانيا

 
مدارات عالمية

تغيير جذري بالسياسات الأمريكية الخارجية بسبب الأزمة الأوكرانية.. وهذه ملامحه

فريق التحرير

تداعيات الأزمة في أوكرانيا لم تتوقف عند حدود العلاقات مع جارتها روسيا، أو تداعيات العمليات العسكرية على أوروبا، بل دفعت الولايات المتحدة إلى عملية تفكير هي الأكبر في سياساتها الخارجية منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالعام 2011.

كما دفعت العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في تقرير اليوم الأحد، واشنطن إلى تغيير حساباتها الاستراتيجية مع الخصوم والحلفاء على حد السواء، وإعادة تقييم للعلاقات مع المنافسين مثل الصين وإيران وفنزويلا.

علاقة أوثق مع أوروبا

يرى التقرير الأمريكي أن الأزمة في أوكرانيا ساهمت في ربط الولايات المتحدة بشكل أقوى مع أوروبا، أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة. كما أعاد تنشيط دور واشنطن القيادي في العالم بعد أشهر فقط من الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

واعتبر مراقبون أن الولايات المتحدة مقبلة على حقبة جديدة، وقال بنيامين جيه رودس، النائب السابق لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد أوباما: «يبدو الأمر وكأننا بالتأكيد في حقبة جديدة. فترة ما بعد 11 سبتمبر، والحرب على الإرهاب أصبحت الآن وراءنا. ولسنا متأكدين مما هو التالي».

كما توقع التقرير أن تساهم العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا في دفع ما صفته بـ«كفاح الرئيس الأمريكي جو بايدن العالمي من أجل الديمقراطية ضد الأنظمة الاستبدادية مثل موسكو».

كانت السياسة الخارجية لواشنطن تمر بالفعل بتحول كبير، مع انتهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق. فقد سعى بايدن إلى إعادة بناء التحالفات الأمريكية؛ لكنه فعل ذلك إلى حد كبير باسم مواجهة الصين.

تحول جيوسياسي

وعلى صعيد آخر، ترى «نيويورك تايمز» أن الغزو الروسي وسع مهمة بايدن بشكل كبير، ويمهد الطريق لتحول جيوسياسي من شأنه وضع الولايات المتحدة وحلفاءها في مواجهة الصين وروسيا إذا شكلوا كتلة مناهضة للغرب.

كما خلق حافزًا جديدًا قويًا للولايات المتحدة لإيجاد طرق لإبعاد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بعيدًا عن نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الذي من المحتمل أن يلجأ إلى بكين بعد العقوبات الغربية عليه.

لكن بعض مسؤولي إدارة بايدن يرون أن الصين قضية «خاسرة» ويفضلون معاملة بكين وموسكو كشريكين، على أمل أن يحفز ذلك السياسات بين الحلفاء الآسيويين والأوروبيين لاحتوائهما.

التركيز على آسيا

على صعيد آخر، يحذر خبراء من أن التركيز المتجدد على أوروبا سيؤدي حتما إلى تحويل الانتباه عن آسيا، ويقول عديد من كبار مسؤولي البيت الأبيض إن الولايات المتحدة يمكنها الاستفادة من الطريقة التي أقنعت بها الحرب بعض الحكومات الآسيوية بأنها بحاجة إلى العمل عن كثب مع الغرب من أجل البناء.

وقال كيرت كامبل، كبير مسؤولي البيت الأبيض بشأن السياسة الآسيوية: «ما نراه الآن هو مستوى غير مسبوق من الاهتمام والتركيز الآسيوي..وأعتقد أن إحدى نتائج هذه الحرب ستكون التفكير في كيفية تقوية الروابط المؤسسية بين أوروبا ودول المحيط الهادئ».

وكانت للأزمة الأوكرانية كذلك تداعيات على المباحثات النووية الجارية في فيينا، إذ أثبتت الأحداث استحالة فصل الأزمة عن الدور الذي تلعبه روسيا في مباحثات فيينا.

ووافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، الجمعة، على وقف محادثات الاتفاق النووي، بسبب رفض الدول الغربية طلبًا من موسكو بضمانات بإعفاء تعاملاتها المستقبلية مع إيران من العقوبات المفروضة على روسيا في الأسابيع الأخيرة.

التوجه صوب فنزويلا

ومن ناحية أخرى، غيرت الأزمة في أوكرانيا نظرة الولايات المتحدة إلى دول مثل فنزويلا، فقد سافر كبار مسؤولي إدارة بايدن إلى كاراكاس بعد أسبوعين من الغزو الروسي، لأول مرة منذ سنوات.

وتخضع فنزويلا، الحليفة لروسيا، لعقوبات أمريكية شديدة منذ سنوات لإضعاف حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، التي تعتبرها واشنطن «قمعية».

ومع تطلع بايدن إلى زيادة إمدادات النفط العالمية لخفض الأسعار، يتحدث المسؤولون الأمريكيون إلى حكومة مادورو للتوصل لاتفاق بشأن هذه القضية.

لكن هذا التوجه أثار انتقادات حادة في الكونجرس الأمريكي. وقال السيناتور بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إن «الجهود المبذولة لتوحيد العالم بأسره ضد طاغية قاتل في موسكو لا ينبغي تقويضها. من خلال دعم ديكتاتور قيد التحقيق بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في كاراكاس».

مرر للأسفل للمزيد