بعد مرور 35 يومًا من الحرب الروسية على أوكرانيا، حققت العديد من الأطراف الدولية الكثير من المكاسب السياسية والعسكرية، مقابل خسائر مماثلة حققتها أطراف أخرى على الساحة الدولية، وذلك بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية التي تكاد تكون عاملًا مشتركًا بين كافة الأطراف سواء في خطوط المواجهة المباشرة أو تلك التي تقع بعيدًا عن مناطق الصراع.
على أرض المعركة يبدو للكثير من المحللين أن الصمود العسكري الأوكراني يمثل مكسبًا حقيقيًا حققته كييف منذ بدء الحرب، والتي توقع الكثيرون أنها لن تدوم سوى بضعة أيام حتى يفرض الجيش الروسي كامل سيطرته على البلاد، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
وعلى الرغم من الصمود الأوكراني على أرض المعركة، إلا أن الخسائر فادحة على الصعيد الاقتصادي، حيث أصيب الاقتصاد بشلل تام، حيث إنّه كان ما لبث أن تعافى من تداعيات جائحة «كورونا» قبل أن تأتي الحرب وتنهي آماله؛ حيث توقفت معظم الأنشطة الاقتصادية في البلاد.
وقدرت أوكرانيا خسائرها في البنية التحتية، من طرق وكباري وموانئ ومطارات، بأكثر من 565 مليار دولار منذ بدء العملية العسكرية الروسية.
في المقابل خسر الجيش الروسي الكثير من خيرة عناصره؛ حيث اعترف قبل عدة أيام بمقتل 1351 جنديًّا من قواته منذ بداية العمليات العسكرية في أوكرانيا، في مقابل إعلان هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية أن خسائر القوات الروسية تصل إلى يقرب من 16 ألفًا و100 جندي.
ورأى الدبلوماسي المخضرم ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ريتشارد هاس، أن روسيا هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب؛ بسبب فشل بوتين في تحقيق أهدافه السياسية وتغيير الحكومة الأوكرانية بالقوة، بالتوازي مع حجم العقوبات الضخمة المفروضة على موسكو.
وكشفت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، أن العقوبات الغربية تسببت في فصل روسيا بشكل كبير عن الاقتصاد العالمي في جميع الجوانب، باستثناء الطاقة والمنتجات الحيوية.
في المقابل، صنف المحلل الأمريكي «حلف الناتو» في صفوف المنتصرين في هذه الحرب، إذ إنه أصبح أكثر وحدة وظهر التحالف الغربي في وضع أقوى من الجانب الروسي.
وعلى مستوى الإدارة الأمريكية، حقق الرئيس بايدن عدة مكاسب سياسية، بعد أن ارتدى ثوب الحكمة رافضًا إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، ما جنب المجتمع الدولي حربًا عالمية ثالثة كما توقع البعض قبل 24 فبراير.
الصين هي الأخرى، قد اصطفت في جانب الخاسرين في هذه الحرب، بمواقفها الداعمة دائمًا للجانب الروسي، ما أثار الكثير من موجات الغضب الغربي تجاه العاصمة الاقتصادية الأكثر تصديرًا إلى أوروبا، فضلا عما جنته الصين من مواقف أمريكية متشددة ردا على دعم بكين لروسيا.
مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، بدا أكثر ضعفًا على الساحة الدولية؛ نتيجة فشلهما في وقف الحرب، وفي تقديم مساعدات إنسانية قوية للفارين من جحيمها.
على صعيد آخر، تعاني الكثير من الدول النامية والتي تعتمد بشكل كبير في غذائها على القمح الروسي والأوكراني من أزمات غذائية قائمة بالفعل ومحتملة مستقبلًا مع الارتفاعات المتواصلة في أسعار الكثير من السلع الغذائية الرئيسية.
وكان البنك المركزي الأوروبي، قد كشف أمس الأربعاء، عن احتمالية حدوث ارتفاعات جديدة في أسعار الغذاء بسبب الحرب الدائرة حاليًا في أوكرانيا.