مدارات عالمية

قاسم سليماني.. من طفل بائس ومقاول مغمور إلى نهاية مأساوية في عز الشهرة

قال مزهوًّا: «يجب أن ننتصر في العراق ولبنان وسوريا ومصر»

فريق التحرير

قبل سقوطه قتيلًا في محيط مطار بغداد الدولي، في عملية «البرق الأزرق»، الأمريكية، تصدر قاسم سليماني، المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط، خلال العقدين الأخيرين، بحكم قيادته لقوات فيلق القدس التى تشرف على أنشطة الميليشيات المسلحة (المحسوبة.. المقربة.. المموَّلة) من النظام الإيراني في المنطقة، ممثلة في «حزب الله اللبنانى.. حركتا: الجهاد الإسلامي، وحماس في فلسطين.. الحوثيون في اليمن) إلى جانب عشرات الميليشيات المسلحة في العراق وسوريا، وشمال إفريقيا).

في كل محطات حياته (63 عامًا)، كانت نشأته الفقيرة البائسة لا تفارق خياله، وذلك بعد مولده في 11 مارس 1957 في قرية «قناه نمك»، الجبلية النائية، التابعة لقضاء «رابر»، بمحافظة كرمان، لكنه في سن الـ13 غادر القرية بعد الانتهاء من دراسته الابتدائية، وبدأ العمل كمقاول في مؤسسة المياه في كرمان عام 1974، قبل اعتناقه الأفكار المتطرفة بداية من عام 1976، وبعد ثورة الخميني عام 1979، انضمّ إلى فيلق كرمان الفخري، أثناء عمله في منظمة مياه كرمان، وسرعان ما أصبح واحدًا من الكوادر الرئيسية لهذه القوة القمعية.

قامع الأكراد

وكان قاسم سليماني من أوائل الحراس الذين أرسلوا إلى مدينة «مهاباد»، لقمع الأكراد بواسطة الأجهزة الأمنية للخميني، قبل تعيينه في معسكر قوة القدس التابعة للحرس في «كرمان»، وذلك عقب عودته من «مهاباد»، بينما تصفه المعارضة الإيرانية بأنه «أحد أكبر المجرمين في تاريخ إيران، لكونه ضالعًا في مقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب الإيراني»، فضلًا عن مسؤوليته المباشرة عن مصرع مئات الآلاف وتشريد عشرات الملايين من في الجوار الإقليمي.

وقبل مقتله، كان قاسم سليماني، متّهمًا بالتخطيط للمجازر التى ارتكبت ضد منظمة مجاهدي خلق في أشرس الأعمال الإرهابية الأخرى في العراق وفي داخل إيران وبلدان أخرى ضد المقاومة الإيرانية، لدرجة أن المنظمة قالت: «بهلاكه ستدور عجلات سقوط نظام الملالي بوتيرة أسرع...».

كتاب الحرب

ومع بداية الحرب مع العراق، تولّى قاسم سليماني، مسؤولية الإعداد وتجهيز عدة كتائب من قوات كرمان وأرسالها إلى الجبهة الجنوبية، ثم توجه بنفسه إلى «سوسنجرد»، وفي في بداية الحرب، كان يقود لواء من الفرقة 41 «ثار الله»، من كرمان، وخلال المعارك تمّت ترقيته ليصيح قائدًا للفرقة، رغم أنه لم يتقن المعرفة والمهارات العسكرية الأكاديمية، لكنه حصل على التكتيكات العسكرية بخبرة شخصية.

وشارك قاسم سليماني، قبل مقتله، في معظم العمليات العسكرية للنظام خلال الحرب مع العراق «العمليات الكبرى والفجر، فتح الفاو، كربلاء 4، كربلاء 5، شلمجة»، وفي عملية الضياء الخالد عام 1988، مع تقدم مقاتلي جيش إلى بوابة كرمنشاه، كان قاسم سليماني من قادة القوات بحكم مسؤوليته عن الفرقة 41، من الفيلق التاسع «جواد الأئمة»، من الجبهة الجنوبية إلى ميدان عملية الضياء الخالد.

حسم ميداني

ومع انتهاء الحرب مع العراق عام 1988، عادت الفرقة 41 إلى كرمان، بقيادة قاسم سليماني، الذي شارك لاحقًا في قمع الانتفاضات بالقرب من الحدود الشرقية للبلاد، وأصبح القائد العسكري الأعلى لقوات الحرس الثوري في جنوب شرق إيران، التى احتكرت بحسب مصادر متطابقة «تهريب المخدرات لتمويل عمليات الحرس خارج الحدود الإيرانية».

وتصدر قاسم سليماني المشهد بعد تصعيده في لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني عام 1997، وفي مطلع مارس 1998، استقال أحمد وحيدي قائد قوة القدس، وعيّن على خامنئي تابعه المقرب «قاسم سليماني»، قائدا لفيلق القدس، وخلالها كان مشرفًا ضمن عمله العسكري على إنتاج وتوزيع المخدرات من أفغانستان إلى بلدان في المنطقة وإفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة، تعيين قاسم سليماني قائدًا لقوة القدس.

خدعة جهادية

وحتى لا تصطدم بقوى الإسلام السياسي في المنطقة راح قاسم سليماني يرسخ للنهج الإيراني عبر استرضاء ودعم المنظمات الجهادية بزعم مواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين؛ لكون المخطّطين في أجهزة الاستخبارات الإيرانية كانوا على قناعة بأن هذه الخطوة «ستخفف من ثورة الشباب المسلم المدافع عن العقيدة والمقدسات في مواجهة تمدد المشروع الإيرانى- التوسعي، الراغب في احتلال منطقة الخليج واليمن والشام والحدود الشرقية لمصر، والتمهيد لـ«الإمبراطورية الفارسية»!

وكان قاسم سليماني مسؤولًا عن جميع الأنشطة الإرهابية وتجنيد وتصدير الأصولية من قبل قوة القدس في دول الجوار والشرق الأوسط ودول آسيوية أخرى وإفريقيا وأمريكا وأوروبا، كما كان مستشارًا لخامنئي في شؤون هذه الدول، بما فيها أفغانستان والعراق، وفي المجلس الأعلى لمجلس الأمن الإيراني كان صاحب القول الفصل، كما كان يتولى مسؤولية التخطيط عن تعزيز النفوذ الإيراني للأنشطة الإرهابية في لبنان وسوريا والشؤون الفلسطينية.

خطط توسعية

وفي عام 2010 تمّت ترقيته إلى «لواء»، وفي خضم حالة الزهو بتمدّد الميليشيات التابعة لإيران في الجوار العربي، قال قاسم سليماني في خطاب أمام طلاب مدرسة «حقاني»، في وقت سابق: «اليوم، هزيمة إيران أو نصرها لا يتم في مهران وخرمشهر.. لقد تجاوزت حدودها.. يجب أن نرى النصر في مصر والعراق ولبنان وسوريا.. هذه هي آثار الثورة الإسلامية ».

ويمتلك قاسم سليماني سجلًّا أسود إقليميًّا ودوليًّا، حيث لا يقتصر على دوره في محاولة اغتيال السفير السعودي، عادل الجبير في واشنطن، كما أنه على قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية بحكم دعمه لعشرات الميليشيات من حركة طالبان شرقًا إلى حزب الله وحماس والحوثيين وميليشيات الحشد الشعبي «الشيعية» في المنطقة العربية، فضلًا عن دوره في البرنامج النووي للبلاد.

مرر للأسفل للمزيد