تذكّرنا الدراسة -تلو أخرى- بأن التمسك بالعادات الصحية، مثل: الأكل بشكل صحيح، تجنب الأطعمة والمشروبات الضارّة، ممارسة الرياضة بانتظام، عدم التدخين والحفاظ على وزن صحي، يمكن أن تساعدنا على العيش لفترة أطول، لكن فكرة السنوات الإضافية من العمر ليست جذّابة إذا كان بعضها أو معظمها مليء بأمراض القلب أو السكري أو السرطان.
وقد وجدت دراسة أجرتها مجموعة دولية من الباحثين بقيادة علماء في جامعة هارفارد، أن تبني خمس عادات صحية يمكن أن يطيل العمر المتوقع بنسبة 14 سنة للنساء و12 سنة للرجال، وهذه العادات الخمس هي:
- تناول حمية غنية بالنباتات وقليلة الدهون.
- ممارسة تمارين رياضية بين المستوى المعتدل إلى النشط لعدة ساعات في الأسبوع.
- الحفاظ على وزن الجسم السليم.
- عدم التدخين.
- تجنب المشروبات الضارة والكحولية.
ولكن لماذا تعيش النساء أطول من الرجال؟
حسب الباحثين، فتحظى النساء بالعيش لفترة أطول من الرجال، فمثلًا يعيش الرجل الأمريكي العادي في المتوسط حتى عمر 76 عامًا، وفقًا لآخر الأرقام الخاصة بمراكز السيطرة على الأمراض هناك، بينما تعيش المرأة المتوسطة في أمريكا حتى سن 81 عامًا، ولمتابعة هذه البيانات، أراد الباحثون معرفة كم من تلك السنوات المضافة كانت صحية، خالية من ثلاثة أمراض مزمنة شائعة، وهي: أمراض القلب والسكري من الدرجة الثانية والسرطان.
وفي دراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة بي إم جيه، أفاد الباحثون أن أسلوب الحياة الصحي يمكن أن يسهم بالفعل في مزيد من سنوات العمر الخالية من الأمراض، حيث تشير النتائج إلى أنه يمكن للمرأة تمديد العمر المتوقع الخالي من الأمراض بعد سن 50 عامًا بحوالي 10 سنوات، ويمكن للرجل إضافة حوالي ثماني سنوات أكثر من الأشخاص الذين ليس لديهم هذه العادات الصحية.
ووفقًا للباحثين المشاركين في الدراسة، فإن من المهم النظر إلى العمر المتوقع الخالي من الأمراض، لأن ذلك له آثار مهمة من حيث تحسين نوعية الحياة وتقليل تكاليف الرعاية الصحية الشاملة، حيث إن إطالة العمر الافتراضي لا يكفي، فنحن نريد تمديد فترة الصحة، وبالتالي فإن طول العمر المتوقع الأهم هو العمر الصحي، الخالي من الأمراض المزمنة الرئيسية والإعاقات المرتبطة بهذه الأمراض.
ولمعرفة هذه الأنماط، قام الباحثون بتحليل البيانات التي تم جمعها من أكثر من 111 ألف من النساء والرجال، الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و75 عامًا عند التحاقهم بدراسة صحة الممرضات أو دراسة متابعة المهنيين الصحيين التي بدأت في عامي 1980 و1986 على التوالي، وأجاب المشاركون على استبيانات حول عادات نمط حياتهم وصحتهم كل عامين حتى عام 2014. وبناءً على إجاباتهم، حصل كل مشارك على درجة "نمط حياة" من 0-5، مع درجات أعلى تمثّل تقيدًا بأفضل المبادئ التوجيهية الصحية، وحاول الباحثون -بعد ذلك- ربط هذه الدرجات بالفترة التي عاشها المشاركون بدون أمراض القلب أو السرطان أو السكري.
ومن ثم، فقد وجدوا أن النساء اللائي أبلغن عن إشباع أربع أو خمس من العادات الصحية، عشن في المتوسط 34 عامًا دون تلك الأمراض بعد سن الـ50، مقارنة مع 24 عامًا للنساء اللائي قلن إنهن لا يتبعن أيًّا من العادات الصحية، أمّا الرجال الذين أبلغوا عن الوفاء بأربعة أو خمسة من عادات نمط الحياة، فقد عاشوا في المتوسط 31 سنة أخرى خالية من الأمراض بعد سن 50، في حين أن أولئك الذين لم يتبنوا أيًّا منها عاشوا في المتوسط 23 سنة أخرى بعد سن 50.
وحسب الباحثون، فإن أيًّا من العوامل الخمسة لم يبرز على أنه أكثر أهمية من العوامل الأخرى، فقد كانت الفوائد في إنقاذ الناس من الأمراض وفي إطالة العمر متشابهة في جميع المجالات الخمسة، وعلاوة على ذلك تشير الدلائل إلى أن كل عامل أضاف بالزيادة في عدد سنوات الحياة الخالية من الأمراض المكتسبة مع كل عادة صحية إضافية يتبعها الأشخاص، ولأن جميع المشاركين في الدراسة تجاوزوا الثلاثين من العمر، تشير النتائج أيضًا إلى أنه من الأفضل دائمًا تبني عادات نمط حياة صحية في أقرب وقت ممكن، ولكن حتى تبنيها في وقت متأخر نسبيًّا من العمر لا يزال يتمتع بفوائد صحية كبيرة في وقت لاحق، ورغم ذلك يؤكد الباحثون ضرورة عدم تشجيع الناس على تبني ذلك إذا وجدوا صعوبة واحدة أو اثنين بين هذه العوامل.