قالت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية، إن ازدياد التوترات العرقية في إثيوبيا، يجعل البلاد على شفا حرب أهلية، كما أن الصراع المتفجر في أكبر دولة في القرن الإفريقي، بالكاد وصلت أخباره إلى الصحف ووسائل الإعلام.
ووقعت المواجهة بين قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وحكومة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد علي، في ظلام إعلامي، حيث قطعت أديس أبابا جميع الاتصالات وشبكات الإنترنت، وأغلقت الطرق أمام وصول الصحفيين ووكالات المساعدة الإنسانية الدولية.
وأوضحت الصحيفة إن رد الفعل العسكري القوي للحكومة الفيدرالية الإثيوبية ضد منطقة تيجري شبه المستقلة، هي أيضًا ضربة قاسية للصورة - الدولية والمحلية - لرئيس الوزراء الشاب أبي أحمد، الذي روج لنفسه كزعيم إصلاحي لإثيوبيا ديمقراطية حديثة منفتحة على الاستثمار الدولي.
وفي خضم الصراع المستمر منذ أسبوع، عبر أكثر من 11 ألف إثيوبي الحدود إلى السودان المجاور، وفقًا للأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
القتال الذي خلف مئات القتلى من ضحايا من المدنيين والقوات المحلية «وفقًا لشهود منظمة العفو الدولية»، يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي ويشكل ضربة قاسية لحكومة آبي أحمد.
ويواجه آبي أحمد الآن توترات عرقية متصاعدة تضع إثيوبيا، القنبلة الديموغرافية في شرق إفريقيا التي تضم أكثر من 100 مليون شخص، على شفا حرب أهلية.
وتعد إثيوبيا اليوم واحدة من أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان في القارة الإفريقية، وواحدة من الدول القليلة التي تتباهى بمقاومة الاستعمار الأوروبي «باستثناء فترة قصيرة من الهيمنة الإيطالية»، وهي اليوم مزيج من الجماعات العرقية والميليشيات.
صعود آبي أحمد
هيمنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وهي منظمة سياسية وعسكرية عرقية، على الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لعقود، بعد دورها القيادي في الإطاحة بالمجلس العسكري الماركسي للديكتاتور منغيستو هايلي مريم عام 1991.
وفي عام 2018 ارتفعت موجة الاحتجاجات الجماهيرية، التي جاءت بحكومة أبي أحمد علي، وهو زعيم إصلاحي من جماعة أورومو العرقية، أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا.
وعندما وصل إلى السلطة، بوعوده بـ«الوحدة الوطنية»، تم الإشادة بآبي على نطاق واسع لأنه ألغي النظام السياسي القمعي «القانون أعلن أحزاب المعارضة "إرهابية"»، وحرر النشطاء وعزز خصخصة بعض القطاعات الرئيسية من الاقتصاد.
وفي عام 2019 حصل آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام لتوقيعه اتفاقية مع إريتريا المجاورة.
بداية الأزمة
وعلى الرغم من أن إثيوبيا سجلت عدة حلقات من العنف العرقي خلال العام الماضي، إلا أن فيروس كورونا هو من أشعل فتيل الأزمة.
أرجأت الحكومة الانتخابات العامة بحجة الوضع الصحي، واندلعت التوترات بين آبي أحمد وجبهة تحرير تيجراي في سبتمبر الماضي عندما أجرت حكومة تيجراي انتخابات من جانب واحد، وأصرت على أن أبي كان زعيما غير شرعي.
ورفضت الحكومة الفيدرالية الاعتراف بالنتائج وتوقفت وزارة المالية اعطاء أموال من الموازنة لحكومة إقليم تيجراي.
وفي 4 نوفمبر، أمر أبي أحمد بتنفيذ عملية عسكرية في تيجراي، ردا على هجوم مزعوم لميليشيات جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي ضد معسكر فيدرالي للجيش ولتحديه لسلطته.
وأعلنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجري، التي تحكم أكثر من 5 ملايين شخص في المنطقة الجبلية شبه المستقلة في شمال البلاد، حالة الطوارئ ضد "غزو" الحكومة الإثيوبية.
وطالب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى منطقة تيجراي.
ورغم المناشدات الدولية، قال أبي أحمد إنه "لن يهدأ حتى يتم تقديم هذا المجلس إلى العدالة"، في إشارة إلى الجبهة الشعبية لتحرير تيجري، ونفى إمكانية إجراء مفاوضات.
وقال ويليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن الجبهة الشعبية لتحرير تيجري لديها "دعم كبير" من السكان المحليين وستواجه الحكومة الفيدرالية "مقاومة كبيرة".
وسيكون زعزعة استقرار إثيوبيا، أكبر دولة في القرن الإفريقي، بمثابة ضربة للمنطقة، من السودان إلى الصومال، حيث تقود إثيوبيا القوى الرئيسية في القتال ضد حركة الشباب الجهادية.
كما سيؤثر ذلك على المفاوضات مع مصر بشأن السد النهضة الإثيوبي، ويمكن أن يعيق الصراع المفتوح أيضا الاستثمار الأجنبي المتزايد في الاقتصاد الإثيوبي.