بعد عشرة أعوام كاملة من الحرب لا تزال القضية السورية من بين أكبر القضايا السياسية في العالم العربي تعقيدا، فنيران الحرب وتدخل القوى الإقليمية والعالمية لا يزالان يصبان الزيت على النار.
قال المحلل السياسي، محمد سيد، المتخصص في الشأن السوري، إن القضية تتطور يوما بعد الآخر والأخبار تتهاوى من حين لآخر على أسماع السوريين المغلوبين على أمرهم، والذين لايزالون يؤمنون بمستقبل ديمقراطي ونور في نهاية النفق، بعيدا عن الدكتاتورية التي مارستها ولا تزال تمارسها السلطة وعلى رأسها الأسد.
وأضاف أن الأيام الأخيرة كشفت عن دور جديد تلعبه أسماء الأسد، زوجة الرئيس بشار الأسد، وأبرزت أنها من بين الشخصيات الرائدة في هذا الصراع المستمر على السلطة، فالمرأة التي وصفت حتى عقد من الزمان بأنها “زهــرة الصحراء” هي شخص عــدواني لا يرحم ولا يتردد في القضاء على أي شيء وأي شــخص يقف في طريق جهودها لإعادة تشكيل النخبة السورية.
ولفت الخبير في الشأن السوري إلى أن عهد الأسد اعتمد سابقا على خلق التوازنات، بين روسيا وإيران، إذ تتدخل القوتان الدوليتان في شؤون سوريا، وما بين العلويين وهي الأقلية الشيعية التي حكمت البلاد وما بين الســنة الذين يشكلون غالبية السكان، وما بين عائلة الأسد التي تحكم سوريا وعائلة مخلوف التي تمول الأولى.
وقال: "لو عدنا قليلا إلى الماضي، نجد أن أسماء الأسد أصبحت نجمة منذ اللحظة التي سُلط فيها الضوء عليها لأول مرة وكانت تظهر على أغلفة المجلات، وقد تم تقديمها كرمز إنساني".
وتابع أنه من اندلاع الحرب التي لم تخمد نيرانها في سوريا منذ عام 2011 وتغيرت صورة بشار الدولية بين عـشية وضحاها إلى صورة طاغية متعطش للدماء يذبح شـعبه ويُنظر إلى زوجــته الآن على أنها منفصلة تماماً عن الواقع مشغولة بإنفاق المال وشعبها يقتل.
ولفت إلى أن محمد شقيق أنـيسة مخلوف والدة الرئيس بشار، نجح في بناء إمبراطورية تجارية في سوريا وتولى ابـنه الأكبر رامي ابن خال بشار منصب رئيس الشركة العائلية في سوريا حيث تقدر ثـروته الشخصية بنحو 6 مليارات دولار. ولسنوات كان رامي مخلوف من المقربين وشريك بشــار الأسد وكان يُعتبر “وزير المالية الحقيقي” في سوريا.
وبسبب هذه العلاقة كان رامي مخلوف على رأس قائمة الأفراد الذين فرضت عليهم الحكومة الأمريكية عقوبات عندما بدأت الحرب في سوريا.
وانتقل سيد إلى التدخل الروسي في سوريا مؤكدا أنه سيف ذو حدين، فمنذ دخول جيشها البلاد إذ تعمل روسيا على جبهتين: تقويض بشار الأسد، لأنه مرتبط بإيران وتقليل قبضة مخلوف على المواقع الرئيسية.
وأشار إلى أنه عقب نشوب الخلافات بين مخلوف والأسد جرى اعتقال موظفي الأول واضطر هو نفسه إلى الاختفاء، وكان لأسماء الأسد دور في ذلك أيضا، حيث عملت منذ انفرادها بالنفوذ عقب وفاة والدة الأسد على إبعاد مخلوف وعائلته عن القصر.
وقال إن أسماء الأسد تعمل حاليا على تعزيز مكانتها وخلق إستراتيجية طويلة الأمد وبدت هذه الإستراتيجية أوضح في مقابلة أجرتها العام الماضي عندما ذكرت فيها أن ابنها الأكبر حافظ البالغ من العمر 19 عاماً مهتم جداً بالسياسة، حيث تخطط لأن يكون هو الوريث الوحيد لعرش بشار الاسد.