استبعدت وكالة «بلومبرج» الأمريكية أن تنجح القوى الدولية في إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران بسهولة، وتحدثت عن وجود عراقيل عدة سياسية وتقنية تحول دون ذلك.
ورغم ظهور بوادر توافق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران في المباحثات غير المباشرة التي تستضيفها فيينا، قالت الوكالة، في تقرير نشرته اليوم الأحد، إنه على الأرجح سينجح الجانبان في تحقيق هدفهما المتمثل في إحياء الاتفاق النووي، لكن إمكانية تحقيق نجاح عملي على أرض الواقع ما زال محل شك.
ويصر الجانبان، واشنطن وطهران، على العودة على أساس «الالتزام المتبادل» بشروط خطة العمل المشتركة الشاملة، وهذا يعني، بالنسبة إلى الولايات المتحدة، أن تتوقف إيران عن أنشطة تخصيب اليورانيوم وتتخلص من مخزناتها التي تتخطى معايير اتفاق العام 2015، وبالنسبة إلى إيران، يعني التخفيف التدريجي للعقوبات الأمريكية المفروضة بحقها.
لكن، «بلومبرج» تؤكد أن «إعادة عقارب الساعة إلى الخلف أكثر تعقيدًا مما يبدو» لأسباب مختلفة منها السياسي ومنها التقني، وأضافت موضحة: «على الجانب التقني، يرغب فريق بايدن في رفع العقوبات المتعلقة بالنشاط النووي مع الإبقاء مع العقوبات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الأنشطة الخبيثة، ومن الصعب رسم خطوط واضحة بينها. كما أن إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، قد أعادت فرض مئات العقوبات الجديدة بحق إيران، وفرض عقوبات وقيود قديمة من الصعب رفعها».
وعلى الجانب الآخر من المعادلة، قالت «بلومبرج» إنه «حتى إذا تخلصت إيران من مخزونات اليورانيوم وخفضت أنشطة التخصيب، فإن التهديد النووي الذي تمثله لن يعود إلى مستويات ما قبل اتفاق العام 2015. وهذا لأن طهران، في انتهاك صارخ للاتفاق، خطت خطوات كبيرة صوب إتقان تكنولوجيا التخصيب المتطورة، وهذا أمر لا يمكن عكسه». وكانت تقييمات عدة كشفت أن التقدم التكنولوجي الذي حققته طهران قلص الوقت الذي قد تستغرقه لإنتاج سلاح نووي إلى ستة أشهر على أقصى تقدير.
وكان الهدف الأساسي من الاتفاق، كما اعتقد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، أن مدة 10-15 عام من توقف النشاط النووي في إيران من شأنه تسهيل حدوث تغيير سياسي بالبلاد بالكيفية التي من شأنها تحسين الاتفاق في نهاية المطاف. لكن بعد مرور خمس سنوات، العامل الوحيد الذي تغير هو قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي، حسب «بلومبرج».
كما أن هناك تغيرات عدة طرأت على الوضع السياسي، للأسوأ وليست للأفضل، من وجهة النظر الأمريكية؛ حيث أحكم المتشددون في إيران قبضتهم على الحكم هناك وبسطوا نفوذهم في أوصال المؤسسات الحيوية، وسط توقعات بفوز أحدهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
في هذه الحالة، توقعت «بلومبرج» أن يعرقل المشتددون في إيران العودة كاملة إلى الاتفاق النووي، مع السماح فقط للرئيس حسن روحاني بتأمين تفاهم عام مع الولايات المتحدة والقوى الدولية، وتأجيل العودة الفعلية إلى اتفاقية العمل المشتركة لحين وصول مرشح موال لهم إلى سدة الرئاسة، من أجل إدعاء فضل المزايا الاقتصادية التي سيجنوها من تخفيف العقوبات.
ولهذا الهدف، قالت الوكالة الأمريكية إن التيار المتشدد في إيران سيضع بلا شك عراقيل سياسية أمام روحاني، وهو ما حدث بالفعل مع حملة انتقادات لاذعة لمقترح روحاني بالعودة التدريجية إلى الاتفاق، كما استخدموا سلطاتهم في البرلمان لتفعيل تشريع يحد من الخيارات التفاوضية. واتهم روحاني علانية خصومه السياسيين بمحاولة تهديد مساعيه لرفع العقوبات الدولية.
وللخروج من المأزق الذي خلقه ترامب بانسحابه من الاتفاق في العام 2018، قالت «بلومبرج» إن إدارة الرئيس جو بايدن، تعرض على إيران مزيج من التدابير الرسمية وغير الرسمية، بينها ما يسمى بعدم الإنفاذ التقديري، وهي تدابير تعيد الوضع الذي كان قائمًا في الفترة بين توقيع الاتفاق في 2015 وبين إعلان الرئيس ترامب انسحاب بلاده، مع التأكيد على إبقاء أي عقوبات متعلقة بقضايا الإرهاب وحقوق الإنسان.
وقالت «بلومبرج»: «هذا المسار قد يساعد اتفاقية العمل المشتركة من جديد، لكن الوقت والتكنولوجيا التي حازتها طهران في هذه الفترة قوضت من قيمة الاتفاق. التحدي أمام الولايات المتحدة هو الوصول إلى اتفاق أقوى على مدى أطول مع إيران».
اقرأ أيضًا: