بدت شوارع العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، اليوم الأحد، شبه خالية من المارة وحركة المرور، فيما أغلقت المحال أبوابها امتثالًا للدعوة التي وجهها قادة الحركة الاحتجاجية للقيام بعصيان مدني يشل مناحي الحياة في البلاد، ردًا على العملية الأمنية التي أودت بالعشرات في ساحة الاعتصام بالخرطوم، وحتى يقوم المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة لقيادة مدنية.
وبدأت حملة العصيان بعد نحو أسبوع من الهجوم على المتظاهرين المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للجيش، والذي أعقب انهيار المحادثات بين قادة الحركة الاحتجاجية والمجلس العسكري.
واستجابة لدعوة العصيان المدني، أغلقت الأسواق والمتاجر أبوابها في مدن وبلدات عدة، فيما أطلقت الشرطة السودانية الرصاص في الهواء الأحد لتفريق متظاهرين كانوا يحاولون نصب حواجز في الطرقات.
وفي منطقة بحرية بشمال العاصمة السودانية، جمع السكان إطارات السيارات وجذوع الأشجار والصخور لإقامة حواجز.
وقال شاهد عيان لوكالة الأنباء الفرنسية: «هناك حواجز على جميع الطرق الداخلية تقريبًا ويحاول المحتجون إقناع السكان بالامتناع عن الذهاب إلى العمل». لكن شرطة مكافحة الشغب تدخلت سريعًا فأطلقت النار في الهواء والغاز المسيل للدموع على المتظاهرين قبل إزالة الحواجز المرتجلة.
وخيّم الخوف على سكان الخرطوم منذ الهجوم على الاعتصام الذي أسفر عن مقتل 115 شخصًا على الأقل، بحسب لجنة الأطباء المركزية المقرّبة من المحتجين.
بدورها، تشير وزارة الصحة إلى أن الحصيلة بلغت 61 قتيلًا في أنحاء البلاد، 49 منهم قتلوًا بالرصاص الحي في الخرطوم.
وألغت عدة شركات طيران رحلاتها إلى السودان منذ العملية الدامية وشوهد الركاب ينتظرون خارج مبنى المغادرة في مطار الخرطوم الأحد، رغم أنه لم يتضح إن كان هناك أي رحلات ستقلع خلال الساعات المقبلة.
وكان قرار رفع أسعار الخبز بثلاثة أضعاف السبب المباشر الذي أطلق شرارة الاحتجاجات ضد البشير، قبل أن تتحول إلى حراك شعبي ضد حكمه.
وبعد الإطاحة بالرئيس في أبريل الماضي، واصل المتظاهرون اعتصامهم لأسابيع في الخرطوم للضغط على العسكريين الذين تولوا الحكم، من أجل نقل السلطة.
وبعد عدة جولات من التفاوض بين قادة الاحتجاجات والجيش، انهارت المحادثات في منتصف مايو الماضي.
ويقول الشهود إن الهجوم الذي تم على مقر الاعتصام كان بقيادة عناصر قوات الدعم السريع التي تعد منبثقة عن ميليشيا «الجنجويد» المتهمة بارتكاب فظائع خلال الحرب الأهلية في إقليم دارفور في العامين 2003 و2004.
وزار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد السودان الجمعة، في مسعى لإعادة إحياء المفاوضات؛ حيث عقد لقاءات منفصلة مع ممثلين عن الجانبين دعا بعدها إلى انتقال سريع للديمقراطية.