نجحت الولايات المتحدة في تحديد الموعد الدقيق لانطلاق العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، رغم النفي الروسي المتكرر والتشكك الأوروبي، لكن وضع توقعات بشأن موعد إنتهاء هذه الحرب يبدة أصعب بكثير مما نظن.
وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في تقرير نشرته اليوم الإثنين، عن تدخل ثلاث قنوات خلفية منفصلة للوساطة في الأزمة الأوكرانية، بقيادة زعماء فرنسا وإسرائيل وتركيا، مع دخول جديد للمستشار الألماني. لمن حتى الآن اصطدمت مسارات الوساطة الثلاثة بصخرة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، العنيدة.
وداخل وزارة الدفاع الأمريكية، هناك نماذج لسيناريوهات مختلفة للأزمة، تتراوح بين إطالة أمد الصراع ومزيد من الوفيات غير الضرورية، وتدمير الديمقراطية الناشئة على أطراف أوروبا، وبين تحقيق الرئيس بوتين لأهداف بالسيطرة على رقعة واسعة من الأراضي بالجنوب والشرق التي تربط روسيا بأرض القرم، التي احتلها بالعام 2014.
وهناك سيناريو أكثر رعبا، حسب الصحيفة الأمريكية، وهو أن تعلق دول حلف شمال الأطلسي «ناتو» في صراع مباشر مع روسيا، سواء عن طريق الصدفة أو بشكل متعمد. وسبق وحذرت موسكو من أن قوافل نقل الأسلحة إلى القوات الأوكرانية من حدود بولندا تجعل منها هدفا عسكريا، ما يعني أن الأسلحة الواقعة في أراضي تابعة لحلف «ناتو» ليست محصنة من أي هجمات.
وفيما كشف الأسبوعان الماضيان تعثر الجيش الروسي في عملياته العسكرية على الأرض، على الأرجح ستظهر الثلاثة أو أربعة أسابيع المقبلة قدرة أوكرانيا على البقاء كدولة والتفاوض من أجل إنهاء الحرب. وحتى الآن، أثبتت الوقائع على الأرض أن حتى إنشاء ممرات آمنة للمدنيين أمر صعب المنال، حسب الصحيفة الأمريكية.
ونقلت «نيويورك تايمز» أن مسؤولين أمريكيين أعربوا في الأروقة السرية عن مخاوف من إقدام الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على السيطرة على مولدوفا. كما أن هناك تخوف خاص بشأن جورجيا، التي دخلت في حرب مع روسيا بالعام 2008.
كما أن هناك مخاوف من لجوء الرئيس الروسي، الذي يشعر بالغضب جراء تباطؤ تقدم قواته العسكرية على الأرض، إلى استخدام الأسلحة غير التقليدية مثل الأسلحة الكيميائية أو النووية أو السيبرانية.
وأثار مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، في تصريحات، مساء الأحد، المخاوف ذاتها، قائلا: «إن من أسباب التي قد تدفع بوتين إلى استخدام تكتيكات متطرفة، مثل استخدام الأسلحة النووية، وهو غضبه من عدم تحقيق تقدم على الأرض».
لكن سوليفان حذر من «تداعيات قاسية» في حال استخدم بوتين الأسلحة الكيميائية، دون تحديد ماهية تلك العواقب.
وتصر روسيا على مطالبها من الحرب في أوكرانيا، وهي كما أكدها الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، تعديل الدستور الأوكراني لتتحول إلى دولة محايدة بدلا من التطلع إلى الانضمام إلى حلف «ناتو»، والاعتراف باستقلال المناطق الانفصالية في دونيستك ولوغانسك، وكذلك الاعتراف بسيادة روسيا على منطقة القرم، وحينها يمكن أن تتوقف العمليات العسكرية على الفور.
وتتواصل جهود الوساطة الأوروبية بين موسكو وكييف، بقيادة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لكنها لم تصل حتى الآن إلى نتائج ملموسة. وكشف بيان من الحكومة الفرنسية، بشأن مكالمة ماكرون مع نظيره الفرنسي، السبت، عن «إحباط شديد من موقف بوتين المتصلب، وإصراره على مواصلة الحرب».
وتشير تقديرات عسكرية إلى أن الهجوم الروسي فشل حتى الآن في تحقيق أهدافه، لكن بوتين بات أقرب إلى تحقيق أهداف أخرى، مع حصار قواته لعدد من المدن الأوكرانية الرئيسية، بينها خاركييف وسومي وتشيرنيهيف. ولاتزال عمليات القصف مستمرة في مدينة ماريوبول.