تتناول هذه الحلقة الجديدة واقع البناء السعودي في ضوء رؤية 2030 وبرامجها، وهو التحول الذي تواكبه المملكة اليوم في ظل تقنيات البناء ثورة كبيرة في التقنيات المستخدمة مثلها كغالبية القطاعات الأخرى، فنحن الآن نعيش عصر طباعة المنازل باستخدام الطابعة الـ3D وتنفيذ المسكن خلال 48 ساعة بدلًا من استغراق شهور عديدة في تأسيسه ثم تشطيبه.
السعودية تضع رؤيتها
ومع » رؤية المملكة 2030« التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن قطاع البناء سيشهد عملية تغيير كبيرة تؤدي إلى إحداث فارق مميز يشعر به المواطن السعودي. فهناك فرص استثمارية واعدة غير مستغلة حتى الآن، ومن شأن الاستثمار فيها أن يوجد البيئة الحاضنة لقطاع البناء والتشييد في المملكة والشرق الأوسط، ويكون تصدير تقنية البناء أحد أركانه الرئيسة. فالقطاع كبير وضخم ولديه إمكانيات للنمو تعمل» رؤية 2030« على استقراره ودعمه.
والمملكة التي دخلت عالم طباعة المنازل، تسعى لأن تكون مركزًا إقليميًا ومهمًا على المستوى الدولي في مجال تقنية البناء. وهذه التقنية تعدُّ من أحدث تقنيات الجيل الرابع لتقنيات البناء وتهدف إلى مواكبة التقدم التقني في مجال البناء المستقبلي، والاستفادة من أحدث التقنيات التي توصَّل إليها العالم، وتهدف إلى أن تكون المملكة في صدارة الدول التي تعمل بها ولتكون سباقة في قطاع البناء وتوطين هذه الصناعة على المستوى المحلي، وفقًا لأهداف» رؤية المملكة 2030«، وبرنامج التحوُّل الوطني 2020.
ومن أشكال تقنية البناء التي تستخدم في السعودية ويتم السعي لتعميمها عدة أشكال حديثة بالنسبة للجيل الثالث، أمَّا الجيل الرابع فما زال تحت دراسة الجدوى الاقتصادية منه. والتقنيات التي اعتمدتها اللجنة الفنية التابعة لوزارة الإسكان هي الخرسانة المعزولة مسبقة الصب، والهياكل الحديدية خفيفة الوزن، والخرسانة خفيفة الوزن، ووحدات الخرسانة المعزولة.
وتسهم تقنيات البناء في المملكة حاليًا، بنحو 9% في الناتج المحلي، وتوفر 7000 فرصة عمل مباشرة، فضلًا عن الوظائف غير المباشرة، كما أنها معزز أساس لاستهلاك السلع التصنيعية والخدماتية.
توقعات المملكة
مئات المنازل التي ستبنى يوميًا بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، هي أحد أهداف المملكة، إذ تتوقع جهات استشارية عالمية أن تبني السعودية نحو 1.5 مليون منزل باستخدام هذه التقنية خلال عشرة أعوام. وتهدف من خلال إدخال تقنيات البناء الحديثة إلى زيادة ملكية المنازل إلى 60% بحلول عام 2020 لترتفع إلى 70% في عام 2030.
توقعات عالمية
الخبراء يتوقعون أن تبلغ قيمة قطاع سوق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم، نحو 120 مليار دولار بحلول عام 2020، ونحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025، إذ يشهد القطاع المزيد من الأبحاث وإصدار المنتجات الجديدة والتصميمات الجذابة. هذا النمو سيعززه سهولة الإنتاج والتصنيع باستخدام هذه التقنية التي تتيح طباعة أي جسم وإنتاجه.
وستسهم تقنيات البناء في توفير تكلفة البناء بنسبة تتراوح بين 50% إلى 70%، وفي تكلفة العمالة بنسبة تتراوح بين 50% إلى 80%، فضلًا عن تقليل نسبة النفايات الناجمة عن عمليات الإنشاء بنسبة تصل إلى 60%، ما ينعكس إيجابًا على المردود الاقتصادي للقطاع ويسهم في تحقيق استدامة البيئة والموارد.
ويزيد هذا التوجه وضوحًا مع لجوء دول أميركا الشمالية واليابان وألمانيا والمملكة المتحدة وغيرها إلى تخصيص ميزانيات ضخمة في مجال تطوير تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في مختلف المجالات كالإنشاءات والطب والصناعة والسيارات والطيران.
مبادرات محلية
ومن أبرز المبادرات في مجال نشر هذه التقنيات هي "مبادرة تحفيز تقنية البناء" كواحدة من مبادرات القطاع الخاص الرائدة في مجال تطوير البناء وتقنياته وتتخذ من عبارة» البناء يتحول« شعارًا لها.
وتهدف المبادرة التي يعمل على تنفيذها برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، إلى تسليط الضوء على تقنيات البناء، وفق» رؤية 2030«، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية وتوطين صناعة تقنية البناء محليًا لتوفير مساكن حديثة وعصرية للمواطن السعودي، وكذلك دعم المطورين والمقاولين وحثهم على استخدام هذه التقنيات.
وتعدُّ زيادة الطاقة الإنتاجية لمصانع تقنية البناء من خلال تطوير هذه الصناعة وزيادة سرعة التنفيذ لرفع قدرة البناء السنوية، وخفض تكلفة البناء لضمان بناء وحدات سكنية ميسرة، والمساهمة في خلق فرص عمل للسعوديين والسعوديات، على رأس أولويات المبادرة، وهو ما سستناوله الحلقة القادمة بمزيد من التفصيل حيث سنسلط الضوء على إنجازات ومشاريع مبادرة تحفيز تقنية البناء.