علماء يوضحون «لغز النسيان» ويؤكدون: لا توجد «ذاكرة سيئة»

أكدوا إمكانية إنعاشها وتدريبها..
علماء يوضحون «لغز النسيان» ويؤكدون: لا توجد «ذاكرة سيئة»

يحاول عشرات المراكز البحثية حول العالم العمل بحماس لفهم أكثر الطرق فعالية؛ لمنع مشكلات الذاكرة الكبيرة؛ حيث تسعى الكثير من العقول المذهلة لإيجاد طرق فعالة لحماية أو حتى تعزيز واحدة من أهم وظائف الدماغ.

وقد استكمل علماء الأعصاب في مركز ويك فورست بابتيست الطبي، أول تجربة على الإطلاق لجراحة تنقل نبضات كهربائية إلى مركز ذاكرة دماغ الإنسان؛ ما عزز استدعاء ذاكرة المشاركين بنسبة 37 بالمائة.

فريق من ماساتشوستس يحسن ذاكرة الفئران

كما قام فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتحسين الذاكرة لدى الفئران من خلال تعريضهم لمجموعة من الأضواء الساطعة الوامضة مع صوت النقر السريع، وصولًا حتى المزيد من الخيال العلمي عندما نجحوا بالتعاون مع المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية في إدخال ذكريات زائفة في أدمغة الفئران، فيما يعمل كل من فيسبوك وأيلون ماسك كل على حدة على واجهات بين الحاسوب والدماغ، التي قد تسمح لعقولنا بالاندماج مع بنوك الذاكرة الرقمية!

ولعل الدافع وراء هذا الاهتمام العلمي هو لغز يومي يبعث على القلق وهو: لماذا ينسى الكثير منا والذين لا يعانون من مشاكل تشخيصية في الذاكرة اسم الفيلم الذي شاهدناه الأسبوع الماضي أو حتى سبب ذهابهم إلى غرفة المعيشة ثم الوقوف هناك دون القدرة على تذكر إجابة سؤال: لماذا أتينا هنا؟

التصوير بالرنين المغناطيسي لتحسين قدرتنا

وحسب الباحثين فقد أنشأ التصوير بالرنين المغناطيسي لتحسين قدرتنا على قياس ما يحدث في قرن آمون، وهي منطقة من الدماغ تعتبر حاسمة بالنسبة للذاكرة، وفيها يمكن في الواقع رؤية تواقيع عصبية متميزة جدًا عندما يتذكر الناس بنجاح أو حتى عندما ينسون.

والذاكرة معقدة بالفعل، وتظهر بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي من مختبر ذاكرة ستانفورد مناطق عديدة من الدماغ من زاويتين مختلفتين، فيما تعتبر اختبارات الذاكرة حساسة بدرجة كافية لالتقاط تغييرات طفيفة في عملية الاسترجاع، ويعزى بعضها إلى تلاشٍ تدريجي للذاكرة مع تقدم العمر.

خطورة البروتين المرتبط بمرض ألزهايمر

وقد يشير البعض الآخر إلى شيء أكثر خطورة، مثل البروتين المرتبط بمرض ألزهايمر، ومن خلال مراقبة انقطاع الذاكرة في العمل ومقارنة أداء الأشخاص بمرور الوقت، يأمل الباحثون في أن يتمكنوا من تحديد العلامات المبكرة لانحسار الذاكرة والكشف عن أسبابها، فضلًا عن أدلة حول كيفية منعها.

ويطرح الباحثون سؤالًا: لماذا لا تستطيع أن تتذكر اسم المطعم الذي ذهبت إليه الأسبوع الماضي.. لكن لا يزال بإمكانك أن تتذكر النظرة التي كانت على وجه صديقك قبل عقد من الزمان عندما أخبرك بحديث ما؟

وهنا يجيبون: عندما لا تتذكر يكون ذلك بسبب عدم اهتمامك، إن الذاكرة والاهتمام مرتبطان بشكل لا ينفصم، إذا كنت تحضر فقط عن طيب خاطر لمعلومات جديدة، فلن تحصل على تشفير عميق في دماغك.

لذا، من المرجح أن تهب مثل التربة السطحية الفضفاضة في سهل مغمور بالرياح، وهذا طبيعي ويحدث بالمناسبة للجميع، وعندما يتعلق الأمر بالذاكرة، هناك مجموعة واسعة من الأمور الطبيعية، لكن أينما كنت في الطيف يمكنك تحسينه، فما لم تكن هناك مشكلة حقيقية فلن يكون هناك شيء اسمه «ذاكرة سيئة»، هناك فقط مدربون على الاستدعاء وغير مدربين.

العالم يشهد تشتيتًا أكثر من أي وقت مضى

ونحن نعيش في عالم يشهد المزيد من التشتيت أكثر من أي وقت مضى، لكن لحسن الحظ بدأ الباحثون في كشف تكلفة عدم اهتمامنا، ولديهم بعض الأفكار للحفاظ على أدمغتنا على المسار الصحيح.

وكرس الباحثون وقتًا كبيرًا لمعرفة ما إذا كانت الحياة الحديثة وتعدد المهام الإعلامية تتلاعب بذاكرتنا؛ حيث يمكن للعقل البشري حسب التصميم التركيز فقط على شيء واحد في وقت واحد.

وحسب الباحثين فإن هذا يشبه السائق المخمور، يبدو الأمر وكأنه يمزج بين شيئين أو أكثر في وقت واحد القيادة والخمر، لكن انتباهه يتلاشى في الواقع.

وقد تتداخل تعدد المهام أيضًا مع القدرة على تشفير واستعادة ذكريات طويلة المدى، وقد تداخلت وسائل التكنولوجيا الحديثة والمعلومات على الخط، فمجرد معرفة أنه يمكنك التحقق من جوجل للحصول على المعلومات التي تعلمتها للتو على سبيل المثال، قد يجعلك هذا أقل عرضة لتذكرها أو أقل اهتمامًا بذلك.

تسجيل الملاحظات يقلل من قدرتك على استدعائها

ويؤدي تسجيل الملاحظات بدلًا من كتابتها بخطك إلى تقليل قدرتك على استدعاء المادة، كما أن قراءة النص فقط على الشاشات والتي نميل إلى إزاحتها أكثر من الانغماس فيها، قد تقوض قدرتك على تذكر ما تقرأ، حتى إن هناك بعض الأدلة على أن التقاط صور لخبراتك يعمل على محو ذاكرتك، وهو ما يطلق عليه تأثير الصورة الشخصية.

وهناك أدلة متزايدة على أننا عندما نتعامل مع التكنولوجيا بينما نحاول تجربة شيء ما، فإنها تقصر عملية ترميز الذاكرة وتقلل من قدرتنا على تذكر التجربة في وقت لاحق.

كما يظهر بحث نشر مؤخرًا لمورالي دوريسوامي مدير برنامج اضطرابات الإدراك العصبي في جامعة ديوك، فإنه يمكنك تحسين الذاكرة والانتباه في أي عمر، وحسب كلماته يمكنك تحسين انتباهك بشكل كبير إلى ضعفين عن طريق بذل الجهد.

تدريب انتباهك جزء مهم في المعادلة

ويعني القيام بأشياء مثل إيقاف تشغيل أجهزتك حتى تتمكن من الاستماع، تحدي عقلك، وقضاء ساعات في مهمة واحدة مثل قراءة كتاب حقيقي، فتدريب انتباهك هو قطعة كبيرة من المعادلة، وإذا حضرت اجتماعًا دون بذل جهد للحفاظ على ما يُقال، فإن ما يقرب من 50 في المائة مما تسمعه سيختفي خلال يوم أو يومين، وسيختفي 90 في المائة في غضون شهر.

والشيء نفسه ينطبق على الكتب والأفلام والمحادثات، لكي تتذكر شيئًا ما عليك تذكير دماغك بأهميته وتدوين الملاحظات بعد الاجتماعات أو عند الانتهاء من كتاب، وضح الأشياء المثيرة للاهتمام التي التقطتها خلال اليوم، فكر في المعلومات بعد سماعها بإعطائه أكبر قدر ممكن من الثراء والسياق، من المحتمل أن يتم توزيع الأجزاء منه عبر شبكة ذاكرة عقلك، وهو المكافئ العصبي المتمثل في الضغط على زر الحفظ في عقلك، فتشفير الذاكرة العميقة ودمج المعلومات في ذهنك حتى تتمكن من تذكرها بعد شهور أو سنوات من الآن، يعمل بشكل أفضل عندما تربط المعلومات بالذكريات أو المعرفة الحالية بطريقة ذات معنى، وهذا ما يفسر لماذا لا تزال تتذكر نظرة صديقك في موقف ما أو لماذا يتذكر الجميع تقريبًا ما الذي كانوا يفعلونه في 11 سبتمبر مثلًا؟

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa