مع التغييرات الكبيرة التي طرأت على نمط حياة الإنسان المعاصر، وحلول الآلة محل العنصر البشري في عديد من المجالات، أصبح الجلوس لفترات طويلة مرضًا من أمراض العصر؛ فاليوم يبدأ بالتنقل والحركة؛ لكنها حركة محدودة تقتصر على التنقل من طاولة الإفطار إلى مقعد السيارة، مرورًا بالجلوس على المكتب في العمل ثم تكرار العملية مرة أخرى في رحلة العودة.
وتقول دراسات حديثة، إن معظم الناس يجلسون في المتوسط نحو 15 ساعة يوميًا، محذرة من المخاطر التي قد تلحق بالمرء جراء الجلوس لفترات طويلة.
وتشير الدراسات إلى أن الجلوس على الكرسي أو الأريكة لفترات طويلة دون بذل جهد بدني أو ممارسة الرياضة يرتبط بأمراض بعضها مهدد للحياة مثل الجلطات وأمراض الكبد والسرطان، فضلًا عن أمراض السمنة وزيادة الوزن.
وقد ينجم عن الجلوس الطويل أيضًا أمراض أخرى تصيب الأعصاب والدماغ؛ حيث كشفت دراسة نُشرت في أبريل 2018 أن ثمة صلة بين السلوكيات المرتبطة بالجلوس وبين ضعف مناطق في المخ لها أهمية في تشكيل الذاكرة.
وفي تجربة أجريت على مجموعة من الموظفين الشباب الذين يتمتعون بصحة جيدة، ويقطعون نحو 10 آلاف خطوة على الأقل، طلب منهم تقليل عدد الخطوات 1500 خطوة يوميًا.
واكتشف باحثون من معهد الكهولة والأمراض المزمنة في ليفربول أنه خلال أسبوعين، بدأت تظهر على هؤلاء الموظفين الشباب آثار السمنة بسبب زيادة الدهون في الجسم وانخفاض إفراز الإنسولين وتجمع الدهون في الكبد.
وبحسب دراسات أخرى، فإن الجلوس الطويل يعرض المرء إلى نحو 35 ظرف خطير، وذلك لأن الحركة هي المفتاح الرئيس للبروتينات المنظمة للجسم والجينات والأنظمة الحيوية الأخرى في الجسم.
ولتقليل تلك المخاطر، ينبغي على أي شخص يقضي فترات طويلة أمام الحاسوب أن يضع في عين الاعتبار التحرك أو الوقوف لمدة 10 دقائق على الأقل كل ساعة، كما توجد طرق أخرى بسيطة للتشجيع على مزيد من الحركة بما في ذلك العجلة الثابتة، والتي تسمح بممارسة تمارين العجلة أثناء الجلوس على المكتب، أو كرة التمارين المطاطية، وركن السيارة بعيدًا عن مكان الوصول لاستغلال بعض المسافة في المشي.