قررت الجهات المختصة في المملكة، إيقاف صلاة الجمعة، وصلوات الجماعة، مؤقتًا، لجميع الفروض في المساجد، والاكتفاء برفع الأذان، ويستثنى من ذلك الحرمان الشريفان، وذلك ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، وحرصًا على حماية صحة المواطنين والمقيمين وضمان سلامتهم.
وأصدرت هيئة كبار العلماء قرارها رقم ( 247 ) في 22/ 7/ 1441هـ، في ما يلي نصه:
«اطلعت هيئة كبار العلماء -في دورتها الاستثنائية الخامسة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض، اليوم الثلاثاء- على ما يتعلق بجائحة كورونا وسرعة انتشارها وكثرة الوفيات بها، واطلعت على التقارير الطبية الموثقة المتعلقة بهذه الجائحة المشمولة بإيضاح وزير الصحة لدى حضوره في هذه الجلسة».
وتابع بيان هيئة كبار العلماء، أنه «تأكد خطورة الجائحة المتمثلة في سرعة انتقال عدواها بين الناس بما يهدد أرواحهم وما بينه الوزير من أنه ما لم تكن هناك تدابير احترازية شاملة دون استثناء، فإن الخطورة ستكون متضاعفة، وأكد الوزير أن التجمعات تعتبر السبب الرئيس في انتقال العدوى».
وقد استعرضت هيئة كبار العلماء النصوص الشرعية الدالة على وجوب حفظ النفس من ذلك قول الله -عز وجل-: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة...»، البقرة: 195، وقوله سبحانه: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا...» النساء: 29، وهاتان الآيتان تدلان على وجوب تجنب الأسباب المفضية إلى هلاك النفس.
وأضاف بيان هيئة كبار العلماء: «دلت الأحاديث النبوية على وجوب الاحتراز في حال انتشار الوباء كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يُورِد ممرض على مصح»، متفق عليه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «فر من المجذوم كما تفر من الأسد» أخرجه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها»، متفق عليه.
وقد تقرر في قواعد الشريعة الغراء أنه: «لا ضرر ولا ضرار»، ومن القواعد المتفرعة عنها: «أن الضرر يدفع قدر الإمكان»، وبناءً على ما تقدم فإنه «يسوغ شرعًا إيقاف صلاة الجمعة والجماعة لجميع الفروض في المساجد والاكتفاء برفع الأذان، ويستثنى من ذلك الحرمان الشريفان، وتكون أبواب المساجد مغلقة مؤقتًا، وعندئذ فإن شعيرة الأذان ترفع في المساجد، ويقال في الأذان: صلوا في بيوتكم؛ لحديث بن عباس أنه قال لمؤذنه ذلك ورفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحديث أخرجه البخاري ومسلم، وتصلى الجمعة ظهرًا أربع ركعات في البيوت.
وقال بيان هيئة كبار العلماء: من فضل الله تعالى أن من منعه العذر عن صلاة الجمعة والجماعة في المسجد، فإن أجره تامّ، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا) أخرجه البخاري.
هذا وتوصي هيئة كبار العلماء الجميع بالتقيد التام بما تصدره الجهات المختصة من الإجراءات الوقائية والاحترازية والتعاون معها في ذلك امتثالاً لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة : 2، والتقيد بهذه الإجراءات من التعاون على البر والتقوى، كما أنه من الأخذ بالأسباب التي أمرنا الشرع الحنيف بامتثالها بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى.
كما نوصي الجميع بتقوى الله -عز وجل- والإلحاح في الدعاء وكثرة الاستغفار، قال الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ) هود: 52، والقوة هنا تشمل: سعة الرزق، وبسط الأمن، وشمول العافية.
نسأل الله تعالى أن يرفع هذا الوباء عن عباده، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة خيرًا لما يبذلونه من جهود مشكورة، وتدابير وإجراءات أسهمت –بفضل الله عز وجل– في الحد من تأثير هذا الوباء المنتشر عبر العالم، كما نسأله سبحانه أن يحفظ الجميع بحفظه: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف: 64، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اقرأ أيضًا:
التطبيق اليوم.. الإمارات تعلّق الصلاة في المساجد والمصليات ودور العبادة
تركيا توقف صلاة الجمعة والجماعة بسبب كورونا
الحكومة الأردنية توقف الصلاة في المساجد والكنائس.. وتعلّق الدراسة بداية من الأحد