صنع في أوروبا.. كيف تحوَّل منتخب الجزائر إلى مرعب الكبار؟

كيف تحوَّل منتخب الجزائر إلى مرعب الكبار؟

كيف تحوَّل منتخب الجزائر إلى مرعب الكبار؟

40 انتصارًا متتاليًا حصاد لا يتعلق بأحد أكابر كرة القدم في القارة العجوز أو أطراف الصراع التاريخي ثنائي القطب في القارة اللاتينية، وإنما صاحب هذا الرقم اللافت الذي يبدو عصيًا عن الكسر في الأفق المنظور هو المنتخب الجزائري، تحت إمرة الخبير جمال بلماضي، الذي خرج بسقف التطلعات من الدائرة القارية الضيقة إلى البحث عن موطأ قدم على منصة المونديال.

مشهد التألق الجزائري الذي بسط كامل النفوذ على الساحة القارية بالقبض على بطولة أمم أفريقيا 2019، ويبحث عن مواصلة الاحتكار عندما يشد الرحال في الساعات القليلة القادمة صوب الكاميرون للدفاع عن اللقب، وكذلك فعل إقليميًا وتحت مظلة «فيفا» بخطف لقب كأس العرب قبل أيام من العاصمة القطرية الدوحة، يسلط الضوء على الكثير من العمل الشاق من وراء الكواليس من أجل تأمين ذخيرة حية تناطح الكبار، وتمنح بلماضي قماشة واسعة، وواسعة جدًا، للوصول إلى حد الكمال الكروي.

وبالعودة إلى الدوحة التي شهدت تتويج «محاربو الصحراء» بالمونديال العربي، جاء قوام المنتخب الجزائري، بقوام كامل من الرديف يشكلون حزمة من المحترفين في دوريات العرب، تحت قيادة الواعد مجيد بوقرة، بعدما قرر بلماضي الاستمتاع باستراحة محارب واتخاذ مقعد المتفرج علّه يجد جنديًا جديدًا لاستكمال القطع الثمينة، ورفض المغامرة برفاق رياض محرز في براثن الإجهاد، إلا أنه ورغم تلك المعطيات ذهب الخضر إلى النقطة الأبعد وعلى حساب أسماء بحجم مصر وقطر والمغرب وتونس.

المتتبع لمشوار محاربي الصحراء يدرك دون لبس أن الفريق يمتلك منتخبين وربما ثلاثة، جاهزين للمنافسة وربح الرهان في أي وقت وتحت أي ظرف، ودون أن يفقد الخضر الرونق أو الأسماء اللامعة، وبات غياب أي عنصر لا يمثل أي أزمة على الإطلاق، وهو الأمر الذي تحول معه إلى قبلة لجذب الطيور المهاجرة بعد سنوات من خسارة المواهب.

التعلم من دورس الماضي

وحتى وقت قريب كان من المنطقي أن يختار أسماء بحجم زين الدين زيدان، وكريم بنزيمة، وكمال مريم، وسمير نصري، ونبيل فقير، وحتى كيليان مبابي، وأخيرًا حسام عوار؛ اللعب بقميص الديوك الفرنسية عن اختيار المنتخب الأم، بحثًا عن الألقاب والمجد والشهرة وبطبيعة الحال الأموال؛ ليفقد الخضر في المقابل عناصر كان من الممكن أن تصنع الفارق مع الجزائر.

غير أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، توقف كثيرًا أمام هذا السيناريو من أجل تأمين مستقبل المنتخب الوطني، والتحرك بشكل متسارع من أجل بناء فريق قوي جاذب للنجوم، وفي الوقت ذاته التنقيب عن المواهب في أروقة القارة العجوز؛ لتنجب ضياع المزيد منها على عتبات القوي الأوروبية.

ومنذ جيل كريم زياني وعنتر يحيى ومجيد بوقورة، الذي أعاد الكبرياء المفقود إلى الكرة الجزائرية، بدأ محاربو الصحراء تنفيذ الجانب الأول من المخطط ببناء فريق قوي ومنافس، وهو ما برهن عليه في مونديال 2010، ومن ورائه 2014 في البرازيل، وهي المحطة التي جذبت بالفعل أسماء واعدة من بين أنياب الديكة.

عمارة على خطى روراوة

فتح جيل زياني الباب أمام سفيان فيجولي، وياسين براهيمي، وإسحاق بلفوضيل، لاختيار منتخب الجزائر لاستكمال ما بدأ منذ موقعة أم درمان في 2009، ليتواصل البناء، ويستمر الامتداد من استعادة الكبرياء إلى مطاردة منصات التتويج، ليتطور فيما بعد إلى هيمنة قارية وعربية ومحاولات تمدد عالمية ربما تفلح في مونديال قطر في نوفمبر المقبل.

وحرص الاتحاد الجزائري بقيادة شرف الدين عمارة، على السير على خطى العراب والرئيس السابق محمد روراوة، من أجل جذب المواهب أصحاب الأصول الجزائرية خاصة تلك التي تنشط في فرنسا، حتى امتلك جمال بلماضي في الأخير كتيبة مدججة بالنجوم.

وتحولت وجهة أسماء بحجم؛ رياض محرز، وإسماعيل بن ناصر، وأدم وناس، وسعيد بن رحمة، وريس مبولحي، وحتي سفيان فيجولي، إلى اختيار الدفاع عن ألوان الجزائر، بعد أن شكّل أكثرهم قطعًا مميزة رفقة منتخبات فرنسا للفئات السنية.

تقرير ليكيب يكشف تحركات الخضر

صحيفة «ليكيب» الفرنسية الشهيرة، لم تفوت المشهد لكنها ألقت الضوء على مساعي الاتحاد الجزائري لاصطياد المواهب النادرة في أوروبا، ولكنه غير الطريقة مُقارنة بما كان عليه الوضع سابقًا في ولاية روراوة، عبر التركيز على العناصر الصغيرة في السن، والتي لا يتجاوز عمرها 19 عامًا، من أجل ضمانها بشكل مُبكر.

ولفت التقرير إلى مطاردة ياسين لاجا، نجم فريق أولمبيك ليون للشباب، في الآونة الماضية، يوثق أن الجزائر لن تفرط في المزيد من المواهب دون أن يقاتل لعودتها إلى البلد الأم، حتى أثمرت في الأخير على رفض اللاعب منتخب فرنسا واختار الجزائر.

واعتبرت ليكيب أن لاجا ليس سوى فصل في رواية جزائرية تبحث عن تشكيل منتخب مرعب ليس فقط في أحراش أفريقيا؛ حيث أرسل الاتحاد الجزائري مجموعة من الكشافين للتنقيب عن المواهب في باريس ومارسيليا وليون، ولا مانع أن يمتد الأمر إلى باقي ربوع أوروبا، لاستكمال باقي القطع الثمينة في مجموعة بلماضي.

ويكفي النظر الآن إلى قائمة الأسماء التي تدافع عن ألوان الخضر في أمم أفريقيا والأندية التي تنشط بها في أوروبا، للوقوف على مدى نجاح المخطط الجزائري الطموح؛ حيث تضم رامي بن سبعيني «بروسيا مونشنجلادباخ»، وعيسى ماندي «فياريال الإسباني»، ويوسف عطال «نيس الفرنسي»، وإسماعيل بن ناصر «ميلان الإيطالي»، وإسلام سليماني «ليون الفرنسي»، وسعيد بن رحمة «وست هام»، وآدم وناس «نابولي الإيطالي»، ورياض محرز «مانشستر سيتي».

اقرأ أيضًا:

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa