

في ظل تزايد وتيرة السفر الدولي وتنوع الوجهات التي يقصدها المواطنون والمقيمون لأغراض السياحة أو العمل أو الدراسة، بات من الضروري التذكير بالإجراءات والضوابط التي تضمن سلامة المسافر وتجنبه الوقوع في مأزق قانوني أو أزمات طارئة خارج حدود الوطن. وتأتي هذه التوجيهات متناغمة مع تحذيرات متكررة تطلقها الجهات المختصة وسفارات المملكة في الخارج، وتشدد فيها على أهمية الوعي الكامل بمتطلبات السفر، بدءاً من اللحظة التي يتم فيها التخطيط للرحلة وصولاً إلى العودة إلى أرض الوطن.
الاستعدادات قبل السفر
أكد خبراء السفر والسياحة أن نجاح الرحلة يعتمد بنسبة كبيرة على دقة التجهيزات المسبقة، مشيرين إلى أن أغلب المشكلات التي تواجه المسافرين تنبع من التهاون في مراجعة التفاصيل الدقيقة للوثائق والأنظمة قبل المغادرة. وفيما يلي استعراض لأهم النقاط التي يجب مراعاتها أثناء السفر إلى الخارج:
صلاحية جواز السفر وتطابق البيانات
تعد صلاحية جواز السفر حجر الزاوية في أي رحلة دولية، حيث تشترط معظم دول العالم ألا تقل مدة صلاحية الجواز عن ستة أشهر من تاريخ الوصول المقرر. وقد نبهت إدارات الجوازات مراراً على ضرورة التأكد من هذا التاريخ بوقت كافٍ قبل حجز التذاكر، إذ أن شركات الطيران ملزمة بمنع صعود أي مسافر لا يستوفي جوازه هذا الشرط.
بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من تطابق الاسم المسجل في حجز طيران وحجوزات الفنادق تماماً مع الاسم المدون في الجواز باللغة الإنجليزية، لتفادي أي تعقيدات أثناء إنهاء إجراءات السفر.
اشتراطات التأشيرة ومدة الإقامة
لا يقتصر الأمر على الحصول على التأشيرة (الفيزا) فحسب، بل يجب فهم نوعها وشروطها بدقة. تحذر المصادر القنصلية من الخلط بين أنواع التأشيرات (سياحية، دراسية، علاجية)، حيث أن استخدام تأشيرة سياحية لأغراض العمل قد يعرض المسافر للترحيل الفوري.
كما يجب الانتباه إلى مدة الإقامة المسموح بها، والتي تختلف عن مدة صلاحية التأشيرة نفسها؛ فتجاوز المدة المحددة ولو ليوم واحد قد يترتب عليه غرامة مالية وحرمان من دخول تلك الدولة مستقبلاً.
التأمين الطبي الشامل
أصبحت وثيقة التأمين الطبي للسفر ضرورة ملحة وليست ترفاً، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية في العديد من الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية. يشدد الخبراء على ضرورة اختيار بوليصة تأمين تغطي الحالات الطارئة، وتكاليف التنويم، وعمليات الإخلاء الطبي الجوي في الحالات الحرجة، بالإضافة إلى تغطية تكاليف إلغاء الرحلات أو فقدان الأمتعة.
كما ينصح دائماً بحمل نسخة ورقية وإلكترونية من الوثيقة، والاحتفاظ بأرقام التواصل الخاصة بشركة التأمين للرجوع إليها فور وقوع أي طارئ.
الإفصاح المالي
من القضايا الحساسة التي يغفل عنها الكثيرون هي قوانين الإفصاح عن الأموال. تفرض قوانين مكافحة غسيل الأموال في غالبية دول العالم، بما فيها المنافذ السعودية، ضرورة الإفصاح عن المبالغ النقدية أو المعادن الثمينة التي تتجاوز قيمتها حداً معيناً.
عدم تعبئة نموذج الإفصاح قد يؤدي إلى مصادرة الأموال والتحقيق مع المسافر. كما يجب إشعار البنك المصدر للبطاقات الائتمانية بوجهة السفر وتاريخه لتفادي إيقاف البطاقات بدعوى الاشتباه في عمليات احتيال، مع ضرورة توزيع السيولة النقدية في أماكن متفرقة وعدم الاعتماد الكلي على البطاقات.
الأمن الدوائي والمواد المحظورة
نبهت الجهات الصحية إلى خطورة حمل أدوية وعقاقير طبية دون وصفات معتمدة، حيث تصنف بعض الدول أدوية شائعة (مثل بعض مسكنات الألم القوية، والمهدئات، وأدوية علاج الصرع) ضمن جداول المخدرات والمؤثرات العقلية.
لذا، يجب على المريض اصطحاب تقرير طبي حديث ومترجم ومعتمد من الجهات الصحية، يوضح الحالة المرضية والجرعات المطلوبة، والاكتفاء بحمل كميات تتناسب مع مدة الرحلة فقط، لتجنب توجيه تهم الاتجار أو الحيازة غير المشروعة.
بعد الوصول إلى الوجهة
بمجرد وصول المسافر إلى وجهته، يصبح "سفيراً" لبلده، مما يحتم عليه الالتزام بأعلى معايير الانضباط واحترام القوانين المحلية. وتؤكد السفارات دائماً أن الجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة، وأن الأنظمة تطبق بصرامة على الجميع دون استثناء. وفيما يلي أبرز الجوانب التي يجب الانتباه إليها أثناء التواجد في الخارج:
احترام القوانين والأنظمة المحلية
تختلف القوانين من دولة لأخرى بشكل جذري، لذا يجب الاطلاع المسبق على أبرز الممنوعات في بلد الوجهة. يشمل ذلك قوانين المرور والقيادة، وأنظمة البيئة (مثل رمي النفايات أو التدخين في الأماكن العامة)، وقوانين التصوير. في بعض الدول، يعد تصوير المباني الحكومية، أو المطارات، أو رجال الأمن، أو حتى تصوير الأشخاص دون إذنهم جريمة يعاقب عليها القانون بالتوقيف ومصادرة الأجهزة. الالتزام بهذه الضوابط يجنب المسافر الدخول في مشادات أو تحقيقات هو في غنى عنها.
السلامة الشخصية
تنصح الجهات الأمنية المسافرين إلى توخي الحيطة والحذر، وتجنب التواجد في الأماكن المشبوهة أو الأحياء التي تعرف بارتفاع معدلات الجريمة، خاصة في ساعات الليل المتأخرة. كما توصي بشدة بالابتعاد عن أماكن التجمعات السياسية، والمظاهرات، والاضطرابات العمالية، حيث يمكن أن تتحول هذه التجمعات إلى أعمال شغب في أي لحظة.
كما أن الحفاظ على المظهر العام المتواضع وعدم المبالغة في ارتداء المجوهرات والساعات الثمينة في الأماكن العامة يقلل من فرص التعرض للسرقة أو النشل.
التواصل مع البعثات الدبلوماسية
تعتبر السفارات والقنصليات الملاذ الآمن للمواطن في الخارج. لذلك، تحث وزارة الخارجية المواطنين باستمرار على تسجيل جوازات سفرهم وبيانات رحلاتهم ومقر إقامتهم عبر التطبيقات الإلكترونية المخصصة لذلك (مثل تطبيق الوزارة أو المنصات الحكومية الموحدة) فور وصولهم.
هذا الإجراء يسهل على البعثة الدبلوماسية الوصول للمواطن وتقديم المساعدة العاجلة في حالات الطوارئ، والكوارث الطبيعية، أو الأزمات الأمنية، ويضمن وجود قناة اتصال فعالة بين المواطن والجهات المسؤولة.
الحذر في التعاملات التجارية والتعاقدات
عند الرغبة في إبرام أي عقود تجارية، أو شراء عقارات، أو استئجار خدمات طويلة الأمد أثناء السفر، يجب عدم التسرع في التوقيع على أي وثائق دون استشارة محامٍ موثوق أو مراجعة الجهات المختصة. إذ تنتشر في بعض الوجهات السياحية عمليات احتيال تعتمد على عقود وهمية أو شروط جزائية مجحفة مكتوبة بلغة قد لا يتقنها المسافر. التأني والتحقق من قانونية الشركات والأفراد المتعامل معهم يحمي الحقوق المالية والقانونية للمسافر.