«عاجل» ترصد شهادات دولية تفضح الانتهاكات القطرية في القطاع الرياضي

إنفاق مليارات الدولارات لم يسكت الجميع..
«عاجل» ترصد شهادات دولية تفضح الانتهاكات القطرية في القطاع الرياضي

رغم عمليات الإنفاق الباهظة التي يقوم بها القطري ناصر الخليفي (رئيس مجموعة بي إن سبورتس القطرية مالك نادي باريس سان جيرمان رجل أمير قطر في قطاع الاستثمارات الرياضية والإعلامية)؛ لتحسين صورة النظام الحاكم في الدوحة؛ فإن يده لم تصل إلى الجميع، في ضوء شهادات إعلامية دولية توثق جرائم رسمية ترتكب في الداخل القطري.

وقد انتقدت مجلة «فوربس» الأمريكية، تراخي الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في التعامل مع الانتهاكات الصارخة التي تشهدها قطر بحق مئات الآلاف من العاملين في ملف استضافة كأس العالم 2022، وطالبت في تقرير موسع بضرورة «إجبار النظام القطري على إجراء إصلاحات حقيقية في هذا الشأن، دون الاكتفاء بخطوات شكلية؛ لحماية المشاركين في الأعمال الإنشائية الجارية بالملاعب القطرية، سواء التي يتم تشييدها أو تلك التي تجرى لها عملية توسيع وصيانة استعدادًا لاستضافة المونديال».
وشددت على أنه «ينبغي للاتحاد الدولي تركيز اهتمامه على جانبين أساسيين لملف قطر في المجال الحقوقي؛ أولهما ضرورة ممارسة نفوذه لدى قطر لإجبارها على تحسين منظومة العمل

التي يقاسي منها الوافدون إليها، والتي ترقى إلى مرتبة العمل القسري أو العبودية الحديثة. أما الجانب الثاني فيتمثل في حمل الشركات المرتبطة بمشروعات ذات صلة باستضافة كأس العالم، على القيام بجهودٍ أكبر للوفاء بالمعايير الدولية المتعارف عليها لحقوق الإنسان».

وفيما يحاول نظام الدوحة إخفاء الأدلة الجنائية المتعلقة بهذا الملف، ودور الشركات الموردة للعمالة من دول المنشأ؛ سلط موقع «آي» (التابع لصحيفة إندبندنت البريطانية) الضوء على المزاعم التي تروجها قطر بخصوص وجود تحركات رسمية لمعالجة الانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الوافدة، ونقل موقع «آي» عن منظمة العفو الدولية أنها لا تزال تخشى أن يأتي عام 2022 ومئات الآلاف من العمال الموجودين في قطر لا يزالون يتعرضون للاستغلال، ويواجهون أوضاعًا مترديةً على صعيدَي العمل والإقامة.

حقوق
ويركز تقرير منظمة العفو الدولية على وضع أكثر من مليون عامل أجنبي (وافد) موجودين في قطر، بينهم من يعملون مباشرةً في البنية التحتية لكأس العالم 2022؛ حيث دعت المنظمة قطر إلى تعزيز القوانين الاجتماعية وتطبيقها، ورفع الحد الأدنى للأجور، فيما أكد المسؤول الحقوقي في بريطانيا ألان هوجارث، أنه «إذا كانت قطر رأت في كأس العالم وسيلةً تستخدم فيها الرياضة لغسيل سجلها الحقوقي الملطخ، فقد أتى ذلك بنتائج عكسية»، وأن «العالم بأسره يدرك الآن سجل قطر المروع في مجال انتهاك حقوق العمال».

وأمام استنفاد كل الوسائل والمطالبات الدولية مع الحكومة القطرية، من أجل وضع حد نهائي للانتهاكات التي تتم تحت سمع وبصر نظام الدوحة؛ شددت منظمة «العفو الدولية» على أن ظروف العمال الأجانب العاملين في المنشآت الرياضية القطرية التي ستستضيف مونديال 2022 «صعبة وقاسية»، وأن الدوحة «تتعمد مخالفة الوعود التي قطعتها على نفسها من أجل التصدي لعملية الاستغلال العمالي الواسع النطاق لآلاف العمال الأجانب»، وأن «العديد من العمال لا يزالون عالقين في ظروف قاسية».

تجاهل
وأكدت تحقيقات دولية أن «القواعد المعلنة التي يفترض أن تحمي العمال الأجانب -ومنها الحد من العمل خلال الساعات الأشد حرارةً أثناء النهار- لا تُطبق في الغالب»، وأن «مشغلي العمال لا يزالون يصادرون جوازات سفرهم؛ لمنعهم من المغادرة». يأتي هذا رغم توقيع أمير قطر تميم بن حمد (في أكتوبر 2015)، القانون رقم 21 لسنة 2015 الخاص بتصاريح الخروج وشهادات عدم الممانعة والكفالة، فضلًا عما تقوم به شركات حكومية وهندسية من تعنت ضد جموع العمال.

وقالت صحيفة «ستار تريبيون» الأمريكية، إن «أموال قطر تمارس تأثيرًا ضخمًا في كرة القدم، وإن قطر تسمح للشركات بأن تأخذ جوازات سفر العمالة الأجنبية، الذين يجب عليهم بعد ذلك الحصول على إذن لمغادرة البلاد. وفي هذه الأثناء، غالبًا ما يضطرون إلى العيش في ظروف سيئة، فيما يعملون بأجور منخفضة جدًّا. وإن الاتحاد الدولي لنقابات العمال توقع مصرع نحو 7000 عامل مهاجر في قطر قبل أن يبدأ كأس العالم».

وندد «جيم جيرتي» في مقاله المنشور في «ناشيونال ريفيو» بالدور المشبوه الذي يلعبه الفيفا، على صعيد تجاهل الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون في قطر، وعدم اتخاذ أي خطوات عملية وفعالة لمواجهتها، وقال ساخرًا: «علينا أن نُحيي الفيفا مرةً أخرى على تفانيه المطلق في خدمة الفساد؛ ما يُمَكِّنُه من غض الطرف عن ظروفٍ مثل هذه، التي يقاسي منها مئات الآلاف من العمال المهاجرين في قطر».

انتهاكات
وفي مواجهة الانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها الأغلبية من العمال الأجانب، تزايدت عمليات الهروب. ومع ما يرويه الهاربون من حكايات بشعة، اتسعت مساحة الرفض للعمل في قطر، والهند باتت دليلًا واضحًا في هذا الشأن؛ حيث فشلت مراكز الاستقدام في إقناع المزيد من العمال القادمين من المدن التقليدية الموردة للعمالة (دلهي – مومباي – كلكتا – تشينا – كوتشي - حيدر أباد).

وقال زعيم الاتحاد النرويجي لنقابات العمال هانز جابريلسن، ساخرًا: «إذا كنا سنلتزم الصمت لمدة دقيقة على كل حالة وفاة لعامل مهاجر في إنشاءات كأس العالم في قطر، فإن مباريات البطولة ستقام في صمت»، تأكيدًا لكثرة حالات الوفاة التي يتعرض لها الكثير من العمال المهاجرين، الذين صدقوا حملات الترويج القطرية، وذهبوا للمشاركة في تنفيذ الإنشاء الخاصة بالبنية التحية للبطولة.

وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، في واحد من تقاريرها النادرة ضد قطر  إن «ظروف العمل في قطر، خاصةً خلال الصيف، ستؤدي إلى إصابة العديد من العمال الوافدين بأمراض قاتلة، في ضوء الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها هؤلاء العمال»، وإن «المشكلة الأساسية المتعلقة بأوضاع العمالة الأجنبية في قطر تتمثل دائمًا في التطبيق والرقابة».

اعتراف
وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، قد أقرت بأن «قطر ترفض التحقيق في وفيات عمال منشآت كأس العالم»، واتهمت النظام الحاكم بـ«الامتناع عن توفير المعلومات الكافية» في هذا الشأن. وذكرت المنظمة الحقوقية الدولية أن الحكومة القطرية أعلنت وفاة المئات من العمال القادمين من بنجلاديش والهند ونيبال، مع الامتناع عن ذكر الأسباب الحقيقية للوفاة، مع الإشارة إلى «سكتات قلبية، وتوقف الجهاز التنفسي»، فيما اعتبرت المنظمة «هذه الأسباب خاوية ولا تكفي أبدًا، وتخفي الأسباب الحقيقية».

ودفعت هذه الممارسات اللا إنسانية، صحيفة «إل إيكونوميستا» الإسبانية، إلى وصف «كأس العالم في قطر بأنها أقذر عمل رياضي، بسبب مئات العمال، الذين يموتون ضحية ظروف العمل القاسية وغير الإنسانية، في بناء الملاعب والبنية التحتية لكأس العالم 2022»، وقالت إن «آلاف العمال من باكستان وبنجلاديش وكينيا والفلبين يعيشون في المقطورات خارج المدن، وإن قرار فيفا استضافة كأس العالم 2022 في قطر، سيكتب في التاريخ باعتباره واحدًا من أقذر أعمال كرة القدم»، وإن «هناك حالات من الفساد والكذب ترتبط بهذه البطولة».

تحذير
وحذرت المنظمة العربية الإفريقية لحقوق الإنسان، من استمرار الوضع المتدني للعمالة الوافدة، وقالت إن «الانتهاكات القطرية المستمرة التي يتعرض لها آلاف العمال الأجانب، قبيل انطلاق بطولة كأس العالم عام 2022؛ تعبر عن الاستغلال البشع الذي يمارسه النظام في ضوء الإقامة غير الآدمية، والظروف المعيشية الصعبة، وغياب الخدمات الأساسية التي يحتاجها العمال؛ ما يؤكد أن النظام القطري يضرب بعرض الحائط كل الحقوق الإنسانية، والاتفاقيات والمواثيق، ما يتطلب وقفة دولية».

وشككت مجلة «تشالنج» الاقتصادية الفرنسية في قدرة الدوحة على تنظيم مباريات مونديال 2022، كما شككت في إنجاح تلك الفعالية العالمية، في ظل التخوف من أزمة سوء أوضاع العمال الأجانب في قطر، خاصةً بعد تقدم عدة منظمات حقوقية بشكاوى تتهم فيها السلطات القطرية بالتعامل مع العمال بنظام «السخرة» و«العبودية»، وتسبب ظروف العمل السيئة والمجحفة في مقتل المئات الذين يصعب تقدير عددهم؛ لتعتيم ومراوغة السلطات القطرية حول أعداد الوفيات الحقيقية.

توثيق
ووثق التليفزيون السويسري (آر تي إس) معاناة ومآسي العمال الأجانب في قطر الذين يعملون في إنشاءات كأس العالم، مؤكدًا (خلال تحقيق مصور) أن «آلاف العمال القادمين من إفريقيا وآسيا يعملون في ظروف أقرب إلى العبودية»، وأن «قطر والشركات التي تتولى بناء منشآت كأس العالم، تحاول تصدير صورة مختلفة عما يحدث على أرض الواقع للعمال والظروف الصعبة التي يعملون فيها، من خلال بعض الفعاليات مثل بطولة كرة القدم للعمال»، معتبرًا أنها «صورة زائفة»؛ لكون «كثير من العمال الذين يشاركون، يدركون حجم المأساة التي يعيشون فيها».

وكشفت صحيفة «ديلي إكسبريس» النقاب عن ضغوط تمارسها حكومة رئيسة الحكومة تيريزا ماي، على النظام القطري لإجباره على احترام حقوق العمالة الوافدة، التي يقدر عددها بنحو مليوني شخص. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن بلاده تواصل ضغوطها على نظام تميم؛ لإرغامه على التحرك بشكل فعلي على طريق وضع حد للانتهاكات التي تطال العمال المهاجرين، مع تشكيل «قوة مهام» للتحقق من حسم ضمانات حقوق العمال في الفترة التحضيرية الخاصة بالمونديال.

وقال موقع «ثينك بروجرس» الأمريكي إن «الرشوة والعبودية إحدى أدوات قطر في سبيل طريقها للظفر بتنظيم كأس العالم 2022». وسلط الكاتب جيسون لينكينز الضوء على الممارسات العمالية في قطر من مراقبة وتضييق عبر حرمان ومنع العمال المهاجرين من أي وسيلة للتفاوض حول الأجور، ولفت إلى أن من يجدون أنفسهم يعملون في ظروف قاسية قد يجدون أنفسهم عالقين داخل حدود قطر، ولا خيار أمامهم سوى الحفاظ على عبوديتهم المستعصية.

معاناة
وعن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قطر بحق العمالة الوافدة في تنفيذ مشروعات وبناء ملاعب كأس العالم 2022؛ وثق المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، معاناة العمال المهاجرين في قطر، ونشر تقريرًا مبنيًّا على مقابلات مباشرة مع عشرات المتضررين من العمال المهاجرين الحاليين والسابقين، خاصةً في قطاعي التشييد والضيافة. ورغم صمت بعض العمال خوفًا من فقدان العمل، فإن الأغلبية تحدثت بوضوح عن الجوانب المتعددة للمعاناة الكارثية.

وأشار موقع «جازيتا» الروسي، في تقرير له، إلى أن 12 عاملًا يموتون أسبوعيًّا خلال بناء المرافق المخصصة لبطولة كأس العالم 2022 التي تستضيفها قطر، وأن حالات الوفاة تحدث بسبب ظروف العمل القاسية التي يتعرض لها العمال؛ لكونهم يؤدون عملهم في درجة حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، كما يعانون من ظروف معيشة «رهيبة»، وبعضهم من جمهورية نيبال استطاعوا الفرار إلى قنصلية بلادهم وعادوا إلى وطنهم، لافتًا إلى أن السلطات القطرية سحبت منهم وثائقهم ولم تدفع لهم مستحقاتهم.

هجوم
وهاجم تقرير مطول نشرته النسخة الفرنسية من موقع «هافنجتون بوست» الأمريكي، النظام القطري بشأن انتهاكات حقوق العمال بمنشآت كأس العالم، من خلال المعلومات التي أوردها كل من ريتشارد بوجيج، وبيير روندو (مؤلفا كتاب «كرة القدم سوف تنفجر») معتبرين أن مقاطعة الدوحة ستصبح الاستراتيجية الوحيدة الممكنة والنهج الوحيد الموثوق به إذا لم تقرر قطر إصلاح نظامها إصلاحًا جذريًّا.

وتساءل الكاتبان: «كم من الجدل يستلزم الأمر كي تُفتح بصيرتنا نحو كأس العالم 2022 في قطر؟!». وعاودا سؤالهما المثير بالقول: «إلى أين يتحتم علينا أن نصل؟! ألم تكن أعداد الموتى كافية؟! وكذلك الفضائح وما تم اكتشافه، ألم يحرك ذلك ساكنًا؟! وما الذي تحسن خلال السنوات الثمانية الماضية؟! هل بذلت قطر أدنى جهدٍ من أجل إعادة تحسين صورتها وسمعتها؟! وما الذي قد نفعله في السنوات المقبلة حينما سيتعلق الأمر بالتصفيق لفريقها المفضل؟! وكيف سيكون بوسع فرنسا القدوم دون خجل أو ندم للدفاع عن لقبها بعد النصر الرائع لعام 2018؟!».
 

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa